آخر الأخبارأخبار دولية

إعدامات علنية وتعذيب في الساحات العامة.. “عادت طالبان لعادتها القديمة”


نشرت في: 06/04/2023 – 11:27

في دليل جديد على العقوبات التي تنفذها سلطات حركة طالبان في الساحات العامة، تم إجبار رجلين على ارتداء “الشادور” وهو لباس يغطي كامل الجسد أشبه بالحجاب ترتديه النساء عادة في البلاد كشكل من أشكال “الإهانة” العلنية. ولكن أساليب عقابية أخرى تلجأ إليها حكومة طالبان كانت أكثر عنفا بأشواط، بينها الجلد والإعدام في الساحات العامة. فيما وثق ناشطون أفغان عشرات العقوبات العلنية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، مع مقاطع فيديو شحيحة عنها، إذ لا يوجد سوى مقطعين مصورين يكشفان عن هذه العقوبات الوحشية.

تظهر اللقطات المصورة رجلين يقفان في ساحة بالعاصمة الأفغانية كابول على منصة عالية حتى يتمكن كل المارة من المكان من مشاهدتهما. وقد تم اتهام الرجلين بالسرقة من طرف محكمة لسلطات حركة طالبان قررت معاقبتهما من خلال “إهانتهما” وذلك عبر إجبارهما على ارتداء لباس نساء، بلد يقول عنه معهد جورج تاون للدفاع عن المرأة والسلام والأمن “Georgetown Institute for Women, Peace and Security” إنه أسوأ مكان للنساء في العالم.


مقطع فيديو نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها تيك توك وإنستاغرام وفيس بوك في 16 آذار/ مارس 2023 ويظهر رجلين يرتديان لباس الشادور النسائي في العاصمة الأفغانية كابول.

“إنهم يريدون أن يقولوا إن هذين الرجلين ضعيفان ومثيران للشفقة”

هدى خموش، هي ناشطة أفغانية للدفاع عن حقوق الإنسان أجبرت على الفرار من بلدها في سنة 2021 بعد أن عادت حركة طالبان إلى السلطة، تقول موضحة:

في أعين أعضاء حركة طالبان، فإن المرأة هي رمز للعنف والضعف والنقص. دور المرأة يقتصر في نظرهم على الطبخ لأزواجهم وتربية الأطفال. وهو ما يعني أن ارتداء لباس النساء هي إهانة غير مقبولة لأي رجل. إنهم يريدون أن يقولوا إن هذين الرجلين ضعيفان ومثيران للشفقة ولا يستحقان أن يكونا رجالا، إنهما من النساء.

إنه من المفارقة أيضا أن يقوم رجال الحركة الانتحاريون بنفس الشيء إذ يرتدون لباس الشادور النسائي بهدف إبعاد الشبهات عنهم قبل تفجير عبواتهم الناسفة [فريق التحرير: خلال الهجمات التي نفذت بين سنة 2001، أي عندما تم إسقاط حركة طالبان من الحكم بعد الغزو الأمريكي، وسنة 2021 عندما عادت الحركة إلى حكم البلاد].

على حد ذاكرتي، إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها سلطات حركة طالبان هذا الشكل من “العقوبات” بحق المجرمين، لكنها لجأت إلى عقوبات أكبر وقعا منذ شهر آب/أغسطس 2021. إذ لا يسمح للنساء الخروج إلى الشارع لوحدهن، إذ يجب عليهم أن يكن مصحوبات برجل بالغ من أقاربهن، لا يحق لهن أيضا الذهاب إلى المدارس ولا يحق لهن العمل، وفي بعض الحالات تم إجبار نساء مطلقات على العودة إلى أزواجهن السابقين.

والأنكى من كل ذلك، هو تعرض النساء للجلد والتعذيب في الساحات العامة تماما مثل ما كان عليه الحال في تسعينيات القرن الماضي.

ومن بين أكثر العقوبات وحشية لحقبة حكم طالبان في أفغانستان خلال تسعينيات القرن العشرين، مقاطع فيديو تكشف عن عمليات رجم وإعدام علنية لرجال ونساء في الملاعب في كل أنحاء البلاد. مثل هذه المقاطع المصورة تسببت في صدمة حول العالم وألقت الضوء على أساليب حركة طالبان.

عندما أطلقت الولايات المتحدة غزوها لأفغانستان في سنة 2001، تم إسقاط حركة طالبان من الحكم وتوقفت العقوبات العلنية لفترة قصيرة، ولكن بعد بضع سنوات، أي عندما عادت طالبان للسيطرة على بعض الأراضي، عادت عمليات الرجم والإعدام والجلد للظهور في بعض المناطق الريفية على الرغم من الدعم الأمريكي الكبير لحكومة كابول.

بعد سنوات من المفاوضات بين حركة طالبان ومسؤولين دبلوماسيين أمريكيين، انسحبت الولايات من أفغانستان وعادت الحركة إلى السلطة في آب/أغسطس 2021. ومنذ ذلك الحين، بدأت الحركة الأصولية بالعودة إلى ممارساتها القديمة.

في شهر أيلول/سبتمبر 2021، علقت حركة طالبان جثث أربعة رجال متهمين بارتكاب اختطاف في أحد أهم ساحات مدينة هرات في غرب أفغانستان.

وحسب  منظمة “أفغان ويتنس Afghan Witness”، وهي تنسيقية غير حكومية تعنى بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها طالبان، فإن الحركة نفذت ما لا يقل عن 36 عقوبة علنية في أفغانستان بين شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022 وآذار/مارس 2023. ووثقت المجموعة إعدامات علنية وعقوبات جلد في الساحات العامة أمرت بها محاكم الحركة. ويقدر عدد ضحايا هذه العقوبات بأكثر من 200 شخص.


في 17 كانون الثاني/ يناير 2023، في مدينة قندهار التي تعد المعقل التاريخي لحركة طالبان في جنوب أفغانستان، قام أفراد من الحركة بجلد عشرة رجال بعد اتهامهم بالزنا والسرقة.

“الضحايا هم في بعض الأحيان من أعضاء مجموعات مقاومة ضد طالبان… وفي معظم الحالات هم أناس عاديون متهمون بالسرقة والاتجار بالمخدرات والزنا”

مختار ويافي من أصل أفغاني ولكنه يعيش اليوم خارج البلاد. ويعد أحد الخبراء في ممارسات حركة طالبان ويروي قائلا:

عندما سيطرت حركة طالبان على أراضي واسعة في أفغانستان خلال سنة 2020، بدأت بارتكاب أفعال مروعة طريقة عشوائية في أنحاء متفرقة من البلاد. ولكن تم إيقاف هذه العمليات سريعا من قبل القيادة العليا للحركة. ذلك لا يعني أن أعضاءها توقفوا عن تعذيب أو قتل الناس ولكنهم كانوا يقومون بذلك بعيدا عن الأنظار ودون إثارة جلبة قدر المستطاع.

خلال سنوات من المفاوضات مع المسؤولين الأمريكية في العاصمة القطرية الدوحة، قدمت قيادة الحركة وعودا باحترام مواثيق حقوق الإنسان والقوانين والمعاهدات التي صادقت عليها حكومة أفغانستان السابقة.

ولكن بعد مرور عام فقط، عندما أيقنوا أن المجمع الدولي لا يملك رغبة في الاعتراف بهم كقادة شرعيين وأصحاب سيادة على أفغانستان، عادوا إلى ممارساتهم القديمة [فريق التحرير: على الرغم من وجود بعض العلاقات الدبلوماسية بعد عدد من الدول وحكومة طالبان، فإنه لا توجد أية دولة اعتراف بالحركة كحاكم شرعي لأفغانستان].

في كل الأحوال، إن قادة حركة طالبان متطرفون ولكن جزءا منهم خصوصا الذين كانوا مقيمين في الدوحة لعدة أعوام وأشرفوا على المفاوضات مع واشنطن يريدون إما الحد أو على الأقل إخفاء وحشية ممارسات طالبان بأكثر حد ممكن حتى تحصل الحركة على اعتراف دولي بنظامها. ولكن بعد أشهر من عدم النجاح في تحقيق هذا الهدف، فإن صقور الحركة وهو الأكثر نفوذا داخلها، بمن فيهم زعيمها الملا هبة الله أخون زاده، فقدوا صبرهم.

في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أصدر الملا هبة الله أخون زادة أمرا يقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية في أفغانستان بما فيها تنفيذ الإعدام وإقامة “الحدود” [فريق التحرير: مصطلح إسلامي لتعذيب مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم في الساحات العامة]. وقد جاء ذلك في خضم تزايد حالات التعذيب وعمليات الإعدام العلنية.

في 7 كانون الأول/ديسمبر 2022، تم إعدام رجل علنا في ملعب بمدينة فرح بحضور مسؤول رفيع المستوى من حركة طالبان.

كان الضحايا في بعض الأحيان من أعضاء مجموعات مقاومة لطالبان، في بعض الأحيان تم إعدام أفراد من جماعات معادية لطالبان على غرار منتمين إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، ولكن في كثير من الأحيان، تعلق الأمر بأناس عاديين وجهت لهم اتهاما بالسرقة أو تجارة المخدرات أو الزنا.

وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا في شهر آذار/مارس 2023 دعت فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى التصدي لتدهور وضع حقوق الإنسان في أفغانستان.

“منذ استحواذ حركة طالبان على السلطة في البلاد في آب/أغسطس 2021، انتهكت الحركة حقوق المرأة البنان في الدراسة والعمل وحرية الحركة وأنهت العمل بنظام الحماية والدعم للنسوة اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي، واعتقلت نساء وبنات بسبب مخالفات بسيطة في إطار قوانين تمييزية بحقهن وساهمت في زيادة معدلات زواج الأطفال والزواج المبكر والقسري في أفغانستان”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى