آخر الأخبارأخبار دولية

“البعض لم يعد لديهم خبز وباتوا بدون طعام”


يضرب نقص حاد في دقيق القمح والخبز حاليا محافظة سيستان وبلوشستان إحدى أفقر المناطق في إيران. وتفاقمت هذه المعضلة مع بداية شهر تموز/ يوليو ما أدى إلى صفوف انتظار طويلة أمام المخابز حيث وقعت مشاجرات- حتى أن رجلا قتل أمام أحدها. وبالنسبة إلى بعض العائلات، فإن نفاد الخبز يعني أنه لم يعد لديهم أي طعام.

نشرت في: 19/07/2023 – 16:04

5 دقائق

في 5 تموز/يوليو الجاري، وبعد انتظار دام ساعات أمام مخبز في مدينة سارافان الواقعة بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، تشاجر رجلان على مكان في طابور وتطور العراك ليؤدي في الأخير إلى مقتل أحدهما.

وأدت هذه الحادثة إلى موجة غضب وسط الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي ولفتت الانتباه إلى أزمة نقص حادة في دقيق القمح والخبز الذي يضرب المحافظة في الوقت الراهن.


كتب مستخدم تويتر إيراني في تغريدته: “نقص مادة الخبز في سيستان وبلوشستان أدى إلى مقتل شخص، حيث تسببت طوابير طويلة إلى نشوب معركة بين القاتل والقتيل”.

وتوجد محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق البلاد على الحدود مع أفغانستان وباكستان. وهي محافظة فقيرة وتعاني من التهميش التنموي وتشهد موجة جفاف وتعد ممرا لمهربي المخدرات القادمة من أفغانستان والبنزين باتجاه باكستان. وتوجد كثافة سكانية عالية من السنة البلوشستان بالمنطقة في بلد ذي غالبية شيعية.

وفي السابق، كانت هذه المحافظة تسمى “سلة غذاء إيران” بسبب حقول الحبوب الشاسعة فيها. ولكن منذ ثمانينيات القرن الماضي، تحولت المنطقة شيئا فشيئا إلى صحراء بسبب سوء التصرف في المياه والتغير المناخي.

“قبل عام كان كيس الدقيق يكلف 40 ألف تومان [0.72 يورو] واليوم أصبح سعره 450 ألف تومان [8.18 يورو]”

رودين هو أحد السكان من قبائل البلوشستان في هذه المحافظة. ويجمع هو وأصدقائه التبرعات لشراء الغذاء للعائلات الأشد فقرا، حيث يقول:

منطقتنا تعاني فقرا مدقعا. ونوم الناس بمعدة فارغة ليس أمرا جديدا بالمرة. ولكن الوضع تدهور على نحو بالغ خلال الأشهر الماضية.

هنا، لا يشتري الناس الخبز من المخابز كثيرا بل يعدونه بأنفسهم في البيت. وبالتالي فإن عدد المخابز قليل. قبل عام، كان كيس دقيق القمح (يبلغ وزنه 40 كيلوغراما) يكلف 40 ألف تومان [0.72 يورو] وبعد ذلك  أصبح سعره 130 ألف تومان [2.36 يورو]  ووصل سعره اليوم إلى 450 ألف تومان [8.18 يورو].

يعود ذلك جزئيا إلى الارتفاع العام للتضخم الذي تعرفه إيران ولكن السبب الرئيسي الذي جعل سعر الدقيق أعلى ثمنا -وأكثر ندرة أيضا- هو أنه يُصدّر إلى باكستان بطريقة سرية. وهناك، يباع الدقيق أغلى بكثير من ثمنه هنا.

وبالتالي، إذا لم يكن لديك مال، فلن يكون لديك خبز، وحتى إن توفر مال، يجب عليك الانتظار في طوابير لمدة ساعات لشراء البعض منه. في بعض الأحيان، تحدث مشاجرات، كما حدث في مدينة سارافان، لأن الناس في حالة غضب أصلا بسبب نقص المياه وتلوث الهواء.

وزاد الوضع تدهورا خلال شهر تموز/ يوليو الجاري، عندما فرضت سلطات الجمهورية الإسلامية في إيران ضوابط جديدة على المخابز حين قلصت الحصة المخصصة لكل واحد منها بسعر مدعم. وتأمل السلطات من خلال هذا الإجراء وقف إدخال دقيق القمح المدعم في مسالك التهريب إلى الخارج. في المقابل، يؤكد عدة خبراء في إيران أنه تم اتخاذ هذا القرار للتقليص من كلفة الدعم الحكومي.

وأدت هذه الضوابط إلى حالات فساد. حيث تقوم المخابز والمحلات التجارية التي تستفيد من الأسعار المدعمة للقمح أو دقيقه في السوق السوداء بسعر السوق أو يدخلونه في مسالك التهريب. في الأسبوع الفائت، أعلن المدعي العام في محافظة غولستان في شمال شرق البلاد فقدان نحو 53 ألف طن من القمح.

وتعيش الجمهورية الإسلامية على وقع أزمة اقتصادية منذ عشرات السنين، بسبب الفساد والعقوبات الاقتصادية الدولية ضدها وذلك على خلفية برنامجها النووي.


فيديو نشر في 6 تموز/ يوليو 2023 يظهر عدة أشخاص يقفون في صف انتظار لشراء الخبز بمدينة زاهدان في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية.

 

“الدقيق يمثل الغذاء الرئيسي للكثير من العائلات هنا”

يضيف رودين قائلا:

دقيق القمح يمثل الغذاء الرئيسي لكثير من العائلات هنا. وفي حال عدم توفر دقيق القمح، لم يعد لديهم خبز وبالتالي لم يعد لديهم طعام. يعيش كثر من الناس على الخبز فقط مع الشاي. الأرز، على سبيل المثال، أغلى بكثير من الدقيق وبالتالي فهم غير قادرين على شرائه.

وبالتالي، نساعد بعض العائلات هنا التي تبقى معتمدة على التبرعات التي نقدمها لها. ولكن يوجد الكثير من العائلات الأخرى في نفس الوضع ولا يمكن لنا تقديم الدعم لها، لأنه من الصعب الحصول على متبرعين بما أن الأزمة الاقتصادية تضرب كل أنحاء العالم في الوقت الحاضر. الشهر الفائت، نجحنا في الحصول على مساعدات لـ180 عائلة فقط، وفي الوقت الحالي، لم نقدم المساعدة لأي عائلة هذا الشهر.

هناك أمهات عازبات أو آباء من مدمني المخدرات وأولئك العاجزون عن العمل في هذه العائلات. أما آخرون فلا يعملون بالقدر الكافي لتوفير قوت عائلاتهم.

وكانت محافظة سيستان وبلوشستان من أكثر المحافظات تحركا خلال الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للنظام التي اندلعت تحت شعار “امرأة، حياة، حرية” وذلك بعد مقتل الشابة مهسا أميني لدى احتجازها من قبل شرطة الأخلاق في أيلول/ سبتمبر 2022.

وفي 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، عرفت المنطقة المجزرة الأكثر دموية منذ بداية الحركة الاحتجاجية عندما قتل ما لا يقل عن 66 متظاهرا على يد قوات الأمن.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى