آخر الأخبارأخبار محلية

الإنتخابات النيابية أولوية وفوق كل الإعتبارات

لا شك في أن إنكفاء الرئيس سعد الحريري عن الساحة السياسية وقراره بعدم الترشّح للإنتخابات النيابية قد أربك الجميع، بمن فيهم الحلفاء والخصوم. وهذه الخطوة غير المسبوقة في العمل السياسي دفعت الكثيرين إلى الذهاب في تحليلاتهم بعيدًا، وجعلتهم يعتقدون أن كفة الإنتخابات تميل إلى عدم إجرائها، خصوصًا أن هذا الجو ترافق مع بعض النظريات التي تقول بعدم ميثاقية هذه الإنتخابات في حال قاطع أهل السنّة هذه الإنتخابات. إلاّ أن كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في السراي وبعد صلاة الجمعة جاء ليضع حدًّا لكل هذه المغالطات والإجتهادات غير المنطقية، فأكد أن لا دعوة إلى مقاطعة هذه الإنتخابات التي ستحصل في موعدها في أيار، وأن لا شيء يبرّر عدم حصولها أو تأجيلها، مع ما لهذين الأمرين من مخاطر جمّة على وضعية لبنان، الذي يكفيه ما يعانيه من إنهيار إقتصادي ومالي وإجتماعي. 

وفي الإعتقاد السائد لدى أغلبية المتعاطين بالشأن الإنتخابي، حتى الذين يعرفون مسبقًا نتائجها، التي ربما لن تكون على مستوى ما يطمحون إليه، أن عدم حصول الإنتخابات النيابية في أيار المقبل، بشقيّها الإغترابي والداخلي، يعني دخول لبنان في نفق أكثر قتامة من النفق الذي هو فيه في الوقت الحاضر، لأن اللبنانيين، بمختلف فئاتهم وطوائفهم وإنتماءاتهم السياسية والمناطقية يعّولون على هذه الإنتخابات كثيرًا، لأنهم يؤمنون، وبصدق، أنها من الممكن أن تكون بداية التغيير في السلوكيات السياسية وفي الذهنيات المسيطرة على المشهدية السياسية منذ عقود. 

فهذا الأمل المتبقي، والذي يبدو حتى الساعة الوحيد في غياب أي مؤشرات أخرى، لا يمكن التفريط به أيًّا تكن الإعتبارات، لأن هذه الإنتخابات هي فوق كل الإعتبارات وما دونها تبقى تفاصيل لا يُعتدّ بها، مع الإشارة إلى ما يُبذل من جهود على أكثر من صعيد، وبالأخصّ في ما يتعلق أولًا بمناقشة الموازنة بمسؤولية وجدّية، وبالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي ثانيًا، وما يمكن التوصّل إليه من نتائج قد تتبلور تباعًا ومع تقدّم هذه المفاوضات، مع التأكيد بأن رئيس الوفد الدولي يبدي تجاوبًا لافتًا مع طروحات الوفد اللبناني.

أمّا في حال لم تُجرَ الإنتخابات النيابية في موعدها المحدّد فإن هناك مخاوف كثيرة من إحتمال دخول لبنان في لعبة أكبر من قدراته وتتخطّى حدوده الجغرافية، خصوصًا أن المجتمع الدولي غير متحمّس كثيرًا للإنغماس في الوحول اللبنانية، بإعتبار أن لبنان ليس أولوية في أجنداتهم الإقليمية. إلاّ أن الزيارة التي سيقوم بها وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بول غالاغير تأتي في سياق الإهتمام الذي يبديه البابا فرنسيس بهذا البلد، الذي يرى فيه ما لا يراه الآخرون، بالنسبة إلى دوره في محيطه أولًا، وبالنسبة إلى ما يشكّله من تجربة حضارية يُفترض تعميمها والإقتداء بها، كنموذج لا مثيل له في العالم، من حيث تعايش مختلف المذاهب مع بعضها البعض، مع ما تجسّده من قيم مشتركة، مع إحتفاظ كل مذهب وكل طائفة من هذه الطوائف بخصوصيتها وفرادتها، وهذا ما يجعل من النموذج اللبناني مثالًا يجب أن يُحتذى به. 

ومن بين الرسائل البابوية الكثيرة التي يحملها الكاردينال غلاغير إلى اللبنانيين واحدة، وقد تكون الأساس في تحرّك الفاتيكان في الوقت الحالي، وهي ضرورة الإقبال على الإنتخابات النيابية بكثافة غير مسبوقة، ومن قبل الجميع من دون إستثناء، وذلك كمدخل إلزامي للتغيير من الداخل.   

 

المصدر:
لبنان 24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى