الوكالة الوطنية للإعلام – ياسين رعى افتتاح “منتدى صيدا البيئي”: لتدعيم الإدارة المحلية للمدينة ومشاركة بلديتها في إدارة معمل النفايات الصلبة
وطنية – افتتح في قاعة مصباح البزري في القصر البلدي لمدينة صيدا قبل ظهر اليوم، “منتدى صيدا البيئي: نحو مدينة مستدامة بيئيا – صيدا نموذجا”، برعاية وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور ناصر ياسين، وبتنظيم مشترك بين بلدية صيدا وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة – مكتب غرب آسيا ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة.
حضر الافتتاح مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، ممثل مطران صيدا للموارنة مارون العمار الخوري جان ماري شديد، محافظ الجنوب منصور ضو، نائب رئيس بلدية صيدا إبراهيم البساط وعدد من أعضاء المجلس البلدي، رؤساء عدد من بلديات اتحاد صيدا – الزهراني، أعضاء في امانة سر ولجان “صيدا تواجه” وفريقا عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة الحريري وفاعليات رسمية واقتصادية واجتماعية وهيئات ومؤسسات صحية وبيئية وتربوية ونقابية وأهلية.
عروض
بعد النشيد الوطني، تقديم من محمد إسماعيل من فريق عمل مؤسسة الحريري، ثم كانت عروض حول: “المسار التاريخي للعمل البيئي – لبنان بين قمم المناخ” قدمه المهندس محمد الحريري (فريق عمل مؤسسة الحريري)، ” المدن المستدامة والتنمية الحضرية” قدمه الخبير الأول الدكتور عبد المنعم محمد ( المنسق الإقليمي لبرامج العلوم والسياسات في برنامج الأمم المتحدة للبيئة)، “الواقع البيئي في صيدا والجوار” قدمه المهندس مصطفى حجازي (عضو المجلس البلدي لمدينة صيدا).
السعودي
بعد ذلك، قال رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي: “أكثر من اثنتي عشرة سنة مرت على انتخاب هذا المجلس البلدي بمعظم أعضائه الحاليين وبعض من المجلس السابق. أذكر يومها عندما وضعنا لائحة المشاريع التي ننوي تنفيذها وعلى رأسها الهدف البيئي الأول وهو إزالة جبل النفايات العشوائي من جنوب المدينة، والذي كان مضى على وجوده عشرات سنين، قال الكثيرون يومها ان هذا مجرد ” برنامج انتخابي على الطريقة اللبنانية ” وعود وأحلام يدغدغ بها المرشح مشاعر الناس لكسب أصواتهم، ينساها المرشحون بعد فوزهم ومع الوقت يطويها النسيان. مرت أربع سنوات، ونجحنا بفضل الله أولاً ومن ثم بدعم فاعليات المدينة من سياسيين وجمعيات في تحقيق الإنجاز التاريخي بإزالة جبل النفايات ، اضافة الى كثير من مشاريع البنية التحتية التي وعدنا بها والتي استكملناها خلال السنوات اللاحقة”.
أضاف: “اليوم ، مرت ثماني سنوات على إزالة الجبل، الحلم أصبح حقيقة والجبل أصبح حديقة، شعار رفعه المحتلفون يومها بهذا الإنجاز، ونفس الشعار يستعمله اليوم البعض للغمز من قنوات أخرى لا سيما لناحية أزمة النفايات المستجدة منذ بضع سنين والتي تفاقمت بعد الأزمة الاقتصادية. للغامزين نقول ، اننا كما تحملنا منذ اليوم الأول مسؤولية القيام بواجباتنا رغم كل الصعوبات ورغم كل الظروف التي مرت على كل لبنان، ونالت صيدا نصيبها منه لا سيما لناحية تراكم النفايات ، الا أننا نجحنا حتى الأمس القريب ، بالتخفيف قدر الإمكان من وقع الهم البيئي الذي يضرب مناطق أخرى من لبنان بدرجة أكبر مما هو في مدينتنا”.
وتابع: “اليوم ، في الإعلان عن المنتدى البيئي للمدينة ، نكرر توجيه الدعوة الى كل فاعليات المدينة وابنائها لتحمل مسؤولياتهم أمام الواقع الصعب الذي يفرض نفسه ، لتجاوز كل التحديات التي تواجهنا الآن او التي ستواجهنا في المستقبل ، لا سيما من خلال المساهمة في الصندوق الذي أطلقته البلدية لتمويل جمع النفايات او أي طريقة أخرى بجدونها أنسب ، انما المهم أن تؤدي الى حلول إيجابية. هذا المنتدى سيكون بإذن الله مساحة لعرض الوقائع ومشاركة الأفكار والحلول المطروحة دون تسجيل نقاط هنا او هناك، لأن مصلحة المدينة فوق كل اعتبار ، وأنا شخصيا سأكون من المشاركين الدائمين في هذا المنتدى بغض النظر عما ستؤول اليه الأمور في الأيام القادمة فيما خص استقالتي ، لأنني كما تحملت المسؤولية وانا في موقع السلطة ، سأبقى كواحد من أبناء هذه المدينة متحملا للمسؤولية على قدر استطاعتي لو من خارج السلطة ، عسى أن يوفقنا الله في ان نخلق من الضعف قوة ونستمر عكس الظروف الصعبة بتأمين الحد الأدنى من السلامة البيئية في صيدا”.
ياسين
بدوره، قال وزير البيئة: “سأبدأ ببعض الأخبار التي تحدث في محيطنا: مدينة تضع هدفا خلال العشرين عاما المقبلة ان تكون مدينة الـ “20 دقيقة”، بمعنى أنه في الـ 2040، أي أن تمكن سكانها من الوصول والحصول على كل حاجاتهم بالتنقل فقط 20 دقيقة، ومدينة أخرى تبني نقلا مستداما عبر مترو حديث يستوعب نصف مليون مسافر يومياً ، وأخرى تبني أكبر محطة للطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى حوالي 1500 ميغاوات (أي أقل من نصف ما يحتاجه لبنان) بكلفة ملياري دولار”.
أضاف: “ان ما تكلمت عنه من هذه المشاريع ليس من نسج الخيال ولا أجزاء من روايات علمية بل هي تحدث في عالمنا العربي ، في دبي والدوحة واسوان ، وفي دول شقيقة لطالما كنا كلبنانيين شركاء في العمل المشترك والتعاون وحتى في تنفيذ هذه المشروعات. إذا، نحن امام تقدم هائل في بناء مدن المستقبل خاصة لدى الأشقاء العرب يقابله تأخر كبير في مدننا في لبنان حيث نغرق في إدارة الشؤون اليومية للناس ، نصارع أبسط الأمور مثل ادارة النفايات وهي مكدسة في شوارعنا، ونصارع المجاري الملوثة لشواطئنا ، والإنبعاثات القاتلة لهوائنا . والسؤال كيف لمدننا وسكانها وأهلها ذو علم وطاقات هائلة ، وكيف لمدننا التي كما تقول السردية صدرت الحرف وطورت التجارة البحرية أن تغرق في أبسط الأمور وتتراجع إلى هذا الدرك؟”.
وتابع: “الإجابة هنا ليست فقط متعلقة بقلة الأموال وإن تضاؤل التمويل للمشاريع التنموية هو واقع، لكن القضية أبعد من ذلك. فلنتحدث قليلا عن الكهرباء: يقدر ما صرفه اللبنانيون على الكهرباء – 40 مليار دولار هذا الكم الضخم من الدين العام ذهب على الكهرباء- صرفنا واهدرنا هذه المليارات على موضوع واحد هو الكهرباء وخلال الأشهر الماضية صرف اللبنانيون نصف مليار دولار على الطاقة الشمسية والطاقة البديلة. والإجابة ليست فقط في توهن الإدارة ، وان كان ضعف الإدارات العامة يصيب مقتلاً في إدارة شؤون الناس . والإجابة كذلك لا علاقة لها بغياب الحلول التقنية بل هي موجودة وبكثرة لحل مشاكلنا في إدارة النفايات، للطاقة البيئية وللنقل المستدام . إذن ما هي المعضلة؟”.
وأردف: “إن المعضلة الأساس لتدهور الوضع البيئي في مدننا وفي كل لبنان، هو ضعف واستضعاف المؤسسات، وهنا سأتكلم عن 3 نقاط: أولا: غياب المحاسبة وسيادة القانون، ثانيا: إضعاف الإدارات المحلية، ثالثا: توهن الثقة بالمؤسسات. هذه النقاط الثلاث وربما غيرها هي أسس أو مداميك بناء مدننا بشكل مستدام ، فالمؤسسات والقوانين والثقة هي نقاط إنطلاق الحصول على تمويل وحسن التنفيذ ومهارة الإدارة لهذه المشاريع”.
وقال: “إننا أمام فرصة للمدينة، وهذا المنتدى هو بداية الحوار حول الفرص المتاحة للمدينة وهي فرصة لإعادة بناء ثقة عامة مبنية على التعاون الحاصل في المدينة، يبدأ بتدعيم الإدارة المحلية في المدينة ومشاركة بلديتها والوقوف مع رئيسها ومجلسها البلدي للشروع في الإدارة المباشرة للكثير من القضايا واقصد هنا الملف الأبرز هذه الأيام وهو إدارة النفايات الصلبة فلنستفد من هذه الفرصة ونقف مع رئيس البلدية والمجلس البلدي والإدارة البلدية لادارة هذا المعمل بشكل مباشر، ونحن مستعدون لأن نساعد تقنيا وفنيا. وهذه قد تكون الخطوات الأولى لبداية المسار المستدام في المدينة، وقد اذهب لاحقا الى تأسيس وإنتاج طاقة بديلة وغيرها من الخطوات نحو مدينة مستدامة وتكون صيدا نموذجا”.
أضاف: “إذا تضافرت هذه الجهود وهذا التعاون الوثيق وهذا الدعم للإدارة المحلية يمكننا العمل على المساعدة للحصول على التمويل. لقد ذكرت ان التمويل ليس المشكة الأساس رغم ضعف مالية الدولة حاليا، يمكننا الإستفادة من فرص التمويل المناخي والتي نعمل كوزارة على الإستفادة منها مع شركائنا في برامج الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حيث تولي وزارة البيئة هذا الموضوع إهتماما خاصا عبر إطلاق مرفق الإستثمار الأخضر. هذا المرفق لجذب استثمارات في هذه القطاعات المرتبطة بالإستدامة والتعافي الأخضر وعبر الإستفادة من كل فرص التمويل المرتبطة بمكافحة المناخ وتركيز خاص ومبني عن قناعة تامة على المدن الساحلية كبيروت وطرابلس وصيدا وصور وجبيل وجونية. فلنتخيل إدارة متكاملة للنفايات مع فرزها من المصدر في المدينة، ولنتخيل نقلا عاما في باصات صديقة للبيئة ترعاها الإدارة المحلية، ولنتخيل محطة لإنتاج الطاقة النظيفة، وحدائق متعددة ومساحات خضراء يحق لنا أن نحلم بصيدا مستدامة والأهم وهذه هي الرسالة أننا معا نستطيع تحقيق الحلم”.
سعد
وقال النائب أسامة سعد: “أولا: أرجو أن يعذر المعنيون صراحتي في مقاربتي للقضايا التي سأطرحها، صراحة لا هدف لها سوى الوصول إلى حلول ناجحة ودائمة للأزمات البيئية المتمادية في المدينة وجوارها، وقد يكون ذلك صحيحا على المستوى الوطني.
ثانياً: لن أعرض لكل المشاكل البيئية في المدينة والجوار ولبنان عموماً وهي مشاكل متشعبة وتنعكس بشكل كارثي على الأوضاع الصحية والاقتصادية والتنموية وتظهر مدى التقصير المتمادي للحكومات اللبنانية في هذا المجال.
ثالثا: اعتقادي وفهمي أن ما سأطرحه لبعض القضايا البيئية هو من ضمن سياق المنتدى وليس خارج سياقه، وذلك بدون غمز ولا لمز، وخارج الظنون”.
أضاف: “قضايا البيئة هي من أهم القضايا التي يتوجب علينا جميعا إعطاؤها كل الاهتمام، بالنظر لتأثيرها البالغ على نوعية الحياة في الحاضر والمستقبل وعلى مختلف الصعد. الحفاظ على البيئة وسلامتها، والاستدامة البيئية، والدفاع عن البيئة في مواجهة كل الانتهاكات، هي من أولى الأولويات بالنسبة لنا وطنيا وإنسانيا”.
وتابع: “نحو مدينة مستدامة بيئيا، وصيدا نموذجا”، هو حلم جميل لا بد أن نسعى إليه بكل طاقاتنا. لكن، للأسف الشديد، الواقع مختلف تماما. إذ بينما نلتقي هنا اليوم في بلدية صيدا، وفي إطار منتدى صيدا البيئي، نرى، بكل حزن وغضب، الأوضاع البيئية في هذه المدينة في أسوأ الأحوال. مئات الأطنان من النفايات المكدسة في الشوارع والأحياء وبين المنازل والمدارس والمستشفيات، تنشر الروائح الكريهة والأمراض، وتلحق أفدح الأضرار بالصحة العامة وبالحياة الاقتصادية والاجتماعية. كما نجد معمل معالجة النفايات وهو شبه متوقف عن العمل، يستقبل النفايات، لا ليعالجها، بل ليجعل من ألوف الأطنان منها سلاسل من التلال المتنامية داخله وفي جواره. من إنجازات تلال النفايات تلويث الشاطئ والبحر وتشويه الطبيعة ونشر الروائح النتنة في أجواء المدينة وتغذية القوارض المؤذية ونشر العديد من الأمراض.إن مواجهة هذه الكارثة البيئية هي واجب على الجميع، من وزارة البيئة وسائر الوزارات المعنية إلى بلديات صيدا والجوار، إلى الجمعيات البيئية والهيئات والفاعليات وسائر المواطنين. ونشدد على ضرورة الإسراع في إتخاذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ مدينة صيدا والجوار من هذه الكارثة”.
واقترح توصيات طالب “بلديات صيدا والجوار بتحويلها إلى قرارات تنفيذية من دون أي إبطاء، وهي:
-أولا: حول معمل معالجة النفايات: بما أن معمل معالجة النفايات شبه متوقف عن العمل ، كما أثبت العجز عن معالجة كميات النفايات الواردة إليه، بدليل تراكم ألوف الأطنان من دون معالجة داخل المعمل وفي جواره، فإننا نطالب بلدية صيدا بما يأتي:
1- مصادرة المعمل من قبل بلدية صيدا نظراً لعدم التزام إدارته بموجبات العقد الذي وقعته مع البلدية، وبعد ما تسبب به من أضرار للمدينة. على أن تقوم البلدية بتشغيل المعمل بالطريقة الأفضل، ومن خلال الاستعانة بالدعم التقني والمادي لوزارة البيئة.
2- مطالبة وزارة البيئة بتقديم المساعدة اللازمة إلى بلدية صيدا بهدف معالجة ألوف الأطنان من النفايات المتراكمة داخل المعمل وفي جواره.
3- بانتظار معالجة وضع المعمل وتحديد قدرته الاستيعابية بما لا يشكل عبئا على المدينة، وإيجاد الحل المتكامل لمسألة النفايات، ولا سيما إيجاد مطمر للعوادم من خلال التعاون بين بلدية صيدا وبلديات الجوار، يتوقف المعمل عن استقبال أي نفايات من خارج النطاق الإداري لمدينة صيدا. ذلك لأن الاستمرار في رمي كميات كبيرة من النفايات على أرض المعمل وفي جواره من دون أي معالجة، يهدد بتحويل قسم كبير من شاطئ صيدا إلى مكب عشوائي للنفايات. وهو عبء لم تعد المدينة قادرة على تحمله.
ثانيا: حول جمع النفايات وكنس الشوارع:
1- في مواجهة توقف الشركة الملتزمة لجمع النفايات من مدينة صيدا والجوار عن القيام بعملها، نطالب بلدية صيدا، وسائر بلديات الجوار، بالمبادرة إلى القيام مباشرة بجمع النفايات، كل بلدية في نطاقها الجغرافي، وبالاستناد إلى دعم وزارة البيئة. وذلك بالإضافة إلى أعمال كنس الشوارع والحفاظ على نظافتها.
2- مطالبة الحكومة بالإسراع في تسديد مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، مع دعوة الصندوق إلى التوقف عن الدفع إلى الشركة الملتزمة جمع النفايات، وإعطاء كل بلدية بشكل مباشر مستحقاتها”.
وقال: “كل الوزارات والبلديات والهيئات المعنية مطالبة بتحمل مسؤولياتها، والتحرك لإنقاذ منطقة صيدا من هذه الكارثة البيئية، من خلال إتخاذ الإجراءات المطلوبة. ونحن لا نقبل لمنطقة صيدا، ولا لأي منطقة أخرى، أن تترك فريسة لهذا الواقع الكارثي”.
وختم: “لذلك، وفي حال عدم الالتزام بمعالجات جدية، فإن أبناء المدينة وهيئاتها وفاعلياتها سوف يطلقون تحركات ضاغطة متصاعدة، وصولا إلى الإضراب العام وغيره من التحركات. إن سلامة البيئة هي حق من حقوق المواطن، مثلها مثل حقوقه الاجتماعية والوطنية. فلنتحرك معا دفاعا عن حقوق كل المواطنين”.
البزري
وتحدث النائب عبد الرحمن البزري فقال: “نريد لمدينة صيدا أن تكون مدينة مستدامة وبيئية، فبداية البيئة هي حق لكل مواطن، والبيئة السليمة هي حق من حقوق الإنسان التي تضمنه شرعة الأمم المتحدة، كما حقه في التعليم والطبابة والغذاء. لذلك، علينا أن نأخذ هذه في الاعتبار”.
وأشار إلى أن “البيئة أبعد من موضوع يتعلق بالمساحات الخضراء أو النفايات أو الحرائق أو غيرها”، وقال: “إن البيئة موضوع متكامل مرتبط بكل حياتنا الإنسانية لكي تؤمن لنا بيئية سليمة سواء أكانت نفسية أم صحية أم إنسانية أم حتى مهنية. لذلك، علينا أن نأخذ هذا في الاعتبار”.
أضاف: “عندما نتكلم عن الاستدامة البيئية فهي بالنسبة إلينا موضوع واضح وسهل، فما نريد أن نقوم به اليوم من أجل قضاء حاجاتنا أن نبقي هذه الامكانات، التي هي إمكانات بيئية وصحية سليمة، فما يسمى بأنظمة بيئية وطبيعية موجودة بين أيدينا، ونحن نستثمرها اليوم من أجل حاجاتنا، وعلينا أن نحميها من أجل الأجيال المقبلة”.
وتابع: “علينا أن نستفيد من العناصر الطبيعية الموجودة لدينا والأنظمة البيئية السليمة. كما يجب أن نؤمن رفاهية مواطنينا وسلامتهم، وكل هذا من خلال حمايتنا لمستقبل أجيالنا ليتمكنوا من الاستفادة بالطريقة نفسها الموجودة”.
وأردف: “بما ان وزير البيئة هو أكاديمي ومن كبار الثائرين على الواقع الحالي، فلا بد أن أبدأ بما يسمى بالاستدامة البيئية في لبنان عموما. بداية، علينا أن نعطي وزارة البيئة عضلات حقيقية، فحتى هذه اللحظة هي وزارة تقر بعض التشريعات والقوانين، ويجب أن تكون هناك قوة تنفيذية حقيقية لوزارة البيئة”.
وأكد “ضرورة أن تكون هنالك هيئة وطنية حقيقية لحماية المعايير البيئية مستقلة بإشراف وزارة البيئة”، وقال: “إن المشاريع التي تقام في لبنان أثرها البيئي يدرس بعد انتهائها، وهذا معيب لأن بعض هذه المشاريع كان أثرها البيئي كارثيا على كل المجالات”.
وتطرق إلى الوضع في مدينة صيدا، وقال: “أؤيد ما قاله بالكامل زميلي وصديقي الدكتور أسامة سعد، فصيدا للأسف بدل أن تكون نموذجا بيئيا يحتذى، تحولت بسبب ظروف معينة إلى مدينة المشاكل البيئية المستعصية”.
أضاف: “إذا كنا نريد أن نتحدث عن الاستدامة البيئية فلنتحدث عن البحر، لدينا شاطىء يمتد على مساحة 7 كلم وواجهة بحرية أيضا تمتد على مساحة 7 كلم، فما تبقى من رمول نستطيع أن نستفيد منها سياحيا وبيئيا، وطار نصفها من أجل أمور لها علاقة إما بشبكات النقل وإما بشبكات عربية وإما بطرق”.
وتابع: “لقد تغنى كل الناس ببحر صيدا وصياديها، فماذا فعلنا فالثروة البحرية، حولنا إليها نظام صرف صحي لـ70 قرية وبلدة من دون معالجة وصيانة”.
وإذ شكر ل”بلدية صيدا جهدها في إزالة جبل النفايات، الذي كان موجودا”، قال: إذا نظرنا إلى المعمل نشاهد بجانبه 4 جبال نفايات جديدة متراكمة وموجودة”.
أضاف: “لنتمكن من الاستدامة بيئيا، علينا أن نتمكن سريعا وعلميا ومنطقيا من حل المشاكل التي دمرت بيئتنا، لتعود نموذجية. بعدما كنا نتغنى ببساتين صيدا القديمة وزهر الليمون وغيرهما قضينا عليهما بالقضاء على المساحات الخضراء واستبدلنا البساتين بأبنية بشعة غير منظمة”.
وسأل عن “دور التنظيم المدني في هذا الخصوص”، لافتا إلى “التعديات على الأنهار وضفافها واختلاط مياهها بنظام الصرف الصحي والمياه الجوفية والنفايات”، مشيرا إلى أن “الأمراض الناتجة من كل ذلك حدث ولا حرج”.
وأثنى على ما تحدث به وزير البيئة عن “ضرورة أن تكون هناك سلطة لتنفيذ القانون”.
وقال: “يجب المحاسبة، فمن لا يستطيع القيام بعمل أو التزام فلا يجب أن يقدم عليه، وعلينا جميعا تحمل المسؤولية، فالمسؤولية البيئية تبدأ أولا بشكل يومي وفردي من خلال تصرفاتنا، ثم تصبح مسؤولية جماعية ومجتمعية، لتصبح مسؤولية بلدية، فنحن نقف بجانب البلدية في حال تطبيقها القوانين. ثم تصبح مسؤولية إدارية، حيث تقوم مختلف إدارات الدولة بالمساعدة في تنفيذ القوانين البيئية”.
وطالب “المفتي سوسان ومختلف المراجع الدينية بتعميم الثقافة البيئية في مختلف دور العبادة”، متوجها إلى “المجتمع الأهلي للقيام بدوره وتحمل المسؤولية”.
وطالب “وزارة البيئة بأن تكون مسؤولة وشريكة حقيقية في تحمل تبعات هذا الملف”، معتبرا أن “وجود وزير البيئة وممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الشرق الأوسط هنا دليل على أن صيدا تحظى بدعم مركزي ودولي، وليست متروكة”، وقال: “علينا أن نحول مشاكلنا البيئية وضعفنا البيئي إلى قوة لحل القضايا البيئية الخطيرة، وأقول نيابة عن نفسي وعن زميلي النائب أسامة سعد أننا سنتابع مع مختلف الإدارات المعنية القضايا البيئية المتعلقة بصيدا وسن القوانين والتشريعات الضرورية”.
وختم: “علينا أن نحول صيدا من مدينة الأزمات البيئية المستعصية، التي تضر بها وبصحتنا وصحة أولادنا واقتصادنا وزراعتنا وسياحتنا، إلى نموذجٍ بيئي بتعاوننا معا جنبا إلى جنب، فالجميع مسؤول، وعلينا تحمل مسؤوليتنا وتأدية دورنا لنعطي أولادنا وأجيالنا المقبلة فرصة حقيقية في بيئة مستدامة.”
بهية الحريري
وتحدثت رئيسة “مؤسسة الحريري” بهية الحريري فقالت: “بدأنا مسيرتنا هذا العام مع منتدى الشغور التربوي المخيف في تراكم الأزمات وهجرة الكفاءات، وانتقلنا إلى منتدى الشغور الصحي بعد وباء كورونا وتداعياته الخطيرة وأزمة الدواء والشغور في الإمكانات لتغطية الأدوية واللقاحات لأصحاب العلاجات الدائمة”.
أضاف: “بدأنا في الأسابيع الماضية مرحلة الشغور الرئاسي والتشريعي والحكومي والمصرفي والمهني، حيث أصبحت البطالة هي القاعدة وفرص العمل هي الاستثناء. كما أننا لن ننسى الشغور الكهربائي والمائي والمعيشي، بعد الشغور المالي لدى الدولة والأسر والأفراد بعد شغور الودائع. ولن ننسى أيضا الشغور الإداري وعدم قدرة الموظفين على الدوام بعد شغور الرواتب في كل المؤسسات الإدارية والأمنية والقضائية، فالشغور أصبح يطال كل القطاعات والمواضيع”.
أضافت: “كثيرة هي المواضيع والقضايا والضرورات التي تشكل بديهيات حياتنا اليومية، وكلها أولويات، فلا نستطيع تقديم واحدة على الأخرى، وكلما تحققت غاية من تلك الغايات نجد أنفسنا أمام ضرورات جديدة وملحة أيضا”.
وتابعت: “نستطيع في صيدا والجوار أن نتحدث بمرارة عن الكثير مما حققناه في ماضي السنوات، ثم فقدناه. ومن حقنا أن نشعر بالغضب، فنحن نرى كيف تتداعى كل قواعد الاستقرار الاجتماعي والإنساني والاقتصادي. ومن حقنا أن نخاف، ونحن أصحاب تجارب موجعة ومؤلمة مع انهيار أسباب الدولة وقواعد الانتظام العام، مما يجعلنا، في كل لحظة أمام المواضيع الصغيرة والكبيرة أن نشعر بشيء من الحذر والخوف من أن تعود بنا عقارب الزمن إلى الوراء، خصوصا عندما نتذكر سنواتنا السوداء على مدى عقود طوال أو عندما يستفيق الحنين والوجدان لدى كل أسرة في لبنان، حين نستذكر أحباء أعزاء قضوا ضحية العبث والفوضى وكل أشكال الشغور والخواء في لبنان”.
وأردفت: “إن اللبنانيين فقدوا خلال السنوات الماضية الكثير الكثير، وتجرعنا جميعا كل المرارات، وربما يكون ما نقوم به في صيدا اليوم هو شيء من المكابرة بأننا صامدون متحدون كي لا نسمح للأزمات الموجعة بأن تجعلنا نفقد الأمل بقدرتنا على مواجهة تحدياتنا، والمضي قدما بما تبقى لدينا من إيمان وقوة وعزيمة متداعية كي لا نسلم أجيالنا الصاعدة إلى المجهول المقيت الذي أكل أعمارنا وأجيالنا إما بالهجرة وإما بالحسرة وإما بالضياع”.
وقالت: “إن لبنان خلال الأشهر الماضية خسر أفضل خبراته وطاقاته في كل مجال من الصحة إلى التعليم، إلى كل مجالات العمل والإنتاج والإبداع، والحديث يطول عن خسارة جنى العمر والمدخرات لدى عموم الناس”.
أضافت: “نلتقي اليوم لنجدد إرادة صيدا والجوار في مواجهة التحديات بإيمان كبير بقدرة أجيالنا الصاعدة على تجاوز المحن والصعاب وبأننا قادرون بالتكامل والتوافق على صناعة الأمل وبناء مستقبل يليق بتضحيات أهلنا الصابرين الطيبين العازمين على النهوض بصيدا والجوار وتأكيد هذه الإرادة الصيداوية الأصيلة المتمثلة بسعادة نائبي المدينة الدكتورين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري والرئيس الكريم والحاضن والراعي لتلاقي الإرادات الطيبة وكلّ ما يعود بالنفع على صيدا وأهلها وجوارها الأستاذ المهندس محمد السعودي رئيس بلدية صيدا ومعه المجلس البلدي الكريم لمدينة صيدا والجمعيات والمؤسسات التجارية والنقابية والشبكات المدرسية”.
وتابعت: “نرحب ونعتز بالإرادة الوطنية والأخوية الطيبة والمميزة لمعالي وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين، الذي أعطى الإعداد لهذا المنتدى الكثير من وقته وخبرته واهتمامه كي لا يكون مجرد لقاء نتبادل من خلاله الأعذار والمعاتبات، بل أراد أن نبدأ بتحديد أوجاعنا ومتطلباتنا كي نستطيع تحديد علاجاتنا وضروراتنا، وأن نعمل على وضع استراتيجية بيئية تقوم على مواءمة الإمكانات مع الأهداف، وأن نضع خارطة طريق بيئية على قواعد علمية كي نعمل على متابعتها وتطبيقها كل من موقعه وبحدود مسؤولياته”.
وشكرت ل”وزير البيبئة حسن إهتمامه ومتابعته، التي تكاملت مع توجهات برنامج الأمم المتحدة للبيئة مكتب غرب آسيا، والذي أبدى استعداده لتقديم المساعدة والخبرات العلمية والفنية والإدارية بغية رسم المسار الدقيق كي تكون صيدا مدينة مستدامة بالمواصفات الدولية الرفيعة، بعد أن أصبحت قمة المناخ تشكل الإطار الأمثل للشراكة الأممية من أجل سلامة البشرية والكوكب”.
وإذ نوهت ب”الإعداد المميز لقمة المناخ في شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية” قالت: “نتطلع إلى المواكبة الفعالة للقمة في الامارات العربية”.
ورحبت ب”برنامج الامم المتحدة للبيئة ومشاركتهم في هذا المنتدى”، مثنية على “المتابعة المكثفة مع فريق البرنامج الأمم في بيروت وحسن متابعتهم وتعاونهم”.
كما شكرت ل”الممثل والمدير الإقليمي لمكتب UNEP غرب آسيا سامي الديماسي اهتمامه ومتابعته وحضوره اليوم وفريق العمل الذي أحسن التحضير لهذا المنتدى”.
وختمت: “كلنا ثقة بإرادة أبناء صيدا بالتزام شراكتهم مع كل اللبنانيين الأوفياء وسعيهم الدائم إلى بناء الدولة الوطنية العادلة والمستقرة والمانعة لكل أنواع الشغور والحاضنة لجميع أبنائها”.
الديماسي
وألقى المدير الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي الديماسي كلمة قال فيها: “إن اجتماعنا اليوم يمثلُ الخطوة التي نبدأ فيها رحلةَ العملِ الجاد والشراكات الفاعلة من أجل تحقيق رؤية مشتركة ومصلحة عامة، وهي جعل مدينة صيدا مدينة مستدامة بيئيا”.
أضاف: “إن محدودية الموارد وندرتها، خصوصا في بلد كلبنان يحتم علينا استخدامها بطريقة مستدامة تضمن استمرارها وتصون حق الأجيال المقبلة فيها “.
وتابع: “إن اطلاقنا اليوم فعاليات منتدى صيدا البيئي يأتي تأكيدا على أَهميةِ هذه المدينة العريقة، التي يعود إرثها التاريخي والاجتماعي لآلاف السنين، والتي تشكل موطنا لأكثر من ربع مليون نسمة وتشمخ كإحدى أهم مدن لبنان وعاصمة لجنوبه، إضافة الى مكانتها الإقليمية، نظراً لموقعها الجغرافي الحيوي”.
وأردف: “من هذا المنبر نرى صناع القرار في المدينة رغم اختلاف رؤاهم السياسية مجتمعين وملتزمين قضية تؤثر على حياة الجميع، ألا وهي بيئتنا وبيئة اطفالنا. ويسعني القول إنها المرة الأولى التي أرى فيها هذا التناغم في لبنان، والذي سيكون مفتاح النجاح الأساسي في هذه المسيرة. ولعل أهم أهداف هذا المنتدى مشاركة أصحاب المصلحة على كل المستويات والتوجهات ولفت انظار المجتمع الدولي من أجل ضمان استفادة هذه المدينة من تنفيذ إجراءات تحويلية مستدامة ومنصفة تضمن معالجة تحديات النمو الحضري والتدهور البيئي والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى”.
وختم: “إضافة إلى شراكتنا القائمة مع وزارة البيئة، أعلن اليوم توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الحريري كخطوة أولى تؤسس للعمل المشترك من أجل انجاح هذه الرؤية، وأبدي استعداد برنامج الأمم المتحدة للبيئة مشاركة جميعِ المهتمين وحشد الموارد الوطنية والدولية اللازمة لوضع خارطة طريق وخطة عمل مبنية على أُسس علمية رصينة والاستفادة من المساهمات العديدة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في مجال الأطر والسياسات الخاصة بالمدن المستدامة من أجل تقديم هذه المدينة كنموذج حي لهذا المفهوم في لبنان والمنطقة”.
توقيع مذكرة تفاهم
بعد ذلك، جرى بحضور ياسين والحريري توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة – مكتب غرب آسيا ممثلا بالديماسي ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة ممثلة بمديرتها التنفيذية الدكتورة روبينا أبو زينب كخطوة أُولى تؤسس للعمل المشترك .
================== س.م/ن.ح
مصدر الخبر
للمزيد Facebook