آخر الأخبارأخبار محلية

رسائل “غير ديبلوماسيّة” لديبلوماسيّة الفاتيكان

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: أُحيطت زيارة وزير خارجية الفاتيكان بول غالاغر، باهتمام لافت، وحمل حضوره إلى بيروت ومستوى لقاءاته المتنوّعة، في طياته بعدين، يتعديان أهمية الشراكة المسيحية – الإسلامية في ظل عنوان السينودوس من أجل لبنان، في ذكرى مرور 25 سنة على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني. البعد الأول سياسي يحمل إشارات داخلية وإقليمية. في لقاءات كنسية، بدا اطّلاعه كاملاً على الوضع الداخلي بتشعباته وصراعاته. يعرف الأدوار المحلية والإقليمية في لبنان، ورغم أنه لا يحمل مبادرة بالمعنى الحرفي، إلا أنه أراد الاستماع إلى ما يريده من التقاهم أَفرادياً وجماعياً، وماذا يريد المسيحيون واللبنانيون إذا وُضع لبنان على طاولة الحوار الدولية. وهو وجّه رسائل واستمع إلى أسئلة صريحة من محدثيه من رجال دين، وكانت له إشارات عن الحوار مع واشنطن حول ملفات لبنانية شائكة، في سعي إلى فكفكة الألغام أمام التهدئة الداخلية. تحدث عن التدخلات الخارجية، ولم يطلق اتهامات بالمعنى المباشر. لا بل إنه طرح أفكاراً يمكن الاستدلال منها على فتح باب الحوار الدولي في شأن مستقبل لبنان. ولم يكن مؤيداً لأفكار فضفاضة، بل كان منحازاً إلى أفكار عملانية. أشاد بفكرة الحياد لكنه اعتبرها واسعة وتحتاج إلى كثير من الجهد لتحقيقها في ظل أزمات الشرق الأوسط المتداخلة. في المقابل لم يكن رحيماً مع الطبقة السياسية. ما قاله في العلن قاله وراء الأبواب، لم يوفر جهداً للتعاطف مع اللبنانيين إزاء مسؤوليهم.

الشقّ الثاني من الزيارة كنسي اجتماعي، والبابا يعوّل عليه بقوة، لأنه استكمال الدعوة البابوية إلى الكنيسة المارونية والكنائس الغربية في لبنان لمعرفة ماذا تحقق من وعود أطلقتها الكنائس في شأن التربية والصحة. في هذين الموضوعين، لا يجب التقليل من أهمية الكلام الفاتيكاني في بيروت، لأنه يستكمل رؤية البابا التي أعلنها أمام وفود لبنانية أخيراً «حول بساطة الكنيسة وعدم جواز ثرائها مقابل تقهقر أوضاع مؤمنيها». في هاتين النقطتين الكلام واضح وصريح، وبعض من في لبنان ومن زوار الكرسي الرسولي لم يكونوا مرتاحين للكلام البابوي. غالاغر أراد استكمال جمع المعطيات عما تفعله المؤسسات الكنسية التربوية والصحية. فالكنيسة مسؤولة مباشرة وغير مباشرة عن جزء أساسي من المدارس والمستشفيات. والوعود التي أعطيت في الصيف الماضي لا يبدو أنها تحققت في شكل مُرضٍ، بدليل ما يصل إلى الفاتيكان وممثليه في بيروت عن أوضاع اللبنانيين عموماً، ورعايا الكنائس، من فقر مدقع ومن تعذّر الطبابة في مستشفيات «مسيحية» الطابع وتقهقر أوضاعها. وربما يكون بعض مسؤولي الكنيسة غير مرحّبين بكلامه ورسائله، تماماً كما بعض المسؤولين السياسيين، لأن الديبلوماسي الذي أراد أن يقف على حقيقة الخطوات التي تحقّقت، يعرف أن جزءاً من الحلول الاجتماعية في يد المسؤولين الكنسيين ومؤسساتهم، وهي تتحقّق بفعل مبادرات فاعلة، وإذا كان حل الأزمة اللبنانية ككلّ مرهوناً بحوارات إقليمية ودولية، فعلى مَن في الكنيسة تحمل مسؤوليتهم. وهذا تنبيه لا يحبه الكثير من الأساقفة والكهنة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى