آخر الأخبارأخبار محلية

نواب التغيير.. أفضل هدية للأحزاب التقليدية

كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: في السياسة عادة لا هدايا مجانية. ما يفعله النواب التغييريون أنهم يقدمون إلى القوى السياسية، معارضة وموالاة، هدايا سياسية منها المؤذي ومنها ما يخدم الطرفين.

 

وفي الحالتين تتقدّم نكسة ناخبيهم على ما عداها، يمكن الكلام عن مشهدين في واقع هؤلاء مع مرور “أشهر المعمودية” الستة، بعد الانتخابات النيابية، والتي وضعتهم أمام محك انتخاب رئيس المجلس ونائبه وتسمية رئيس الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية. إذ إنهم يقدمون إلى القوى والأحزاب التقليدية، على طبق من فضة، انتخابات عام 2026.

 

ما قام به الناخبون من رد فعل تجاه الأحزاب التقليدية، من مخلفات استثمار تظاهرات 17 تشرين، انتهى مفعوله في أقل من أشهر، والأرجح إذا ما استمر الأداء الحالي على ما هو عليه، كما يظهر حتى الآن، أن يعود الناخبون إلى قواعدهم وإلى بيئاتهم التقليدية بعد تجربة لا يمكن اعتبارها ناجحة حتى الآن بأي معيار.

 

يشكل “التغييريون”، بالنسبة إلى المعارضة، أسوأ أنواع الهدايا السياسية المسمومة، وهي معروفة في السياسة. الأحزاب التي خرجت من المجلس النيابي كانت، “رغم مساوئها” بالنسبة إلى المعارضة، أوضح وأصدق تعبيراً في مواقفها ومعروف اتجاهها، فيما كتلة نواب “التغيير” لا يمكن التنبؤ بما قد تفعله أو تصوّت له.

 

وهناك بين “التغييريين” من يوالي حزب الله، ويؤيده ويؤيد قوى 8 آذار ويقف في وجه كل المعارضة من دون الأخذ في الاعتبار تاريخ المعارضين سواء كانوا نواباً أو نواباً سابقين أو سياسيين بالمطلق. ومنهم من يتصرف من منطلق العداء لكل أحزاب “اليمين” بالجملة تحت مسميات “اليسار” غير المحددة هويته بوضوح. وخطورة هؤلاء أنهم يؤدون دوراً سياسياً بات مكشوفاً في أخذ القاعدة الشعبية المعارضة نحو أهداف غير بريئة في المطلق. هذه الكتلة تشكل بالنسبة إلى المعارضة أسوأ أنواع القوى السياسية التي لا ترى فيها خصماً أو حليفاً أو أنها قادرة على تحديد خطواتها.

 

في المقابل، ورغم أن الموالاة ترى أن عدداً محدوداً من “التغييريين” ينتهج سياسة العداء لحزب الله والتيار الوطني الحر، إلا أنها ترى في الكتلة ككل المعبر الأساسي لتفتيت المعارضة، كما حصل حتى الآن. وهذا يؤدي، على المدى البعيد، غرضه في استقطاب القاعدة الناخبة وتحقيق العودة إلى المربعات الطائفية والسياسية والحزبية. بذلك يمكن أن يكون انتخاب النواب “التغييريين” وتدجينهم وتحويلهم ظواهر إعلامية، أسهل الطرق وأفضلها للقضاء على أي حركة شعبية اعتراضية.

بقدر ما تتهم المعارضة نواب “التغيير” أو أكثريتهم بالاصطفاف إلى جانب الموالاة، وبقدر ما ترى الموالاة في كتلة النواب الـ13 فرصة لتفتيت المعارضة، يصبح هؤلاء كتلة سياسية تزداد خطورتها بانعكاس تجربتها الفاشلة على القاعدة الشعبية التي أوصلتها.

 

هناك حالة شبابية واسعة رأت في التظاهرات متنفساً لها ضد الأحزاب، وأعطت أصواتها لهؤلاء النواب، ولا تزال تبرر لهم أخطاءهم المتتالية، على طريقة امتصاص الصدمة وليس عن اقتناع بخطواتهم. لكن، تدريجاً، سيكون مصير هذه القاعدة بين حدّين: الانكفاء السياسي أو العودة إلى المجتمعات الطائفية والحزبية. وفي الحالتين، يكون نواب التغيير قد قضوا على كل ما أنتجته تظاهرات 17 تشرين، فأعادوا تعويم أحزاب الموالاة والمعارضة على السواء.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى