آخر الأخبارأخبار محلية

القضايا الخلافية بين اللبنانيين تتكاثر…حتى على الجمال يختلفون

كنا نعتقد أن القضايا التي يلتقي عليها اللبنانيون كقاسم مشترك بينهم أكثر بكثير من القضايا الخلافية. ولكن، وهذا ما يؤسف له، أنه مع كل إشراقة شمس تطالعنا مشكلة جديدة تُضاف إلى المشاكل القديمة الباقية من دون حلّ أو حلحلة. الأجواء التي نعيشها هذه الأيام مع تعثّر مساعي تشكيل الحكومة، والحديث المتنامي عن إستحالة التوافق على رئيس تسووي للجمهورية، لا تدعو إلى الكثير من التفاؤل.  

كنا نعتقد أن الوضع الإقتصادي المزري والمتدهور يومًا بعد يوم يمكن أن يوحدّ اللبنانيين حول الطريقة المثلى لإخراج بلادهم من هذه الأزمة غير المسبوقة، والآخذة بالتفاعل سلبًا على كل صعيد، في ظل إستمرار الإضراب في القطاع العام، على رغم المساعي المبذولة لإيجاد حل وسطي بين إمكانات الدولة المحدودة وبين حقوق الموظفين المحقّة. 

عادة، تتوحدّ المواقف الداخلية في الدول التي تعاني مثلما يعاني لبنان. فالمصيبة تجمع. وليس كما يُقال عندنا “أن القلّة بتولد النقار”. كل شيء مختلف عندنا. حتى عندما نتفق يكون إتفاقنا على ما يؤمّن المصالح الخاصة لهذا الفريق أو ذاك الطرف السياسي. لم يسبق أن سُجل في تاريخ الأحداث أن اللبنانيين إتفقوا على إنقاذ بلادهم مما تعرّضت له من مصائب. 

آخر ما إختلف عليه أهل البلد الواحد، وهذا ما حفلت به مواقع التواصل الإجتماعي، إتهام المطران موسى الحاج بـ”العمالة”.  

الردّ على هذا الإتهام جاء على لسان رأس الكنيسة المارونية، الذي قال إن العملاء الحقيقيين معروفون. 

هذا الإتهام ليس جديدًا في قاموس التعابير اللبنانية. فالجميع يذكر مقولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان يرفض هذه الإتهامات، التي كانت توجّه من حين إلى آخر إلى كل لبناني لا يتوافق في نظرته إلى الأمور الداخلية والخارجية مع “حزب الله”. وكان يقول ما معناه: لسنا مضطرين لإجراء فحص دمّ في الوطنية في كل مرّة نتخذ فيها موقفًا وطنيًا لا يعجب الآخرين. 

المشكلة ليست بالعمالة” بحدّ ذاتها. فالعملاء معروفون كما قال البطريرك الراعي. بل هي في مقاربة الموضوع من زوايا لبنانية مختلفة. فالإختلاف في الرأي يجب ألا يكون سببًا للتنافر والتخاصم، بل يجب أن يأتي في سياق طبيعي لتدرّج الأمور في إطارها الصحيح، حيث من المفترض أن يشكّل توالد الأفكار المتنوعة والمختلفة عامل تنمية وتطّور في السلوكيات العامة وفي أدبيات الحياة الإجتماعية والوطنية. 

حتى في مسابقة الجمال إختلف اللبنانيون، ليس حول مقاييس الجمال، بل حول هوية الملكة والوصيفات. فالطائفية البغيضة كان لها دور تخريبي حتى في هذا المجال. فالجمال هبة من الله، ولا ينتمي إلى طائفة محدّدة. فلماذا “نطّوفه”، ونجعل منه مادة للجدل العقيم، فيما نحن غارقون حياتية في مشاكل لها أول وليس لها نهاية. 

نحن شعب، أو بعض منّا، لا نعرف أن نفرح. لا نعرف أن نستفيد من الفرص القليلة، التي يمكن أن تدخل إلى قلوبنا بعضًا من ضحكات بريئة كدنا ننسى طعمها لكثرة مآسينا. 

نحن شعب “مازوشي”. نسعى بأيدينا وأرجلنا إلى جلد أنفسنا بإنفسنا. فبدلًا من التفتيش عمّا يوحدّنا في حياتنا الوطنية والإجتماعية ننساق غرائزيًا وراء ما يباعد بيننا وكأننا مفطورون على ممارسة افعال النكد والكيد. 

ونسأل مع السائلين، الذين لا همّ لهم سوى رؤية بلدهم سيدًّا بكل ما لهذه الكلمة من معنىً: أهكذا تُبنى الأوطان؟ هل بتخوين بعضنا البعض نبني مستقبلًا لأولادنا آمنًا وغير محفوف بالمخاطر؟ هل بكيل الإتهامات والشتائم والسباب نحصّن أنفسنا ضد تدخّلات الآخرين بشؤوننا الداخلية؟ 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى