مبادرات للتعاون المدني لمجابهة نقص الإغاثة الإنسانية بسبب المعارك

نشرت في: 09/05/2023 – 11:26
رغم إعلان هدنة إلى غاية 11 أيار/مايو الجاري، تواصلت المعارك في السودان ووصلت إلى يومها الخامس والعشرين ما يهدد حياة المدنيين الذي يعانون أصلا من نقص الخدمات الطبية والمواد الأساسية من طعام وماء وكهرباء. ولمحاولة مساعدة الأعداد الكبيرة من النازحين، تشكلت مبادرة للتضامن المدني وانطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي.
حررت هذا المقال: إيميلي بيرود
حسب حصيلة للأمم المتحدة نشرت في 2 أيار/ مايو 2023، فإن المعارك الدامية في السودان والوضع الإنساني في مناطق الاشتباك أجبرت نحو نصف مليون شخص على الهرب من بيوتهم نزح منهم 334 ألف شخصا داخل البلاد فيما توجه 114 ألف آخرين إلى الدول المجاورة.
ومن بين الأشخاص الذين نزحوا إلى مناطق سودانية أخرى، لجأ كثير منهم إلى واد مدني وشندي وبورت سودان أيضا. وفي هذه المدن، تشكلت مبادرات تضامنية للاستجابة للوضع الإنساني الصعب والطارئ ما أتاح توفير الغذاء للمدنيين وسقف يؤويهم ليلا.
الطريق الرابط بين مدن واد مدني وشندي وبورت سودان حيث لجأ عدد كبير من النازحين
“تم فتح مراكز إيواء في مبيتات طلابية ولدى بعض أصحاب البيوت الذين تركوها للنازحين”
في بورت سودان، المدينة الساحلية التي تقع قبالة الشواطئ السعودية، تم تشكيل مبادرة Red Sea Emergency Initiative (مبادرة البحر الأحمر للطوارئ) من قبل عدد كبير من المتطوعين والشباب في المنطقة.
مراقبنا الحسن عبد الله، المتطوع بدوره، يوضح لنا كيف قدمت هذا الحركة التضامية المساعدة للنازحين الذين وصلوا إلى ساحل البلاد:
هدف هذه المبادرة هو تهيئة بورت سودان لاستقبال أي شخص من البلاد لجأ إلى المدينة. فتح المتطوعون عددا كبير من مراكز الإيواء في مبيتات مخصصة للطلاب أو حتى من عند ملاك بيوت غير مأهولة. إلى حد الآن، تم إيواء 186 شخصا في هذه المباني.
أتاحت مبادرات تضامنية أخرى، خصوصا التي أطلقها “مؤتمر حاملي الشهادات من شعب بيجا” توفير حلول سكن مؤقت وغذاء لنازحين سواء تعلق الأمر بسودانيين أو يمنيين وسوريين أيضا.
تم تداول صور أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر التعاون المواطني على غرار هذا المقطع المصور في شندي على بعد بضعة كيلومترات من الخرطوم:
أهل وشباب #شندي في خدمة النازحين من #الخرطوم .. pic.twitter.com/D96LN3Mojo
— ᖇᗩᗰI TᗩᕼIᖇ (@RamiTahir) April 27, 2023
“السكان والشباب في شندي في خدمة النازجين من الخرطوم” يقول مستخدم الإنترنت في النص المرفق مع الفيديو.
بقي السودانيون عالقين في مناطق النزاع وحياتهم مهددة بسبب مصاعب عدة منها صعوبة الحصول على العلاج ونقص المياه والغذاء والكهرباء.
“أحاول إيصال صوت الناس الذي يتواصلون معي”
لتناقل الرسائل على أوسع نطاق ممكن، تنشر مراقبتنا كوثر علي الملقبة بكوكي، مضيفة الطيران والمدونة الذي يتابعه أكثر من 75 ألف شخص على فيس بوك، نداءات استغاثة لأشخاص يحتاجون للمساعدة، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
لم أجد مكانا آمنا لأنني أعيش في الخرطوم. لقد خسرنا كل شيء هنا. خسر عدد كبير من الناس بيوتهم وعملهم، كل شي مغلق. أنا نفسي ليس لدي طعام في بيتي منذ ثلاثة أيام. نحن بحاجة إلى المساعدة. السودانيون بحاجة إلى الأدوية والغذاء.
بما أنني مدونة أحظى بمتابعة واسعة في السودان عبر فيس بوك وإنستاغرام، أحاول نقل صوت أشخاص يتواصلون معي ويحتاجون للمساعدة لنقل رسالتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يراسلني البعض لأنهم بحاجة للطعام أو الماء.. أطلب منهم مديي برقم هاتفهم وعنوانهم ومن ثم أنشرها على فيس بوك أملا في العثور على شخص قادر على التواصل معهم وتقديم المساعدة لهم.
التغريدة الموجودة على اليسار التي نقلتها كوثر العلي الملقبة بكوكي “كوكي كيف حالك؟ هل بإمكاني أن أجد لديك حبوب ضرورية لطفلة؟ شكرا. اسم الدواء هو “prograf 1mg” إنه أمر مستعجل لطفلة صغيرة في أم درمان”
في التغريدة الموجودة على اليسار التي نقلها كوكي علي نقرأ: “مرحبا كوكي، هل يمكن لنا تناقل هذا على فيس بوك؟ أنا بحاجة لسيارة لنقل أربعة أشخاص من منطقة الديم إلى منطقة حلفايا، إنه أمر مستعجل جدا، مع تحديد السعر. أشكرك من كل قلبي. أرجو منك عدم ذكر اسمي في المنشور. وبإمكان الشخص وضع رقم هاتفه في تعليق وسأتواصل معه.
في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور (غرب البلاد)، أكثر المناطق تضررا من المعارك بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، فإن إيصال المساعدات أصبح أشبه بالأمر المستحيل. وبما أنهم بقوا عالقين بين إطلاق النار والقصف الجوي، ومعزولين داخل مقراتهم، فإن فرق الإغاثة الإنسانية التي مازالت على علين المكان تكابد من أجل إيصال المواد الطبية والغذاء الضروري للمدنيين.
“يجب على أطراف النزاع تسهيل عملنا”
جرمان ماثيو، الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، يتحدث عن المصاعب التي تواجهها فرق المنظمة الإنسانية الموجودة في الخرطوم:
في 3 أيار/ مايو الجاري، قدمنا مساعدات طبية لمستشفى في الخرطوم اسمه “ألبان جديد”. ونطلق على هذه التجهيزات تسمية “war wounded kit” [فريق التحرير: حقيبة إسعاف مصاب في الحرب]. كانت هذه العملية صعبة التنفيذ. يقع مقر منظمتنا في الخرطوم في حي عمارات، حذو المطار مباشرة، والذي أصبح اليوم تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وهي منطقة لم تتوقف فيها الغارات الجوية رغم الهدنة. يقع مستودعنا الذي توجد داخله التجهيزات الطبية في مكان بعيد بحي آخر يقع تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية.
أرادت فرقنا التنقل للمستودع لأخذ التجهيزات وتسليمها للمستشفى. ولكن العملية تعطلت طيلة يومين لأننا لم نتلق الضمانات الأمنية الكافية من الطرفين المتحاربين. وحتى نتمكن من التنقل، يجب علينا التمكن من التواصل مع الطرفين حتى لا يكون هناك إطلاق نار في مسارنا طيلة تنقلنا. وهو أمر صعب التنفيذ على أرض الواقع في سياق الحرب الدائرة ومع وسائل اتصال محدود.
لدينا شحنة وصلت إلى بورت سودان وتتمثل في كميات هائلة من التجهيزات الطبية التي يجب أن نقوم بنقلها إلى الخرطوم وإقليم دارفور. الطريق لا يمثل مشكلة في حد ذاته، لكن مكلف جدا، حيث يجب العثور على شاحنات ووقود. والمشكل يكمن في الحصول على طريقة لإيصال هذه التجهيزات إلى المناطق التي تحدث بها المعارك. وكيف يمكن الحصول على ضمانات أمنية. ولنقل المساعدات الطارئة لمن يحتاجون إليها، يجب أن يسهل أطراف النزاع علمنا وإلا فإن الأمر مستحيل.
Yesterday, we provided medical assistance to Alban Jadeed Hospital to treat those wounded.
Together with the Sudanese Red Crescent, we expect to support more hospitals in coming days if the situation allows.
The humanitarian needs are immense, especially in the medical sector. pic.twitter.com/WutsdrZtpH
— ICRC Sudan (@ICRC_Sudan) May 4, 2023
وسم على الإنترنت للبحث عن أشخاص في عداد المفقودين
تم إطلاق مبادرة تضامنية أخرى على الإنترنت وبالتحديد على تويتر. فتحت وسم “سودانيون مفقودون” يمكن إحصاء عدد الإعلانات في موقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لأشخاص يبحثون عن مفقودين.
ويقوم أولئك الذين فقدوا من يبحثون عنهم بنشر صورهم وأسمائهم والظروف التي اختفوا فيها منذ 15 نيسان/ أبريل 2023 أملا في جمع معلومات عنهم والعثور على أثر لأقاربهم.
//platform.twitter.com/widgets.js
مصدر الخبر
للمزيد Facebook