آخر الأخبارأخبار محلية

مّن يعبئ هذا الفراغ القاتل؟

ما أن حان وقت طرح اقتراح قانون التمديد لقائد الجيش ولسائر القيادات الأمنية في جلسة “تشريع الضرورة”، والتي حضرها نواب كتلة “الجمهورية” القوية للمرّة الأولى، حتى انسحب نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” من القاعة العامة لمجلس النواب، مع علمهم المسبق أن انسحابهم لن يُفقد الجلسة نصابها القانوني، لأنهم كانوا يعرفون أن نواب كتلة حزب الكتائب، وعددا من النواب المستقلين والتغييريين، الذين كانوا مرابضين على “بلكون” القاعة سينضمّون إلى الجلسة لتأمين نصابها القانوني. 

Advertisement

فهذا “الانسحاب التكتيكي” من معركة التمديد لا يعني بالضرورة أن “حزب الله” هو ضد هذا القرار الوطني. والدليل أن نواب كتلة “التنمية والتحرير”، ونواب كتلة “تيار المردة” وعددا من النواب المحسوبين سياسيًا على “الحزب” كالياس أبو صعب وفيصل كرامي وجميل السيد وجهاد الصمد لم ينسحبوا من الجلسة كما كانوا يفعلون بعد الدورة الأولى من جلسات الانتخابات الرئاسية الاثنتي عشرة. وقد لعب الرئيس نبيه بري دورًا بارزًا في “تدوير” زوايا هذا التمديد، وهذا ما اعترف به نواب “القوات”، وقد طالبه الدكتور سمير جعجع بأن “يكفي معروفه” ويدعو إلى جلسة رئاسية تكون شبيهة لجلسة التمديد. 
انسحاب نواب “حزب الله” من جلسة التمديد قد يكون جاء كرمى لعيون رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وذلك حتى لا يشعر بأنه متروك وحيدًا يغرّد خارج سرب من رأى في هذا التمديد مصلحة عليا للبنان، من خلال الحفاظ أولًا على التماسك داخل المؤسسة العسكرية، وثانيًا على إبقاء عناصره في جهوزية لما هو مطلوب منهم من مهمات مستقبلية لها علاقة بالأمن القومي والاستقرار الداخلي  في ظل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بضرب لبنان وبناه التحتية، وفي ظل العمليات التي ينفذّها “حزب الله” على طول جبهات القتال من الناقورة إلى جبل الشيخ، وما يمكن أن يكون لها أثر على الوضع الداخلي بشقيه السياسي والأمني. 
وعلى رغم أن لبنان السياسي قد تمكّن في جلسة التمديد من تجاوز “قطوع” إيقاع مؤسسة الجيش بهرميتها التسلسلية في فراغ يعتقد كثيرون، وخلافًا لما يرتأيه باسيل، أنه كان من شأنه تهديد وحدة الجيش، وتكرار تجربة انقسامه إلى ألوية طائفية في زمن الحرب العبثية، فإن ما تحقّق في 15 كانون الأول، وقبل عشرين يومًا من انتهاء خدمة العماد جوزاف عون في المؤسسة، التي التزم خلالها بما يمليه عليه قسمه العسكري من واجب التضحية والوفاء والشرف بأبهى وجوهها، لا يمكن أن يتكرّر بعد سنة من الآن، وستدخل البلاد من جديد في أزمة دستورية على مستوى القيادات الأمنية، إن لم تكن القوى السياسية قد توصلت إلى الحدّ الأدنى من التوافق على شخص الرئيس العتيد للجمهورية. 
فإذا لم يُملأ هذا الفراغ اليوم قبل الغد فإن أي إجراء مهما كان مهمًّا يبقى محصورًا في مكانه وزمانه، وسيبقى الوضع على ما عليه، مع التنويه الكامل بما قام به مجلس النواب حين مدّد لقادة الأجهزة، التي سيتفيد منه في المدى المنظور كل من العماد عون واللواء عماد عثمان. إلا أن لبّ المشكلة الرئيسية يبقى في كيفية ملء الفراغ في أعلى هرم في الدولة اللبنانية. 
فهذا الفراغ وما يترتب عليه من توالي الانهيارات على مستوى المؤسسات الدستورية كان حاضرًا بقوة في جلسة التمديد، وكان اجماع من قبل النواب، الذين صوتوا لهذا القانون، الذي سيصبح نافذًا ما أن توقّع عليه الحكومة الموكلة إليها صلاحيات رئيس الجمهورية وصدوره في الجريدة الرسمية، على ضرورة انتخاب هذا الرئيس بتوافق الذين لا مصلحة لهم في انهيار الهيكل على رؤوس ساكنيه. 
ويبقى الاستعداد للاحتفال بعيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية طاغيًا على ما عداه، مع وصول أعدادًا من المغتربين ليمضوا عطلة الأعياد مع الأهل والأقارب والأصحاب، على رغم الأجواء المكفهرّة. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى