التصعيد سيقابله التصعيد.. جلسة الحكومة حاسمة

من الواضح أن ما صدر عن “المنار” لا يمكن أن يُقرأ كوجهة نظر إعلامية فحسب، بل كخطاب سياسي مدروس يراد له أن يصل إلى المعنيين في الداخل والخارج. ف”الحزب”يريد تثبيت معادلة جديدة تقول إن جنوب الليطاني، وهو المنطقة الأكثر حساسية من الناحية الأمنية والسياسية، لم يعد محكومًا فقط بقرارات الدولة، بل إن ل”الحزب” دورًا أساسيًا في تقرير مسار الأمور هناك.
هذا الموقف يضع الحكومة أمام معادلة صعبة: فهي من جهة تحتاج إلى الحفاظ على الاستقرار وتأكيد دورها كمرجعية شرعية، لكنها من جهة أخرى لا تستطيع الدخول في مواجهة مفتوحة مع “حزب الله” في ظل موازين القوى الحالية. لذلك، قد يُفهم أن “الحزب” يتعمد رفع سقف التحدي، بحيث يضع الجنوب في موقع المواجهة مع الدولة، وفي الوقت نفسه يوسّع إطار الخلاف ليشمل كل لبنان. فبرأيه، لا معنى لتنسيق محدود في الجنوب إذا كان الخلاف الاستراتيجي على امتداد الساحة الوطنية.
الأهم أن “الحزب” يحاول من خلال هذه الرسائل أن يقول للدولة: “اكتفي بما تحقق”. فهو يعتبر أن التوازنات الراهنة، على الرغم من أنها تبدلت لغير صالحه بعد جولة القتال الأخيرة، لا تسمح بالذهاب أبعد مما وصل إليه الوضع. بكلام آخر، يريد “الحزب” أن يجمّد أي بحث إضافي في ملف السلاح، وأن يُبقي النقاش السياسي ضمن حدود ما يمكن احتماله، من دون السماح بانزلاق الحكومة إلى مواقف أو خطوات تُقرأ على أنها مساس بجوهر دوره وسلاحه.
بهذا المعنى، فإن ما صدر عن “المنار” ليس مجرد تذكير بموقف الحزب، بل هو رسم لخريطة الطريق المقبلة: جنوب الليطاني ليس ملفًا منفصلًا عن باقي لبنان، والسلاح ليس موضوعًا للتفاوض أو التنازل. الرسالة واضحة: على الحكومة أن توازن خطواتها بدقة، وأن تدرك أن أي محاولة لتجاوز الخطوط الحمر قد تعني فتح الباب على مرحلة جديدة من التصعيد.
وبذلك، يتحول الجنوب إلى ورقة ضغط أساسية، ليس على إسرائيل هذه المرة، بل على الدولة اللبنانية نفسها، في معركة داخلية قد لا تقل تعقيدًا عن المواجهة مع العدو الخارجي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





