آخر الأخبارأخبار دولية

“إذا لزم الأمر، سنهدم منازلهم”… السلطات الإسرائيلية أمام أزمة شرعية العقوبات الجماعية


نشرت في: 30/01/2023 – 18:28

بعد مقتل تسعة أشخاص في هجومين نفذهما فلسطينيان شهدتهما القدس الشرقية ومحيطها يومي الجمعة والسبت، بدأت السلطات الإسرائيلية إجراءات عقابية بحق عائلات المهاجمين. وتجدد بسبب رد فعل الحكومة الإسرائيلية الجدل حول مدى شرعية العقوبات الجماعية، وبشكل خاص عندما يتم تنفيذها في أراض تصنف دوليا كمناطق محتلة.

أعادت الإجراءات العقابية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية بحق عائلات منفذي هجومين في القدس الشرقية، إلى الواجهة جدلا قديما حول شرعية العقوبات الجماعية.

فقد شهدت القدس الشرقية هجومين، إذ قُتل سبعة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون الجمعة بإطلاق نار استهدف مصلين في كنيس يهودي بحي استيطاني في المدينة. تبع ذلك هجوم جديد السبت نفذه فتى في الـ13 من العمر، أسفر عن مقتل شخصين على الأقل.

وبعد هذين الهجومين نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السبت تصريحات متلفزة له قبل عقد اجتماع حكومي، تعهد فيها باتخاذ إجراءات “قوية” وسريعة ردا على الهجومين.

ثم أعلنت الحكومة خلال اجتماع عاجل، ليل السبت الأحد، اتخاذ إجراءات لحرمان عائلات الفلسطينيين الذين ينفذون هجمات ضدها، والذين وصفتهم “بالإرهابيين”، من حقوق معينة على خلفية الهجومين الأخيرين في القدس الشرقية. وقرر مجلس الوزراء الأمني السبت تسهيل الإجراءات اللازمة للحصول على تراخيص حمل الأسلحة النارية. وجاء في إعلان مجلس الوزراء الأمني أن منزل خيري علقم (21 عاما) الذي أردته الشرطة قتيلا بعد اعتداء الكنيس الجمعة “سيُغلق فورا قبيل هدمه”.

كما نقلت صحيفة إسرائيل تايمز عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قوله الأحد إن إسرائيل لن تترد في محاربة الهجمات ضدها وإنها “ستتصرف بحزم وقوة ضد أي شخص يهدد مواطنينا… كل إرهابي سيذهب إما إلى المحكمة أو إلى المقبرة”.

وأضاف “إذا لزم الأمر سنطردهم. سنقوم بإجراءات هجومية واستباقية ضد أولئك الذين يحاولون إيذاء أطفالنا. كل من يساعد الإرهابيين سيتضرر. إذا لزم الأمر، سنهدم منازلهم. سنحرمهم من حقوقهم”.

وتعليقا على هذه الإجراءات كتب عاموس هاريل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الاعتداءات كشفت أن الحكومة الجديدة، التي وصلت إلى السلطة بعد انتقادها الشديد للحكومة السابقة، لا تملك سياسة أو خطة لوقف الهجمات.

وحسب هاريل فإن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو معتاد على التعهد “بحرب واسعة ضد الإرهاب ثم الاكتفاء بإجراءات أكثر تقييدا، ولكن هذا غير كاف بالنسبة لبعض شركائه، فوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فقد أعصابه منذ أن تم استدعاؤه بينما كان في عشاء يوم السبت (طقس يهودي مهم بالنسبة للمتدينين) إلى موقع الاعتداء الذي يتحمل لأول مرة مسؤولية تجاهه”. كذلك فإن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حسب هاريل “لديه أجندته العسكرية والاستيطانية الخاصة، ولكنها لا تتوافق بالضرورة مع أجندة نتانياهو”. علما بأن بن غفير وسموتريتش هما الممثلان الأبرز لليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الحالية.

جدير بالذكر أن وكالة أنباء الأناضول نقلت أن عشرات المستوطنين هاجموا بن غفير أثناء وجوده في موقع الهجوم الأول وحملوه مسؤولية الهجوم بسبب تصريحاته وتصرفاته الاستفزازية ضد العرب.

وبحسب محرر الشؤون الدولية في فرانس24 خالد الغرابلي فإن هناك شكوكا كبيرة حول شرعية هذه العقوبات، لعدة أسباب. فيرى أن الهجمات وقعت في القدس الشرقية، وكذلك العائلات التي تطبق ضدها الإجراءات العقابية تسكن القدس الشرقية، التي احتلت عام 1967، وبالتالي فليس من حق إسرائيل نظريا تطبيق قانونها في هذه الأراضي، إذ إن القدس الشرقية كانت تابعة لإدارة الأردن قبل احتلالها عام 1967، ووفقا لمحكمة العدل الدولية فإن الأراضي المحتلة تخضع لاتفاقية جنيف لأن الأردن وقعت على هذه الاتفاقية، التي تمنع تهجير الأشخاص والعقوبات الجماعية وهدم المنازل وتغيير الواقع الموجود على الأرض.

ولكن إسرائيل تقول إن القدس بكاملها، شرقها وغربها، هي عاصمتها، وبالتالي يطبق فيها القانون الإسرائيلي.

عدا عن ذلك فإن القوانين في كل دول العالم بما فيها إسرائيل، وفق الغرابلي، تشترط عملية قانونية وحكما قضائيا بحق المتهم بارتكاب جرم ما لإيقاع العقوبة بحقه، وإذا مات تسقط العقوبة، ولا تجوز معاقبة شخص آخر مكانه.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو يقول إنه يجب عقاب جميع من ساعد منفذي الهجمات، ولكن بحسب الغرابلي فإن هذا لا يكفي، إذ يجب تقديم أدلة على تورطهم، وصدور قرار قضائي يؤكد مخالفتهم للقانون الإسرائيلي. ولكن الإجراءات العقابية التي تم توقيعها بحق عائلات المشتبه بوقوفهم وراء الهجمات في القدس الشرقية تمت بدون محاكمة أو عملية قضائية.

كذلك يقول الغرابلي إن الحكومة الإسرائيلية قررت توسيع الاستيطان في الضفة الغربية ردا على الهجمات الأخيرة وهو أمر غير شرعي فهي أرض محتلة يفترض أن تكون خاضعة لاتفاقية جنيف، أي يجب عدم تغيير الوضع القائم فيها.

ويرى الغرابلي أن الإجراءات الإسرائيلية تأتي استرضاء للسياسي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، إذ إن ترحيل العرب من القدس الشرقية وزيادة حجم الاستيطان في الضفة الغربية يهدفان لخفض نسبة الوجود العربي في هذه المناطق تمهيدا لضمها الكامل للدولة العبرية.

ويبدو أن هذه الإجراءات لا تلقى تأييدا كاملا في إسرائيل، حتى بين المسؤولين، إذ نقل هاريل أن “ضباط الأمن في الجيش والشين بيت (جهاز الأمن العام) الذين حضروا اجتماع مجلس الوزراء الأمني مساء السبت ما زالوا ملتزمين بالعقائد التي وجهت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بعد حوادث مماثلة. فكما في عام 2015، اقترحوا نشر قوات إضافية في الضفة الغربية والقدس، وتعزيز الاستخبارات، واعتقال المزيد من المشتبه بهم والانتظار بصبر لكي تحقق هذه الخطوات نتائجها. لقد عارضوا العقاب الجماعي وغيره من الإجراءات المبهرجة، بحجة أن إسرائيل يجب أن تسعى إلى إخماد النيران، وليس إثارتها. لكن ليس هذا ما أراد بعض الوزراء سماعه”.

 

فؤاد حسن


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى