آخر الأخبارأخبار محلية

تجاذب عوني-قواتي بشأنها.. هل تقع لقاءات بكركي في فخّ المزايدات؟!

صحيح أنّ الحوار المسيحي حول “وثيقة بكركي” اقتصر حتى الآن على لقاءٍ بدا “يتيمًا”، وقاطعه تيار “المردة”، لكنّ أيّ إعلان عن توقّفه أو تجميده لم يحصل، بل إنّ ما يتمّ تداوله هو أنّ لقاءات جديدة ستُجدوَل بعد الأعياد لاستكمال البحث ببنود الوثيقة التي سُرّبت مسودّتها، وأنّ ما يؤخّر انعقادها لم تكن سوى “إجازة الأعياد”، ولا سيما عطلة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي.

Advertisement










 
لكنّ هذه “الفرصة” التي منحتها عطلة الأعياد للحوار المسيحي لم تَبدُ في صالحه، بل على العكس من ذلك، فتحت الباب أمام “تجاذب متجدّد” بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، حول جوهر الحوار القائم، بدأه رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، بترجيحه أن تكون لقاءات بكركي مجرّد “طبخة بحص”، مشيرًا إلى أنّه لا يستشرف أيّ “جدوى” منها، بل واضعًا مشاركته فيها في خانة “من أجل الكنيسة”.
 
سرعان ما ردّ “التيار” على جعجع، ولو من دون تسميته، وذلك في البيان الذي أصدره بعد الاجتماع الدوري لتكتل “لبنان القوي”، حيث لم يكرّر تأييده للحوار المسيحي فحسب، بل استهجن أيضًا الكلام الذي يشكّك بجدوى الحوار، “لما فيه من إساءة للبطريركية المارونية، وللأفرقاء المشاركين، وللقضايا الوجودية”، وفق تعبيره، فهل سقطت لقاءات بكركي عمليًا في فخّ “المزايدات” بشكل أو بآخر، وهو ما يُخشى أن يؤدّي إلى إجهاضها مرّة أخرى؟!
 
“التيار” على انفتاحه؟!
 
بالنسبة إلى “التيار الوطني الحر”، فإنّ الحوار المسيحي لم ينتهِ، بل لا يمكن أن ينتهي، لأنّه أكثر من حاجة وضرورة في ظلّ الظروف الحاليّة، خصوصًا على مستوى الدور المسيحي والشراكة في الدولة، وهي الأمور التي ركّز عليها البطريرك الماروني بشارة الراعي أساسًا في عظة عيد الفصح، والتي يفترض أن تعني جميع القوى المسيحية والوطنية، ولا سيما أنّ البلد يقوم على أساس هذه الشراكة، التي لا يجوز التغاضي عنها بأيّ حال من الأحوال.
 
تؤكد أوساط “التيار” أنّ الأخير يريد أن ينجح هذا الحوار، وهو يسعى لذلك، وبالتالي فلا يمكنه التفريط به، ولا التشكيك بجدواه، علمًا أنّ مطلب “التيار” الذي طرحه الوزير السابق جبران باسيل كان الذهاب إلى حوار على أعلى المستويات، بين الأقطاب أنفسهم، لمناقشة مختلف القضايا الوجوديّة والإشكالية، إلا أنّ الحوار القائم حاليًا يبقى “أفضل الممكن” في الوقت الحاليّ، وبالنظر إلى تحفّظات واعتراضات بعض القوى.
 
ومن هنا، تشدّد أوساط “التيار” على أنّ أيّ مواقف رافضة للحوار، أو مشكّكة بجدواه، تشكّل “إساءة” للبطريركية المارونية، بل للقضايا الوجودية المطروحة على جدول أعمال الحوار، مشيرة إلى أنّها تستغرب موقف رئيس حزب “القوات” في هذا الصدد، ولا سيما أنّ الأخير يطرح نفسه “حاميًا للمسيحيّين”، وهو ما لا يعكسه موقفه الأخير، كما أداؤه في ملف الانتخابات الرئاسية، وهو الرافض لأيّ تفاهم يفضي إلى انتخاب رئيس.
 
“القوات”: المشكلة في باسيل!
 
في المقابل، يرفض المحسوبون على “القوات” التعليق على كلام أوساط “التيار”، المتناغم مع ما جاء في بيان اجتماع تكتل “لبنان القوي”، والذي يضعه هؤلاء في خانة “المزايدات المسيحية” التي يحاول الوزير السابق جبران باسيل أن “يقرع بابها”، لعلّها تنجح في منحه بعضًا من الحيثية والهيبة التي فقدها في الآونة الأخيرة، مشدّدين على أنّ “القوات” ليست من غلّبت مصالحها الشخصية على قضايا المسيحيين، حتى تكون “المتهَمة” بالإساءة لهم.
 
يشير المؤيدون لوجهة نظر “القوات” إلى أنّ رئيس الحزب لم يقل إنّه لا يؤمن بالحوار المسيحي أو يرفضه، ولكنّ كلّ ما قاله إنّه يشكّك بجدواه، وذلك لأنّه يعتبر أنّ المشكلة تكمن في باسيل تحديدًا، وذلك استنادًا إلى التجربة “المُرّة” معه منذ أيام تفاهم معراب الذي ضربه بعرض الحائط، وصولاً إلى “التقاطع” الذي حصل أخيرًا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، والذي لا يتوانى باسيل عن إظهار استعداده “للانقلاب عليه” في أيّ لحظة.
 
يقول هؤلاء إنّ الجلسة الأولى التي عقدت في بكركي تحت عنوان “الحوار المسيحي” أظهرت بوضوح أنّ شيئًا في الأداء لم يتغيّر، وهو ما تجلّى في النقاش حول سلاح “حزب الله”، وهو الأمر الذي أكّد المؤكّد، أنّ “انعطافة” باسيل لم تكن سوى رفضًا لترشيح الحزب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وأنّه لن يتردّد في العودة إلى “أحضان الحزب”، بمجرّد تخلي الأخير عن فرنجية، الأمر الذي يفرغ الحوار أساسًا من مضمونه، برأي هؤلاء.
 
بمعزل عن استمرار لقاءات بكركي أو لا، فإنّ الثابت وفق العارفين أنّ صراع “القوات” و”التيار” يشكّل في مكانٍ ما، أحد أوجه “الأزمة” التي يواجهها المسيحيون. فإذا كان خلافهما “أمرًا ديمقراطيًا”، قد يمثّل “نعمة” لا “نقمة” في السياق العام، فإن المشكلة الجوهرية تبقى في عدم قدرتهما على تجاوز الخلافات من أجل ما توصف بالقضايا الوجودية، ولو طال أمد الفراغ الرئاسي مثلاً لأشهر، بل لسنوات طويلة!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى