آخر الأخبارأخبار محلية

البحث الجدّي بالرئاسة مؤجَّل.. مواقف الراعي تزعج العونيّين؟!


بصريح العبارة، قالها البطريرك الماروني بشارة الراعي في إطلالته التلفزيونية قبل يومين: “الشغور الرئاسي جريمة”، في وقتٍ يبدو الاستحقاق الرئاسي “مؤجَّلاً” في أحسن الأحوال، وإذا ما صفت النيات، رغم مرور أيام على بدء المهلة الدستورية والقانونية لإنجازه، من دون أن تبلور معظم القوى السياسية مواقفها منه بعد، فيما لا يزال بعضها يعتبر الوقت “مبكرًا” لحسم اتجاهاتها، أو حتى للبحث في أسماء المرشحين المفترضين.

 
لعلّ البطريرك الراعي أراد أن يوجّه “رسالة” إلى القاصي والداني، وهو يدرك أنّ البعض يتعامل مع “الشغور” على أنه “تحصيل حاصل”، فجاءت مواقفه لتحذر من هذا “السيناريو” الذي يخطّط البعض له ربما، معطوفة على دعوة مباشرة لرئيس الجمهورية ميشال عون حتى “يعمل اللي ما بينعمل” من أجل ضمان “تسليم سلِس” للرئاسة، وإن رفض في الوقت نفسه الانجرار إلى “لعبة الأسماء”، باعتبار أنّها “ليست شغلته”.
 
أكثر من ذلك، قرئت بين “سطور” كلام البطريرك رسائل “مضمرة” بالجملة، لم تكن “على خاطر” عون، ومن خلفه “التيار الوطني الحر”، وإن كان مُستبعَدًا أن يدخل هؤلاء في “سجال مباشر” معه، سواء على خلفية ما قاله عن نظرية “الرئيس القوي” التي لم يجد الراعي ما يبرّرها، أو على منحه الانتخاب حيثية “وطنية” أبعد من “المسيحية”، أو حتى لعدم ممانعته انتخاب سليمان فرنجية رئيسًا إذا كان قادرًا على الجمع!

 
هل يردّ “العونيون” على الراعي؟

 
صحيح أنّ المتابعين يستبعدون أن يتصدّى “العونيون” للرد على البطريرك الراعي، سواء على لسان الرئيس ميشال عون، أو رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل، أو حتى أحد القياديّين المقرّبين من الأخير، إلا أنّ الأكيد وفق ما يقول هؤلاء أن بعض المواقف التي صدرت عن الراعي، كانت ستُقابَل بهجوم مضاد وعنيف وشرِس من الجانب “العوني”، لو أنّها جاءت على لسان شخصية سياسية من خصوم “التيار”.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ الكثير من المواقف التي أطلقها البطريرك الراعي “تزعج” جمهور “التيار”، على رأسها كيفية مخاطبته رئيس الجمهورية، بما لا “يتناغم” مع الخطوات التي يلوّح بها “العونيّون” تحت ستار “حقوق المسيحيين”، سواء لجهة دعوته إلى أن “يخرج كبيرًا كما دخل كبيرًا”، أو لجهة تأكيده أنّ صلاحياته تسقط بمجرد انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول، من دون أن يكون هناك علاقة لـ”نوع” الحكومة بقرار الرئيس في نهاية المطاف.

 
لكنّ أكثر ما “يستفزّ” الجمهور “العوني”، وفق هؤلاء، يبقى في اعتراض البطريرك الراعي على “منطق” باسيل الأول في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وعنوانه “الرئيس القوي”، بل ذهابه لحدّ “التشكيك” بمبدأ “الحيثية المسيحية”، باعتبار أن النواب المسيحيين لم يُنتخَبوا أساسًا بأصوات المسيحيين فقط، ليبلغ “الاستفزاز” ذروته مع عبارة “ليش لا” التي أطلقها الراعي ردًا على سؤال عمّا إذا كانت المواصفات الرئاسية يمكن أن تنطبق على سليمان فرنجية تحديدًا.
 
المعركة “لم يحن أوانها”!

 
لكن، بمعزل عن مواقف البطريرك الراعي، وبغضّ النظر عن كيفية تلقف “التيار الوطني الحر”، يبقى الثابت أنّ المعركة الرئاسية لا تزال “مؤجَّلة”، بل أنّ “أوانها لم يَحِن بعد”، وفقًا لما يُسرَّب من الأجواء السياسية، رغم “الحراك” الذي يبقى خجولاً ومتواضعًا، ويتمثّل خصوصًا في اللقاءات التي بدأها نواب قوى “التغيير” مع مختلف الأفرقاء، في إطار “المبادرة” التي كانوا قد أطلقوها مطلع الشهر الجاري، ووصفوها بـ”الإنقاذية”.
 
بيد أنّ اللافت أنّ هذه اللقاءات على أهميتها، لم تعكس حتى الآن “جدية رئاسية”، باعتبار أنّ البحث لا يزال متركّزًا على “العموميات”، بدليل ما أعلنه بعض النواب “التغييريين” عن أنّ النقاش بالأسماء لم يبدأ بعد، وهو قد لا يبدأ قبل انتهاء “الجولة الأولى” من المشاورات، والتي يُحكى أنّها ستحتاج إلى أسبوعين بالحدّ الأدنى، بين الكتل البرلمانية والنواب المستقلين في الأسبوع الأول، والشخصيات السياسية المعنية الأخرى في الأسبوع الثاني.
 
في غضون ذلك، كان لافتًا مثلاً إعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّه من المفترض التوصل إلى اسم مرشح بين أطراف المعارضة “خلال أسابيع”، ما يعني أيضًا أن الاستحقاق مؤجّل، في حين بات واضحًا أيضًا أنّ “حزب الله” لا يزال بعيدًا عن الأجواء الرئاسية، ما يعزوه البعض لـ”الإحراج” الذي قد يقع فيه بين حلفائه قبل خصومه، وهو ما يعزّز عامل “عدم الحسم” أيضًا وأيضًا.
 
قد يكون مطلوبًا من الجميع إدراك جدّية كلام البطريرك الماروني، فأن يصف الشغور الرئاسي بـ”الجريمة” ليس تفصيلاً، ما يتطلب من الجميع العمل لتفاديه، لا لتكريسه، بعيدًا عن “رهانات” قد لا تكون مجدية على حظوظ قد تتصاعد بعد وقوعه، أو على خطوات يلوّحون بها ليلاً نهارًا، في حين أنّ “مخاطره وأضراره” قد تفوق ما يعتقده كثيرون، بحيث لا تُقارَن بتلك التي أحدثتها “فراغات” السابق..


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى