آخر الأخبارأخبار محلية

نصف القوى العاملة في لبنان لا تعمل!

«البطالة أشدّ فتكاً من الصدأ»، تختصر زهراء مرارة الفشل في إيجاد وظيفة تتناسب مع دراستها. أواخر العام 2020 نالت شهادة دكتوراه في الكيمياء الحياتية والعلوم الصيدلانية من جامعة كلود برنارد في فرنسا، وعادت إلى لبنان بهدف العمل في التعليم الجامعي أو في وظيفة مرموقة في إحدى شركات الدواء والغذاء. الواقع الاقتصادي أجبرها على إعطاء دروس خصوصية للأطفال، «لأنه العمل الوحيد المتوافر لتسديد جزء من القرض التعليمي الذي حصلت عليه، ولتفادي كلفة النقل للوصول إلى طلاب في مراحل عليا». في ذروة اليأس الذي وصلت إليه، بدأت تتبلور لديها فكرة الهجرة «إلى أي مكان يقدّر تعبي وكفاءتي وطموحي».

حال زهراء كحال كثيرين من المتعلمين الذي يعملون بمهن لا تتلاءم وشهاداتهم، أو لا تتطلب دراسة أصلاً. بعضهم تخرّج حديثاً، والبعض الآخر سُرّح بعد إقفال المؤسسات، وآخرون تركوا أعمالهم لأنها باتت أشبه «بأعمال السخرة»، على حد تعبير مروى التي استقالت من عملها في إحدى المؤسسات الإعلامية بسبب الراتب الزهيد، وفتحت محلاً لبيع المأكولات السريعة. صحيح أن «العمل الحرّ مربح أكثر، لكنني غير سعيدة وأفتقد للمجال الإعلامي حيث أميل، وأرغب، وأشعر بالثقة والرضى عن النفس».

بما أنّ لبنان بعيد كلّ البعد من لغة الأرقام، ما من إحصاء رسمي حول حجم البطالة اليوم، لا سيما في صفوف حاملي الشهادات. انطلاقاً من إحصاءات قامت بها دائرة الإحصاء المركزي ودراسات أعدتها مؤسسات خاصة، «توصلنا إلى الرقم الوسطي للبطالة بين منتصف العام الماضي والرّبع الأول من العام الجاري، والذي يتراوح بين 40 و50 في المئة من حجم القوى العاملة»، بحسب مسؤول دائرة المعلوماتية في وزارة العمل الباحث الاقتصادي زهير فياض. معنى ذلك أنّ نحو نصف القوى العاملة في لبنان لا تعمل. ولفهم المسار التصاعدي المتسارع للبطالة، يمكن مقارنة النسبة اليوم بما كانت عليه في السنوات السابقة. فبحسب تقرير أعدته منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل، «ارتفعت معدلات البطالة من 11.3% عام 2018 إلى 18.5% عام 2019، وقفزت إلى 36.9% عام 2020، وستبلغ 41.4% عام 2021». ووفق آخر تقارير إدارة الإحصاء المركزي، «بطالة الشباب هي الأعلى عام 2018 وتبلغ 23.3%. وترتفع لدى حاملي الشهادات الجامعية إلى 35.7%».

تخلّف البطالة المقنعة ندوباً نفسية واجتماعية لدى حاملي الشهادات، «فتصيبهم بالإحباط عندما ينسف الواقع طموحاتهم، والقلق والضياع في ظل غياب الرؤى المستقبلية»، كما تقول الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي نسرين نجم. أما الفاتورة التي سيسددها المجتمع نتيجة هذه «الآفة الاجتماعية» فتتمثل «في هجرة دائمة لطاقاته وخسارة رأس مال بشري لا يمكن تعويضه»، على ما يقول فيّاض. وتلفت نجم إلى أثر آخر للبطالة المقنعة على الحياة الاقتصادية في لبنان.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى