آخر الأخبارأخبار محلية

سيري وعين الله ترعاك… هذه هي حال بلاد من دون رئيس

“سيري وعين الله ترعاك”. هذه العبارة غالبًا ما نقرأها على خلفية الباصات أو الشاحنات، التي تسير “على ما يقدّر الله”، خصوصًا إذا كانت هذه الباصات والشاحنات تسلك طريق الشام نزولًا. وكم من حادثة كان شاهدًا عليها كوع الكحالة الشهير، حيث لا تسعف الفرامل على التخفيف من السرعة الزائدة، فيفاجأ السائقون بقساوة إنحناءة هذا الكوع، الذي بات جميع السائقين العموميين يخشونه ويحسبون له ألف حساب، لأنهم لا يعرفون ماذا ينتظرهم من مفاجآت اللحظات الحاسمة والمصيرية، وهم في ذلك يتكّلون على العناية الألهية أكثر من إتكالهم على فرامل قد لا تلبيهم عند الضرورة، خصوصًا عند المنعطفات الخطيرة، التي قد تصادفهم في طرقات لبنان المتعرجة. 

فما نشاهده على طرقات لبنان، التي تكثر فيها الحفر والتشققات، نشهده اليوم في الحياة السياسية، “التي تسير على ما يقدّر الله”، في الوقت الذي يسير فيه لبنان “وعين الله” ترعاه”. ولولا هذه العناية الالهية لكان المشهد أكثر دراماتيكية.  
ففي غياب، أو بالأحرى تغييب دور رئيس الجمهورية، الذي ُيفترض به أن يكون “الحكم المحايد”، يصبح كل شيء مباحًا، وتنتفي الضوابط، وتحّل الفوضى، ويسود الهرج والمرج داخل الملاعب، وهي كثيرة في لبنان، إذ أن لكل فريق سياسي في لبنان ملعبه، وهو يحاول أن يكون “ديكًا صيّاحًا” فيه ، رافضًا التنازل عمّا يعتبره حقًّا مكتسبًا. ومن بين هذه “الحقوق” الإدّعاء بأنه دون غيره مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية. وهذا ناتج عن ظنّه بأنه “ديك صياح”.  

ولأن “الحَكم العادل والشفاف” مغيّب، فإن الجميع يسرحون ويمرحون على هواهم، من دون رقيب أو حسيب، حتى ولو كان لهذا الأمر إنعكاس سلبي على الوضع العام في البلاد، التي تعيش حاليًا حالة من اللاوزن، وهي متروكة في مهب الرياح الأربعة كسفينة تتقاذفها الأمواج العاتية، وهي من دون ربّان. 
فالنواب الذين نزلوا بالأمس إلى “ساحة النجمة” للمرة السابعة على التوالي، وهم يعرفون أنهم لن ينتخبوا رئيسًا جديدًا، لا يعرفون في الوقت نفسه خطورة ما يقومون به لجهة ترك البلاد من دون ربّان أو حَكم أو راع، ولا يقدّرون عواقب تخّليهم عن القيام بأهّم واجبهم الدستوري، وقد إنتخبهم الشعب للقيام بهذا الدور، وبغيره من الأدوار، التي لا يقومون بها. 
فهل يدرك “نواب الخميس” مدى خطورة ألا يكون للبنان رئيس؟ هل يدركون ما ستكون عليه تداعيات هذا الأمر على مجمل الحياة اليومية للبنانيين، الذين لا يزالون يعيشون في “جهنم”، بل يمكننا القول إنهم لا يعيشون، لأن من يكون في “جهنم” لا تدّب في شرايينه الحياة؟ 

أغلب الظنّ أن كثيرين من نواب الأمّة لا يدركون هذه الحقيقة، وإن أدركوها لا يكترثون كثيرًا لما سيحّل بهذا الشعب، الذي لا يزال يعض على جراحه صابرًا وتاركًا أمره لرب العباد. 
أمس تكرّرت مسرحية “شاهد ما شفش حاجة” على خشبة مسرح “مدينة الأشباح”. المتفرجّون كثر ولكن من دون تصفيق، لأن المشاهد المتكررة قد أصبحت مملة وممجوجة، خصوصًا أن “الورقة البيضاء” لا تزال هي نجمة “ساحة النجمة”، وهذا يعني أن “حزب الله” لم يتوصّل بعد إلى حسم إسم مرشحه، وإن كان الوزير السابق سليمان فرنجية لا يزال المرشح الأكثر ملاءمة لوضعية “الحزب”.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى