اللقاء الخماسي يواصل نقاشاته كي لا يتكرّر عهد عون
وتقول مصادر مطّلعة على نقاشات فرنسية داخلية إن التطورات الأخيرة بين الدول العربية وسوريا أثارت قلقاً أوروبياً وفرنسياً، من شأنه أن ينعكس على الرؤية الفرنسية – الأوروبية وضغطاً للرأي العام على قرار الإدارة الفرنسية. إذ إن انطلاقة التسوية قبل أشهر تختلف عن خوض معركتها في ظلّ التبدّلات الإقليمية، إضافة الى أن الضمانات التي تقول باريس إنها مطلوبة من فرنجية، يفترض أن تكون مطلوبة من السعودية وواشنطن بأنهما لن تكرّرا ما جرى مع انتخاب الرئيس ميشال عون، وتتكرّر تجربة التعثّر في معالجة الملفات المالية والاقتصادية والسياسية نتيجة الأزمة الداخلية التي ستنتج من انتخاب طرف يمثّل فريقاً سياسياً ضدّ فريق آخر. وبما أن باريس لم تحصل على هذه الضمانات، فإنّ التسوية، حتى ولو مرّت عبر البرلمان اللبناني، توازي فشل المبادرة برمّتها، ما يشكل لباريس قلقاً إضافياً، ولا سيّما أن التسوية أصبحت محور نقاشات الدول الخمس التي تتقدّم خطوات في مرحلة جسّ النبض حول مواصفات أكثر قابلية للترجمة العملية.
اما لجهة الرياض، فإنّ المعارضة تملك ورقة واحدة تعوّل عليها، وهي أن الموقف السعودي لم يتغيّر. وكل ما ينقل عن السفير السعودي وليد البخاري يمثّل، بالنسبة إليها، استكمالاً، لا نقضاً، للموقف السعودي الذي تبلّغته باريس ومعها قوى المعارضة بأنّ الرياض غير معنيّة بكل ما يطرح من تسويات، وما ينتج لبنانياً فليكن ثمنه من جيب اللبنانيين الذين أنتجوا التسوية. أما تفسيرات الكلام السعودي في بيروت فتأخذ وجوهاً أخرى. إذ كيف يمكن للسعودية أن تخوض حرب مواجهة ضدّ أيّ طرف في ظلّ عدم خوض إيران حرباً لمصلحة الطرف الذي يرشّحه الثنائي الشيعي. ففي مرحلة التواصل السعودي – الإيراني، لن تذهب الرياض الى خوض مواجهة مع طهران، التي لا تخوض المعركة الرئاسية باسم واضح وعلني، بل تتركها ضمن الإطار اللبناني عبر حلفائها. وفي الانتظار، لا يمكن وضع الرياض في خانة الانقلاب على مواقفها منذ أشهر. وما تبلّغته المعارضة لا ينسجم مع حجم التفسيرات التي تعطى للموقف السعودي.
تعويل المعارضة على تغيّر فرنسي تدريجي، وثبات سعودي، وضغط أميركي في تصاعد لافت تجاه احتمال انتخاب فرنجية، يقابله ضغط داعمي مرشّح الثنائي في اتجاهات خارجية ومحلية. ما كان يعوّل عليه في التحرك الخارجي فرنسياً لا يزال متقدماً، لأنّ ثمّة رهاناً على أنّ حركة المعترضين فرنسياً لن تصل الى الموقع المطلوب، بل إن الحياد السعودي قد يعطي مؤيّدي التسوية دفعاً للضغط أكثر من أجل إنجازها، وليس من السهولة تسليم إدارة ماكرون بأوراقها، في ظل تقاطع مصالح أمنية واقتصادية في لبنان. أما محلياً، فالرهان على تحقيق عدد الأصوات أخذ في الساعات الأخيرة تفسيرات تعوّل على أصوات سنّية قريبة من السعودية نتيجة جولة البخاري، إضافة الى استمرار الضغط على الحزب التقدمي الاشتراكي لتبديل موقفه. لكنّ الرهان الأهم يبقى في الموقع المسيحي لدى التيار الوطني الحر. التلويح بورقة باسيل يأخذ حيّزاً أكبر في قلب المعادلة الداخلية، لمصلحة فرنجية. حتى الآن يقف باسيل معانداً، لكنّ الثنائي يراهن على تبدّل موقفه، والمعارضة متوجّسة منه. وعلى هذا الموقف، قد يبنى الكثير من الآن وصاعداً، إذا ما تمكّن فريق التسوية من إقناعه بأنّ عهد عون سيتكرّر لجهة تأمين مصالح التيار واستمراريّته وحضوره.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook