آخر الأخبارأخبار محلية

لا رئيس بدون الخيار الثالث

 

بعد موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الجديد – القديم بات واضحًا أن لا انتخابات لرئاسة الجمهورية في المدى المنظور. هذا واقع وليس تحليلا أو توقّعًا. إنه نتيجة قناعة راسخة لدى الجميع. لا شيء سيتغيّر أقّله قبل عودة المفاوض الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وتبعًا للمواقف السياسية فإن “مهمة أيلول” لن تكون سهلة. وسيكون على المفاوض الفرنسي، الذي شكره رئيسه على “المهمة التي يقوم بها في لبنان بطلب مني والمتعلقة بإيجاد الطريق لحل سياسي على المدى القصير”، أن يتعامل مع الواقع الجديد بكثير من الحذر والدّقة. فما في الملف الرئاسي من تعقيدات، كما في غيره من الملفات، يتطلب نهجًا مغايرًا عمّا كان سائدًا منذ أن أوكلت إليه هذه المهمة، وقبل أن تدخل اللجنة السداسية على خطّ المبادرة الفرنسية. وهي تحتاج بالتالي إلى “مفاتيح” جديدة لفتح الباب الرئاسي الموصد بإحكام. وقد يكون الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في موقفه الجديد حول “توضيح التدخلات الإقليمية في هذا البلد (لبنان)، ومن ضمنها تدخل إيران”، قد وضع إصبعه على الجرح بواقعية تامّة. مع ما يستلزم هذا الموقف الغامض والملتبس من توضيحات مطلوبة من الديبلوماسية الفرنسية قبل أي أمر آخر، وقبل عودة لودريان إلى بيروت. 

في المقابل، فإن ما قاله الرئيس بري حول رهن عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق على الرئيس يعيد البحث الرئاسي إلى المربع الأول. وهذا يعني في القراءة السياسية، وفق نظرة قوى “المعارضة”، أن هذا التوافق مرهون أيضًا بمدى الالتزام بعقد جلسات متتالية لا بدّ من أن تنتج رئيسًا بالطرق الديمقراطية المتبعة في مختلف دول العالم، حتى في تلك التي يُقال إنها آحادية أو توتاليتارية.  

 

 

فـ “المعارضة” لا تزال تصرّ على أن المخرج الوحيد للأزمة الرئاسية يكون باعتماد الإطار الديمقراطي وليس أي أمر آخر. 

وتضيف: أن أي حديث تارة عن حوار، وطورًا عن توافق، ليس سوى مضيعة للوقت، وإطالة عمر الشغور الرئاسي، مع ما يترافق مع هذه الدعوات من معادلات قد أصبحت واضحة للقاصي والداني. فكلمة توافق تعني في قاموس “الممانعة” الاقتناع بترشيح فرنجية بما يمثّله من ضمانات سياسية أكيدة للجميع، مع التزامه النهائي بعروبة لبنان، وبعدم سلخه عن محيطه العربي، والعمل من ضمن الثوابت الوطنية والسيادية على إعادة العلاقات اللبنانية – الخليجية إلى ما كانت عليه. أمّا إذا لم يقتنع الآخرون بصوابية هذا الترشيح وأحقيته فإن النتيجة معروفة سلفًا، وهي أن لا انتخابات بالمعنى الحصري للمفهوم العام للديمقراطية. 

أمّا “الفريق الممانع” فله نظرة مختلفة، وهذا ما شدّد عليه الرئيس بري باعتباره رأس حربة في المعركة الدستورية، وكرر “ان عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية مرهون بالتوافق على رئيس، وتبعاً لذلك ليس وارداً ان ادعو مجلس النواب الى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، يتكرر فيها الفشل في انتخابه كما حصل في الجلسات الـ12 التي عقدها المجلس ولم نصل فيها الى اي نتيجة”. 

 

 

وردا على سؤال قال: “بالنسبة الى ما خَص جلسات انتخاب الرئيس، انا في هذا الامر ملتزم بالدستور، ولا اسير الا وفق مندرجاته، ومن يقول غير ذلك، فليقرأ الدستور جيدا”.  

 

فما بين القراءتين ثمة قراءة أخرى يمكن وصفها بأنها دمج للقراءتين الآنفتي الذكر، إذ تعتمد على التوافق غير المشروط وغير المحدّد بضوابط مقيّدة ومعلّبة. فللتوافق بالنسبة إلى أصحاب هذه القراءة، وهم لا ينتمون إلى أي فئة حصرية من أفرقاء الصراع، أصول وقواعد، وبالتالي على المقتنعين بضرورة التوافق الإقرار بمبدأ العدالة النسبية، بحيث يُصار قبل أي أمر آخر إلى تخّلي أي فريق من الأفرقاء المدعوين إلى التوافق عن حصرية امتلاك كامل الحقيقة، التي هي بدورها نسبية، وبالتالي الذهاب إلى خيار ثالث غير خياري فرنجية وازعور كخطوة أولى في مسيرة الألف ميل نحو استعادة الحياة الديمقراطية، التي تقوم على تطبيق الدستور بحرفيته وروحيته.      


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى