آخر الأخبارأخبار محلية

علامَ يراهن المنتظرون؟ وهل ستبقى الأزمة مفتوحة حتى تعود سوريا؟

كتب ابراهيم الامين في” الاخبار”: في سياق المناقشات التي جرت بين حزب الله والتيار الوطني الحر حول الملف الرئاسي، أثار النائب جبران باسيل مسألة بناء الدولة. وهو مهّد لها بمراجعة أسباب فشل عهد الرئيس ميشال عون، سواء بسبب أخطاء ارتكبت من قبله، أو بسبب الحرب التي شنّتها إدارة الرئيس دونالد ترامب عليه، واستكملتها الإدارة الحالية بحصار هدفه التضييق على حزب الله. ويرى التيار أن طبيعة الأزمة القائمة اليوم تفترض البحث عن صيغة تحقق ثلاثة أهداف دفعة واحدة:

Advertisement

الأول، الحفاظ على التمثيل المسيحي انطلاقاً من قوته الحقيقية، وليس برافعة من القوى الإسلامية النافذة. وهو، في هذه النقطة، يرى أن فرنجية لا يعكس التمثيل الحقيقي، وإن كان لا ينفي عن الرجل تمثيله.
الثاني، توفير الضمانات الحقيقية، لا اللفظية، التي تحتاج إليها المقاومة في هذه المرحلة وما بعدها، وخصوصاً أن التيار يفهم جيداً أن حزب الله لا يريد تكرار تجربة ميشال سليمان تحت أي ظرف.
الثالث، القدرة على إقناع العرب والغرب بفك الحصار عن لبنان، والدخول في برنامج دعم، يفترض حكماً أن يكون لبنان خارج الصراعات الكبيرة في المنطقة. وهو أمر يحتاج ضمناً الى موافقة خارجية على المرشح المقصود.
في هذا السياق، يفترض التيار أن التسوية، بجانبَيها الداخلي والخارجي، ستفرض صيغة ومواصفات، وعندها ينتقل النقاش الى اسم الشخص. وفي هذه النقطة، لا يشير التيار الى أشخاص يثق هو، و/أو يضمن أنهم قادرون على تحقيق هذه الشروط. لكنه يفترض أن الحوار يجب أن يتركّز على هذه الأمور، لا حصر البحث في الاسم، لئلّا نبقى في مربع الاشتباك القائم حالياً.
حزب الله نفسه، الذي ناقش رئيس التيار جبران باسيل طويلاً، لا يرى أن الأمور تستقيم على هذا النحو فقط. إذ يجب الأخذ في الحسبان أن المعركة اليوم ليست على إصلاحات جذرية في بنية الدولة، وأن ما يجري يؤكد أن معظم القوى المؤثّرة داخلياً لا تخوض معركة التغيير الشامل، بل يرى أن الصراع في المنطقة لا يقود الى تقدير بأن الانفراجات قريبة، لا لجهة وقف التدخل الغربي في لبنان أو فك الحصار عنه، ولا الى تغيّر منطق الابتزاز الذي تقوده السعودية ضد اللبنانيين. وبالتالي، ينظر حزب الله الى المسألة من زاوية ضمان الاستقرار السياسي العام، وذلك من خلال شخصية تحظى بشرعية أصلية، وبمقبولية معقولة عند المسيحيين، وبدعم غالبية إسلامية واضحة، ويمكنها أن تكون على وئام مع الخارج. وعندما يشار الى فرنجية، وموقف الخارج منه، يذكّر حزب الله محاوريه بأن الأخير حصل عام 2015 على موافقة الخارج عندما اتصل الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند بفرنجية، مهنّئاً قبل حصول الانتخابات. وحتى السعودية نفسها لم يكن موقفها آنذاك حادّاً كما هو اليوم، أما الولايات المتحدة فكانت تبحث عن أي مخرج يقيها شرّ وصول ميشال عون الى القصر الجمهوري. لذلك، يدافع حزب الله عن ترشيح فرنجية، وإن كان الحزب – من أعلى الهرم فيه – لا ينفي صوابية النقاش الذي طرحه باسيل. لكن هنا يقع صراع الأولويات!
محصلة هذا النقاش هي أنّ أيّ قوة داخلية أو خارجية يمكنها، بحسابات معينة، إيصال رئيس من دون الحصول على موافقة الطرف الآخر. لكن ذلك يعني أننا سنكون أمام مشكلة كبيرة، ما يقودنا اليوم الى المعادلة الواضحة:ترشيح جوزيف عون مرفوض من أكثرية وازنة في المجلس النيابي، لكنه يحظى بدعم أكثرية وازنة في الخارج. وفي حال فرض على لبنان مع ترغيب بالدعم والمساعدات، فهذا لن ينفع في منع الصدام الكبير، لأن الخارج يريد من قائد الجيش ما لا يمكن تحصيله إلا بحرب أهلية أو ديكتاتورية غير ممكنة في هذا البلد.
أما ترشيح فرنجية فيحظى بدعم مسيحي محدود، لكن بدعم إسلامي كبير، يمكن أن يتوسع سريعاً إن انضمّ وليد جنبلاط إلى نادي الداعمين له، وجنبلاط لا يرفض فرنجية، لكنه لن يقدم على خطوة كهذه من دون موافقة سعودية، لأنه لا يريد أن يُنبذ سعودياً وخليجياً كما هي حال سعد الحريري. لكن إيصال فرنجية إلى بعبدا يحتاج الى معركة نيابية كبيرة، وقد يتمكّن الثنائي من توفير الأصوات الكافية. لكن، كيف يمكن أن يحكم إذا تزامن انتخابه مع رفض خارجي وتشديد المقاطعة العربية (اقرأ: السعودية) ومعارضة داخلية قاسية؟
هذا ما يعيدنا الى العقدة. وهنا، لا مجال للتبصير أو الضرب في الرمل. هناك ثغرة وحيدة قد تفرض متغيّرات كبيرة، وهي ترتبط بتحوّل أكبر على صعيد الوضع في الإقليم، يسمح بذهاب سوريا إلى تسوية تستعيد فيها موقعها العربي المؤثّر، ما يؤدي الى فتح الباب أمام نقاش أكثر جدية حول لبنان… غير ذلك، علينا أن نعيش على رقصة الموت …


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى