حكمتها المخابرات.. حقائق مشوّقة عن المخيمات الفلسطينية في لبنان

التقرير يقول إن هذه الزيارة وضعت ملفاً ساخناً على طاولة البحث وأساسه إمكانية تسليم الفصائل الفلسطينية في لبنان لسلاحها، وذلك تطبيقاً لمبدأ حصر السلاح بيد الدولة والذي رفعه الرئيس اللبناني جوزيف عون شعاراً لعهده منذ انتخابه رئيساً للبلاد في كانون الثاني الماضي.
أما باقي اللاجئين فيقيمون في مدن وقرى لبنانية إضافة إلى تجمعات سكنية جديدة نشأت بسبب تطورات الأوضاع في لبنان، ومن أهم هذه التجمعات غير المُعترف بها من قبل “الأونروا”: المعشوق، وجبل البحر، وشبريحا، والقاسمية، والبرغلية، والواسطة، والعيتانية، وأبو الأسود، وعدلون، والغازية، والناعمة، وسعدنايل، وتعلبايا وغيرها.
“المخابرات” حكمت المخيمات
وفي لبنان، لم يُنشر أي إحصاء كامل للسكان، والأرقام التي يُحكى عنها دائمًا هي تقديرية. هنا، تقول مؤسسة الدراسات الفلسطينية في منشور لها إنه في عام 2014، كان عدد اللاجئين المسجّلين لدى الأونروا يبلغ 455 ألفًا، فيما تقول أرقام أخرى عام 2024 إن عدد الفلسطينيين في لبنان يُقدر بـ483,375 شخصًا، يعيش نحو 280 ألفًا منهم في 12 مخيمًا رسميًا، بينما يقيم الباقون في تجمعات عشوائية.
ووفقًا للمؤسسة، فإنَّ الفلسطينيين في لبنان يواجهون التمييز الاجتماعيّ والقانونيّ الشديد في العمل وحيازة الممتلكات والبناء داخل المخيمات وتشكيل الجمعيات الأهلية، وتشير إلى أن الفلسطينيين يعيشون “بؤسًا ماديًّا وخوفًا وانعدامًا للأمن”.
وتقول المؤسسة إنّ معاملة الدولة اللبنانية مع الفلسطينيين تبدّلت في السنوات الماضية وتحديدًا في خمسينيات القرن الماضي، فأصبحت أكثر قساوة لاسيما بعد أحداث عام 1958 في لبنان.
وتضيف أنّ الرئيس اللبناني في تلك المرحلة، فؤاد شهاب، “استخدم مكتب الاستخبارات العسكريّة (المعروف أيضًا باسم المكتب الثاني)، فضلاً عن الشرطة، للسيطرة على المخيّمات”.
وفي تلك الفترة، جرى اتخاذ تدابير قمعية ولا إنسانية بحق الفلسطينيين، بحسب المؤسسة، إذ كانوا مقيدين بشدة لدرجة أنه لم يكن يُسمَح لهم بعقد الإجتماعات ذات الطابع غير العائلي، كما كان يُحظر عليهم الاستماع إلى الراديو أو قراءة الصحف، كما أنّ بناء أو إصلاح المنازل كان بحاجة إلى تصريح يتعذّر الحصول عليه، فيما لم تتوافر الحمّامات الخاصّة أو شبكات الصرف الصحيّ في المخيمات، وكان يتوجّب على كلّ شخص المشي للوصول إلى المراحيض العامة.
ويلفت المنشور إلى أنّ هذا الوضع أدى إلى شرارة تمرد في أوساط الفلسطينيين الذين سعوا لتغيير ظروفهم لاسيما خلال ستينيات القرن الماضي، ويضيف: “في العام 1969، انتشرت ثورة غير مخطط لها داخل مخيمات لبنان عندما طرد السكان المكتب الثاني الذي يكنّون له كراهيةً شديدةً، ما بشّر بتحرير قرار المخيّمات في لبنان. عندها، شعر الفلسطينيّون بأنّهم استعادوا احترام ذاتهم وعزتهم وكبرياءهم وكرامتهم، وبأنّهم يسيطرون على مصيرهم ويناضلون ضمن حركة جماهيرية من أجل العودة إلى ديارهم”.
آنذاك، عُرفت تلك الحركة داخل المخيمات بـ”ثورة الكرامة” وكان لها أثر كبير على الفلسطينيين في لبنان، وقد ارتبطت بمساعيهم لإحداث نهضة داخلية على مستويات مختلفة لاسيما التعليمية.
تذكر مؤسسة الدراسات الفلسطينية أنَّ انتفاضة الفلسطينيين الجماهيرية في مخيمات لبنان قادت إلى توقيع اتفاق القاهرة سنة 1969 بين زعيم منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات من جهة ولبنان من جهة أخرى. وفعليًا، منح هذا الاتفاق الفلسطينيّين الحقّ في إدارة مخيّماتهم، والانخراط في الكفاح المسلّح بالتنسيق مع الجيش اللبنانيّ.
وقد أعطى ذلك عمليًا ذريعة لتل أبيب لتنفيذ هجمات ضد لبنان لاسيما ضد المدنيين من اللبنانيين والفلسطينيين، ما أسفر عن تصاعد حدة التوترات الفلسطينية – اللبنانية.
ماذا عن فترة الحرب الأهلية؟
التقرير يقول إنّه خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 واستمرت لغاية الـ1990، أعلن الفلسطينيون تحالفهم مع “الحركة الوطنية اللبنانية” التي ضمّت أحزابًا يسارية منها الحزب “التقدمي الإشتراكي”، وبالتالي كان هناك انغماسٌ واضح في الحرب وسط تراجع سلطة الدولة اللبنانية. وعليه، استأنفت منظمة التحرير عملية توسيع قوتها ونفوذها، وجرى اتهامها بأنها تُشكل “دولة داخل دولة”، وفق منشور مؤسسة الدراسات.
في العام نفسه، غادرت منظمة التحرير لبنان إلى تونس، وقد تلا ذلك حصول مجازر طالت الفلسطينيين في لبنان.
وعام 1985، وبعدما انسحبت إسرائيل جزئيًا من لبنان وبقيت في جنوب لبنان، عاد مقاتلون تابعون لمنظمة التحرير إلى لبنان، وهناك قاموا بتنظيم أنفسهم لاستئناف نشاطهم المسلح ضد إسرائيل المتمركزة جنوب البلاد.
ماذا بعد الحرب؟
ومنذ توقيع اتفاق الطائف ولغاية العام 2006، أعيد طرح ملف السلاح الفلسطيني بجدية على طاولة البحث في لبنان، وكان ذلك خلال انعقاد جلسات الحوار الوطني اللبناني في آذار 2006.
البشتاوي يقول إنه حينها، تم اتخاذ قرار بسحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، مشيرًا إلى أنّ الواقع الحالي مرتبط بذاك الأمر، ويضيف: “كلمة سحب ونزع السلاح تشكل هاجسًا عند الفلسطينيين الذين يعتبرون أن سلاحهم مضبوط وهو يرتبط بالنضال ضد إسرائيل وليس موجهًا إلى الداخل اللبناني”.
ولعلّ الأساس في الحديث عن السلاح الفلسطيني ارتبط بالقرار الأممي 1559 الصادر عام 2004، والذي يدعو إلى نزع سلاح الجماعات غير الشرعية في لبنان، ويشمل ذلك سلاح التنظيمات الفلسطينية.
وللإشارة، فإن بداية الحديث عن معالجة ملف السلاح الفلسطيني انطلقت من العمل على حصره بيد منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بالتنسيق مع الجيش، وذلك تطبيقًا للقرار 1559.
ولكن، منذ ذلك الحين، أي منذ العام 2006 ولغاية العام 2025، بقيت مسألة السلاح الفلسطيني عالقة إلى أن تم إعادة تحريكها مُجددًا في الآونة الأخيرة، عقب انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان في 27 تشرين الثاني 2024 بعدما استمر التوتر لنحو عامٍ كامل بدءًا من 8 تشرين الأول 2023.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook