آخر الأخبارأخبار محلية

تسريبات وفتاوى وطائفية ووعيد.. كيف تنعكس على تشكيل الحكومة؟!

فيما كان رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ينتظر “إجابات” رئيس الجمهورية ميشال عون على المقترح الأخير الذي ناقشاه قبل يومين، في قصر بعبدا، فوجئت الأوساط السياسية والحكومية بـ”التصعيد الكلامي”، من خلال المواقف “المنقولة” عن الرئيس، الذي “تبنّى” فيها الكثير من “التسريبات الصحافية”، خصوصًا لجهة الحديث عن أنّ حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تملأ “فراغًا” على مستوى رئاسة الدولة.

 
ولأنّ الكلام الرئاسيّ جاء متزامنًا مع “وعيد باسيليّ”، يتناوب عليه النواب “اللصيقون” برئيس “التيار الوطني الحر”، ممّن يتحدّثون عن “خطوات” ستُتّخَذ في الوقت المناسب، يبدو واضحًا أنّ طابعها غير دستوري ولا قانوني، جاء ردّ الرئيس ميقاتي على المواقف “الجاهزة” واضحًا لا يحتمل اللبس، خصوصًا لجهة الإشارة بصراحة إلى “ما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بفخامة رئيس الجمهورية”، وفق نصّ البيان.

 
لكنّ الرئيس ميقاتي ذهب أبعد من ذلك، ليضع الإصبع على “الجرح”، إن جاز التعبير، بتشديده على أنّ منبر الرئاسة ينبغي أن يكون “فوق الاعتبارات الطائفية”، واستغرابه أن يُستخدَم “لإطلاق مواقف تؤجّج الأوضاع، بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين”، فمن يسعى لإثارة النعرات الطائفية في هذا التوقيت؟ وهل من مصلحة لتأجيج الصراع بهذا الشكل، في وقت كان يفترض أن يسلك الحراك الحكومي مساره لتفادي كل هذه السيناريوهات؟!
 
تسريبات “خطيرة”
 
صحيح أنّ كثيرين فوجئوا ببيان رئيس الحكومة المكلف الذي جاء، خلافًا للعادة، في “مواجهة” رئيس الجمهورية، بعدما كان يحرص طيلة الفترة الماضية على ترك علاقته مع الرئيس “بمنأى” عن كل السجالات العلنية، التي يحصرها برئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، غير المعنيّ أساسًا وافتراضيًا بالملف الحكومي، إلا أنّ المعنيّين يعتبرون أنّ “بصمات” الأخير كانت “واضحة” خلف البيان الذي تلي من قصر بعبدا.

 
يقول المتابعون إنّ الرئيس ميقاتي ما كان ليردّ ويطلق مواقفه، لو لم يستشعر “خطورة” التسريبات التي يتمّ “رميها بكثافة” في الأيام القليلة الماضية، وتنطوي على “فتاوى” لم يعد يمكن وصفها فقط بأنّها “غب الطلب”، بل من شأنها “تأجيج الأوضاع” على غير صعيد، سواء لجهة الحديث عن “سحب التكليف” الذي يدرك الجميع عدم دستوريته، وصولاً إلى “نيّة” الرئيس البقاء في القصر، لعدم تسليم صلاحيّاته لحكومة تصريف أعمال.
 
وإذا كان مُستغرَبًا إطلاق العنان لمثل هذه التسريبات، معطوفة على “مزايدات” النواب “الباسيليين” المعروفين، في وقتٍ يفترض أنّ المفاوضات الحكوميّة بدأت تؤتي ثمارها، فإنّ المراقبين يعتبرون أنّ “الرسالة الأهمّ” التي أراد الرئيس ميقاتي تمثّلت في تحذيره من “تأجيج الأوضاع”، وحديثه عن “الاعتبارات الطائفية”، لأنّ المضيّ في “الخطاب الطائفي”، واللعب على وتره، أكثر من خطير، ومن شأنه “إحراق” الجميع دون استثناء.
 
الحراك الحكومي مستمرّ
 
توحي المواقف التي صدرت من قصر بعبدا، وما تبعها من سجال يمكن أن يبقى “مضبوطًا”، إذا لم يدخل “ملائكة أو شياطين” باسيل على خطّه، وفق ما يقول البعض، أنّ “الإيجابية” الحكومية التي رُصِدت في الأيام الماضية، بعد مبادرة الرئيس ميقاتي إلى إحياء المسودّة التي قدّمها منذ اليوم الأول لتكليفه، في سبيل التوصل إلى تقريب وجهات النظر بينه وبين الرئيس، قد تراجعت، أو أنّها اصطدمت بالشروط والشروط المضادة.
 
إلا أنّ المعنيّين يؤكّدون أنّ الأجواء الحكوميّة مختلفة تمامًا عن أجواء السجال، وهو ما حرص الرئيس ميقاتي أصلاً على التأكيد عليه في بيان مكتبه الإعلامي، حيث ضمّنه إشارة واضحة إلى أنّ “ما قيل لن يكون بأي شكل من الأشكال معطلاً لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة”، كما لفت إلى أنّه “ينتظر مجددًا أن يستكمل مع فخامة رئيس الجمهورية مناقشة التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت”.
 
من هنا، يقول العارفون إنّ “الكرة” في ملعب رئيس الجمهورية، الذي يُنتظَر أن يقدّم إجاباته على الصيَغ التي تمّ بحثها في الاجتماع الأخير، حيث يمكن أن يكون اللقاء المقبل بين الرجلين “حاسمًا” لإنجاز التشكيلة حتى تتمكن من الحصول على ثقة البرلمان في الوقت المناسب، إلا إذا كان “التعطيل ممنهجًا”، وكان هناك من لا يريد تشكيل حكومة لينفّذ “مخططاته”، وما بيانات الأمس، معطوفة على الإصرار على “توسيع” الحكومة، سوى الدليل على ذلك.
 
يخشى كثيرون أن تكون مواقف “القصر”، معطوفة على تسريبات “الفتاوى” وغيرها، مقدّمة لوضع العصيّ في دواليب تأليف الحكومة، لا للضغط على الرئيس المكلّف فحسب، ولعلّ الخشية الأكبر تبقى في اللجوء إلى “الوتر الطائفي” الذي أثبتت التجارب اللبنانية “المريرة” أنّه يضرّ ولا يفيد، في حين أنّ المطلوب هو التقيّد بالدستور ولا شيء سواه، فهل من يتّعظ من “ويلات” الماضي، حتى لا تتكرّر في مرحلة قد تكون “الأسوأ” على اللبنانيين؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى