الاشتراكي يساير مؤقتا.. وسلاح التعطيل ذو حدين
يبدو أن الانتظار لانتخاب رئيس للجمهورية سيطول. فالحلول مؤجلة طالما أن شد الحبال وتبادل المواقف مستمر على المستوى المحلي ربطا بصراعات المنطقة ومحاورها. القوى الخارجية لم تتدخل جدياً بعد في الملف الرئاسي. وكل ما يجري لا يتعدى البروفا الانتخابية قبل الدخول في مرحلة جوجلة الأسماء تمهيدا للحسم الرئاسي.
في أولى الجلسات الانتخابية أمس، تأمن النصاب داخل القاعة العامة في حضور 122 نائبا وغياب نائبين هما سليم الصايغ وستريدا جعجع واعتذار 4 نواب هم فؤاد مخزومي، نعمت افرام، ابراهيم منيمنة ونجاة صليبا. وجاءت نتيجة التصويت على الشكل الاتي: ورقة بيضاء:63 . ميشال معوض:36 . سليم إده: 11 . أسماء أخرى: 12 (وحملت اسم لبنان 10 اوراق، همسا أميني صوت واحد، نهج رشيد كرامي صوت واحد) .
لم يطرأ أي مستجد يقلب المعادلات. المشهد كان متوقعا ولم يحمل مفاجآت تذكر. تكتل النواب السنة منح أصواته لـ”لبنان”. ومنح نواب التغيير أصواتهم لسليم اده في حين أن القوات اللبنانية وحزب الكتائب و”تجدد” واللقاء الديمقراطي ومستقلين صوتوا للنائب ميشال معوض، مع الإشارة إلى أن تصويت الاشتراكي كان شكليا وشكل مسايرة واضحة للسعودية بحسب المراقبين، فالنائب هادي ابو الحسن الذي اعتبر ان معوض يتمتع بمواصفات جامعة ولكونه يؤمن بالطائف وهو ابن الرئيس الشهيد رينيه معوض( أول رئيس للبنان بعد اتفاق الطائف)، نسف داخل القاعة كل ما قاله قبل دخوله الجلسة فأثناء عملية الاقتراع نادى النائب جورج عدوان لزميله معوض “president”, فكان رد أبو الحسن ممازحا: إيه خلي يعيشها!. وهذا يعني، بحسب مصادر متابعة لسياق الاتصالات الجارية، أن اللقاء الديمقراطي لن يبقى على موقفه في الجلسة المقبلة التي سيدعو إليها رئيس المجلس، فهو أدى قسطه يوم أمس وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولن يسير بمرشح لرئاسة الجمهورية مرفوض من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رغم أنه سيبقى متمسكا برئيس يحافظ على اتفاق الطائف ولا يعمل على نسفه.
أما الـ63 ورقة بيضاء فهي تعود إلى معسكر حزب الله وحلفائه. وهذا مؤشر واضح أن هذا الفريق لم يحسم خياراته بعد ولم تتفاهم مكوناته على شخص الرئيس العتيد، تقول مصادر هذا الفريق، التي تشير إلى أن عدد الـ63 صوتا لن يبقى على حاله، سيصل إلى 64 ، ومرد ذلك أن النائب الذي صوت لنهج الرئيس الشهيد رشيد كرامي سيكون إلى جانب هذا الفريق عند اللحظة المفصلية. ولم تستبعد المصادر نفسها انضمام كتلة النواب السنّة او عدد من نوابها إليه في حال حصل تفاهم على شخصية توافقية، والأمر نفسه قد ينطبق على نواب اللقاء الديمقراطي، لكن الأكيد أن حلف 8 آذار لا يرى في معوض أو في النائب السابق صلاح حنين الرئيس التوافقي الانقاذي للبنان. وبالتالي فإن الأسماء الأخرى قد تكون محل نقاش ودرس بين الكتل النيابية كافة في مرحلة لاحقة إذا سقطت حظوظ الوزير السابق سليمان فرنجية، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن فرنجية ومعوض من زغرتا، ومرة جديدة يذهب جعجع بتسمية مرشح رئاسي قاطعا الطريق على فرنجية بمعزل عن انعدام وصوله إلى كرسي بعبدا وفقا للمشهد الراهن، فهو ذهب في العام 2016 إلى دعم وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا رداً على المبادرة الحريرية بترشيح النائب سليمان فرنجية.
لا تخفي مصادر بارزة في الاعتدال الوطني لـ”لبنان24″ أن نوابا مستقلين صوتوا بورقة بيضاء. وهذا يعني أن 63 صوتا لا يتبعون لمعسكر محدد. وليس بعيدا سيبدأ النائب نبيل بدر ونواب الاعتدال الوطني وبعض النواب المستقلين في البقاع جولة على الكتل النيابية من أجل التفاهم على شخصية توافقية بعيدة عن المحاور. ولا تعتبر هذه المصادر أن معوض هو مرشح السعودية، ولا يجوز تحميل لقاء اليرزة أكثر مما يحتمل، فالسفير وليد البخاري لم يوعز إلى أحد من النواب السنّة خلال لقائه بهم في دارته، التصويت لمعوض، بدليل أن اصوات قوى التغيير والمستقلين لم تعط معوض صوتا. ولم تستبعد المصادر احتمال التفاهم على قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح توافقي خاصة وأنه يحظى بدعم واحترام من دول الخليج والولايات المتحدة وفرنسا ومصر، لكنها تسأل هل يقبل حزب الله بالجنرال عون؟ مضيفة: بالنسبة لنا الأولوية تكمن في انتخاب رئيس يعيد الثقة الدولية بلبنان وينجح في فك الحصار عن هذا البلد وانتشاله من أزماته.
ومع ذلك تقول أوساط سياسية، إن حزب الله لم يفقد وحلفاءه الأكثرية في البرلمان. وبغض النظر عن التباين التكتيكي في الملفات الداخلية المتصلة باقتراحات ومشاريع قوانين، إلا أن هذا الفريق سرعان ما يوحد صفوفه وجبهاته ليقف يدا واحدة في الاستحقاقات المفصلية وقد ينضم إليه عدد من النواب المستقلين. وحزب الله والمرده وحركة أمل وحلفاؤهم في 8 آذار لم يصوتوا للوزير سليمان فرنجية، لعدم حرقه واقتناعا منهم أن الجلسة الأولى ليست إلا محرقة للأسماء. أما المعارضة فلا تزال حتى الساعة عاجزة عن توحيد صفوفها، سواء في الملفات الصغيرة أو في القضايا الاستراتيجية، وهذا يعني أنها لن تستطيع أن تفرض مرشحاً لها داخل البرلمان. فسلاح تطيير النصاب في الدورة الثانية لأي جلسة سيكون حاضراً وبقوة عند خصومها كما حصل يوم أمس عندما خرج نواب كتلتي الوفاء للمقاومة والتحرير والتنمية بعد انتهاء الدورة الأولى من جلسة الانتخاب، علما ان الكل قادر على استخدام سلاح التعطيل في الدورة الثانية وتطيير النصاب إذا لم يتأمن التوافق الذي سيحدد على ما يبدو موعد الجلسة المقبلة التي سيدعو إليها رئيس المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook