في لبنان.. جميع مصادر المياه ملوّثة ومخاوف من اختلاط الصرف الصحي بمياه المنازل!

كتبت “الأخبار”: لم يثبت عدد ضحايا الكوليرا على 18، إذ ارتفع في الأيام الأخيرة إلى 20، مع انطلاق حملة التلقيح ضدّه، واستمرار الدعوات إلى معالجة شبكات المياه، بوصفها الخطوة الأساسية للوقاية من مرض لا تزال الخشية من تحوّله إلى وباء قائمة، خصوصاً مع حلول فصل الشتاء والاحتمالات السيئة التي قد يحملها على صعيد مفاقمة تلوّث المياه الجوفية، أو جرف السيول لمخلّفات الصرف الصحي إلى أماكن نظيفة. إلا أنّ هذه الدعوات تبدو أشبه بصرخة في وادٍ، في ظلّ ضعف الإمكانات من جهة، وعدم القدرة على تطبيق القوانين من جهة ثانية. غالبية محطات تكرير المياه المبتذلة متوقّفة عن العمل، والاتكال هو على الجهات المانحة لإصلاحها. أما الشكاوى والإخبارات التي يتقدّم بها المعنيون، فتبقى حبراً على ورق كما هو حال الإخبار الذي تقدّمت به المصلحة الوطنية لمياه الليطاني قبل ثلاث سنوات بشأن تلويث مستشفيات المنطقة للنهر بقاعاً.
إلا أنّ ما يقرّ به ياسين، يختلف حوله مديرو مؤسسات المياه في المناطق، المعنيين بتقييم جودة المياه من المصدر إلى المستهلك، فقد طمأن المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، قائلا: “ليس لدينا مشكلة أبداً”.
بدوره، قال خالد عبيد، المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الشمالي: كلّ المياه الموزّعة من مؤسسات المياه صالحة للاستخدام، لكنه يربط صلاحيتها بالمعالجة. أما قبل ذلك «فتصبح معظم مصادر المياه ملوّثة». في الشمال الذي شهد انطلاقة الكوليرا، استنفرت مؤسسة المياه لمراقبة جودة المياه وتعقيمها في الخزانات والآبار التابعة للمؤسسة «لكن هناك مصادر أخرى للمياه كالآبار الخاصة والينابيع»، مستدركاً خطراً محدقاً بشبكات مؤسسته «هناك مخاوف من اختلاط الصرف الصحي بمياه المنازل في حال انكسار أحد قساطل الشبكات». كما يتخوّف من المياه المبيعة في الصهاريج، لكن «ليس لدينا صلاحية على أصحاب الصهاريج. وكيف يمكننا ضبط جميع من يسحب المياه من القنوات والعيون والينابيع؟». وفي هذا السياق، تقول مصادر بلدية لـ«الأخبار» إن الأجهزة الأمنية رفضت طلب المؤسسة مؤازرتها في ضبط التعدّيات على الشبكات وتوجيه الصرف الصحي إليها، بسبب ضيق الإمكانات وقلة العديد.
وكان الأكثر يأساً بين مديري مؤسسات المياه، وسيم ضاهر، المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي الذي أوكلت إليه أخيراً إدارة مؤسسة مياه البقاع مؤقتاً.
وقال: «البقاع مقبل على كارثة خلال فصل الشتاء بسبب عدم قيام المنظمات الدولية بتفريغ الحفر الصحية في تجمعات النازحين السوريين، التي ستفيض إلى البلدات المجاورة والسهول الزراعية وتتسرّب إلى المياه الجوفية».
في نطاقه، تبلّغ ضاهر عن قيام أشخاص بتعبئة مياه من نهر الأولي وبيعها بالصهاريج في صيدا وضواحيها. وفي البقاع، تبلغ عن ريّ بعض السهول بالمياه الناتجة من محطات التكرير من دون معالجتها. كما تبلغ عن تسرّب النفايات السائلة من معاصر الزيتون في حاصبيا ومرجعيون إلى الأنهر والمياه الجوفية. «وفي حال تعقيم تلك المياه بمادة الكلور، تصبح مسرطنة باختلاطها مع المواد النفطية التي يحتويها زيبار الزيتون». المخرج الذي يقدّمه ضاهر مع غياب إمكانات المؤسسات والأجهزة الأمنية، هو التعقيم الذاتي «على كلّ مواطن أن يعقّم مياه الخزان في منزله بمادة الكلور لضمان تعقيمها في حال تعرّضها للتلوث في الطريق من المؤسسة إليه».
وأكدت أنّها تقوم بتأمين المياه النظيفة للسّوريين المقيمين في المخيمات الرسمية منذ عام 2012. لكن «بعد تقليص التمويل، اتُّخذ قرار جماعي، بالتنسيق مع مصالح المياه في لبنان، بتقليص حصة المياه المقدّمة للمخيمات الرّسمية من 20 ليتراً للشخص يومياً إلى 7.5 ليترات، علماً أنّ الرقم الأخير يُحسب بناءً على دليل «اسفير SPHERE» للعمل الإنساني خلال الأزمات، وذلك ابتداءً من 15 أيلول في معظم المواقع، وفي الأول من تشرين الأول في عرسال».
وأكدت أنّها تقدّم الدعم الفعّال لمكافحة انتشار المرض، وذلك عبر إتاحة خدمات حياتية في المناطق السّاخنة مثل المحافظة على المياه وتعقيمها، وتقوية أنظمة الصرف الصحي للحؤول دون الانتشار السّريع للكوليرا، بالإضافة إلى دعم المجتمعات لتحسين عاداتها في الحفاظ على النظافة الشخصية. كما وتدعم اليونيسف وزارة الصحة العامة بمعدات تساعد على الوقاية من العدوى ومكافحتها، مثل الأمصال، سوائل إعادة ترطيب الجسم، بالإضافة إلى المساعدة في الجمع والتخلص من النفايات الملوّثة بالكوليرا».
كما تقوم اليونيسف بتوزيع المحروقات على محطات ضخّ المياه، وتكرير ومعالجة المياه المبتذلة، إذ «وزّعت حتى منتصف الشهر الجاري 192 ألف ليتر من الوقود، يستفيد منها 841 ألف مقيم في المناطق الموبوءة بالكوليرا. كما قامت الصهاريج بإيصال 29 ألف متر مكعب من المياه إلى هذه المناطق، حيث استهدفت الحملة 117 ألف شخص عبر حملات توعية عن الوباء».
مصدر الخبر
للمزيد Facebook