آخر الأخبارأخبار محلية

من يريد توريط لبنان؟

أثبتت التطورات الميدانية الأخيرة في الجنوب أن إسرائيل ماضية في تحدّي الإرادة الدولية، التي تطالبها بوقف عدوانها على غزة أولًا، وثانيًا وثالثًا ورابعًا عدم الاستمرار في استفزاز لبنان ودفعه، مكرهًا، إلى حرب لا يريدها، وإن بدا كلام الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله” في “يوم الجريح” على غير حقيقة الموقف الرسمي، الذي بقدر ادانته للمجازر التي يرتكبها العدو في حق المدنيين في عدد من القرى الجنوبية لا يزال يسعى إلى تجنيب دفع لبنان إلى المصير نفسه، الذي يتعرض له قطاع غزة. وهذا ما يبدو واضحًا في التهديدات المتواصلة من قِبل معظم قيادات الحرب في إسرائيل، الأمر الذي ينذر بخروج الوضع من دائرة كل قواعد الضبط والحصر، خصوصاً في ظل اتساع الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين لأكثر من بلدة جنوبية خارج إطار الاستهدافات التقليدية، التي كانت محصورة بقرى الشريط الحدودي لفترة طويلة.

 

 

 وخطورة ما تقدم عليه إسرائيل يدفع “حزب الله” إلى ردّ الصاع صاعين وبالأسلحة المناسبة وفي الأماكن الموجعة. وهذا الأمر سيدخل لبنان حتمًا تدريجيًا في دوامة حرب قد بدأت تتوسّع رقعتها لتطال ربما العاصمة وغيرها من المناطق، التي تعتبرها تل أبيب “بنوك أهداف” محتملة.
وحيال تطّور الوضع الجنوبي إلى ما يشبه الوضع الغزاوي سارعت الأمم المتحدة إلى مطالبة الجميع بضرورة وقف التصعيد، الذي وصفته بـ “الخطير”، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك “إن التصعيد الأخير هو بالفعل خطير ويجب أن يتوقف”، خصوصًا أنه نقل عن “قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في لبنان أنها لاحظت تحولًا في تبادل إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والمجموعات المسلحة في لبنان”، شمل “استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق”.

 

إلاّ أنه ووفق خبراء عسكريين فإن “حزب الله” لم يستهدف في اليومين الأخيرين سوى مواقع عسكرية ولم تطل صواريخه منشآت مدنية أو مدنيين، لكن قصفه المركّز والدقيق لهذه المواقع كان الأوسع منذ اندلاع شرارة المواجهة المفتوحة على خلفية دعم صمود الفلسطينيين في غزة، في رسالة واضحة تزامنت مع تصعيد في لهجة السيد نصرالله، الذي أكد في خطابه الأخير كما في خطاباته السابقة أن إسرائيل أجبن من أن تقدم على أي مغامرة في لبنان لأنها تعرف جيدًا ماذا ينتظرها من مفاجآت، وهي التي ستجد في كل شبر من أرض لبنان مقبرة لجنودها، خصوصًا أنّ “المقاومة اليوم هي أكثر يقيناً وأشد عزماً على الاستعداد لمواجهة العدو على أي مستوى كان”.  فهذا القصف الموازي لصمود أهل القطاع يبدو أنه رسالة ميدانية في مقابل التهديدات الإسرائيلية.

 

في المقابل لا تنظر أوساط دولية مراقبة إلى القصف الإسرائيلي على أنه تصعيد قد يقود في شكل من الأشكال إلى الحرب المتوقعة، والتي يحاذر الجميع دخول معتركها، لكنه في الوقت نفسه يحمل رسائل ميدانية على مدى قدرة إسرائيلية الاجرامية على تنفيذ ضربات في سائر المناطق في وقت متزامن واحد، ويُستدل إلى هذا الأمر من النطاق الجغرافي للغارات التي ترافقت مع قصف مدفعي، وغارات أخرى في قرى حدودية، تتعرض للقصف يومياً منذ 8 تشرين الأول الماضي، بينها بلدة الجبين وراميا وأطراف الناقورة.

 

إلاّ أن الاتصالات الديبلوماسية الرفيعة المستوى التي أجريت في الساعات القليلة الماضية خلصت إلى استنتاج شبه أكيد وهو أن “حزب الله” لا يزال “يدوزن” ضرباته العسكرية بما يتلاءم وطبيعة المعركة، وهو ليس في وارد توريط لبنان بما لا قدرة له عليه كنتائج مباشرة لأي حرب واسعة كتلك التي تسعى إليها إسرائيل. وقد تبيّن للمراقبين العسكريين الدوليين أن ثمة من يريد توريط لبنان غصبًا عنه في حرب “لا ناقة له فيها ولا جمل”. ويمكن أن يكون الساعون إلى هذا التوريط هم ممن يُعرَّف عنهم في الحروب بـ “الطابور الخامس”، وقد يكون هؤلاء غريبين عن البيئة اللبنانية.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى