آخر الأخبارأخبار محلية

مجريات التنقيب عن النفط والغاز في لبنان: عمليات الحفر تنطلق في هذا التاريخ

أطلق اتفاق الترسيم البحري بين لبنان والجانب الإسرائيلي، الإجراءات التحضيرية للتنقيب عن النفط والغاز، في البلوك التاسع في المياه الإقتصادية اللبنانية الخالصة، وذلك للمرة الأولى منذ توقيع العقد بين الدولة اللبنانية وشركة “توتال إنيرجي” الفرنسية قبل خمس سنوات في شباط عام 2018. بحيث عمدت توتال في حينه إلى البدء بالحفر في البلوك الرابع وتجاهلت التاسع. بعد توقيع اتفاق الترسيم انتفت الأسباب التي دفعتها إلى تأخير الحفر في البلوك التاسع. العملية بدأت فعليًّا، ما هو مسارها الزمني والتقني؟ وهل فعلًا هناك معطيات عن ثروة مدفونة في أعماق البحر؟

 

دراسة الأثر البيئي في حزيران
في الوقت الحالي تعمل توتال على دراسة الأثر البيئي، بعدما أجرت سفينة “جانوس 2” المسح البيئي للمنطقة، بحيث جمعت صورًا لقاع البحر، وأخذت عينات من المياه والرواسب، فضلاً عن مراقبة الكائنات البحرية في المنطقة.

 

مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان أوضحت في اتصال مع “لبنان 24” أنّ دراسة الأثر البيئي خطوة تسبق الحفر، تقوم بها الشركة لأهداف بيئيّة بحتة، من منطلق المحافظة على البيئة أثناء عمليات الحفر. وتتضمن العملية دراسة أنواع الحياة الحيوانيّة والنباتيّة الموجودة في منطقة الحفر، ووضع خطة للعمل كي لا تتضر البيئة، وهو إجراء يتيح مراقبة المسح البيئي قبل وبعد عمليات الحفر. هذه العملية تستغرق عدّة أشهر، وتُنجز أواخر حزيران المقبل وفق ما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجي” باتريك بويانيه. ثمّ تسلّم الشركة الدراسة لهيئة إدارة قطاع البترول كي تبدي موافقتها. كما تعمل على إطلاع الأهالي أو المعنيين في المنطقة على نتائج الدراسة، وخطة الشركة للمحافظة على البيئة.

 

الحفر في البئر الأول الخريف المقبل
تلي دراسة الأثر البيئي عمليات الحفر في البلوك التاسع،  وكان بويانيه قد أعلن عن بدء حفر الآبار في الربع الثالث من العام الحالي. تستغرق عملية الحفر الإستكشافي من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وتظهر ما إذا كان هناك كميات من الغاز. ثمّ تعود الشركة في بداية العام 2024 إلى بيروت، لتعلن عن النتائج، وفق ما أعلنه الرئيس التنفيذي.

 

لا معلومات قبل نتائج الحفر
هايتيان توضح بأن لا معلومات عن وجود غاز في البلوك التاسع قبل ظهور نتائج الحفر. وعن الأجواء التفاؤلية التي أشاعها وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض بإعلانه أنّ “الحقل واعد”، لفتت هايتيان أنّ “المشكلة في لبنان تكمن باستباق الحفر، وإعطاء وعود وآمال قبل معرفة النتائج العلمية، تمامًا كما حصل في البلوك الرابع، بحيث تمّ في حينه تصوير الأمر على أنّ هناك ثروة من الغاز، وعندما ظهرت النتائج بعدم وجود كميات، ذهبت الأمور باتجاه الحديث عن مؤامرة”. بالمقابل لفتت هايتيان إلى نقطة إيجابية تميّز البلوك التاسع، وهي المعطيات الجيولوجية التي أظهرت وجود كميات في حقل كاريش المحاذي “ولكن رغم ذلك، يجب ألا ننسى توصيف الرئيس التنفيذي لتوتال بأنّ الحفر سيتمّ في منطقة صعبة، من الناحيتين التقنية والجيولوجية، من هنا لا بدّ من الدقة في إعطاء المعلومات، لا سيمّا أنّ رؤساء الشركات الثلاث الرائدة في مجال التنقيب، يتمهّلون بانتظار نتائج الحفر، من هنا لا يمكن لنا أن نتحدث عن كميات واعدة، ويجب انتظار نتائج الحفر “.

 

توتال أمام ثلاثة سيناريوهات  
أيّ عملية تنقيب عن الغاز، تخلُص إلى احتمال من ثلاثة، الأول عدم وجود غاز، الإحتمال الثاني وجود كميات من الغاز ولكن قليلة لا تسمح بتطوير الحقل، والإحتمال الثالث وجود غاز بكميات تجارية. في هذه الحال تقول هايتيان “إذا تمّ العثور على الغاز ضمن الحدود اللبنانية ينطبق عليه العقد الموقع مع كونسورتيوم الشركات الثلاث. أمّا في حال تخطّى الغاز حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة إلى المنطقة الإقتصادية الإسرائيلية، وهو أمر مرجّح أوحى به مؤخّرًا الوسيط الأميركي في ملف الترسيم آموس هوكستين، بهذه الحالة تطبق اتفاقية ترسيم الحدود، التي تنصّ على وجوب التفاوض بين الجانب الإسرائيلي وشركة توتال للاتفاق على حصّة إسرائيل، وهو ما عرف بالتعويض المالي، كي تتمكن توتال من تطوير الحقل والإنتاج، وفي حال لم توافق اسرائيل، تتوقف العملية. هذا الواقع يجب أن يعرفه اللبنانيون جيدًا، كي لا يقال عندها هناك مؤامرة وحصار، بالنهاية هذا ما ينصّ عليه اتفاق الترسيم الذي قبل به لبنان، والذي يؤكد على الشراكة في حقل قانا. في حين كان هناك خيار آخر وهو الخط 29 وتمّ تجاهله”. 

 

الإنتاج يحتاج إلى 5 سنوات بالحدّ الأدنى
في حال أظهر تقييم توتال أنّ هناك كميات تتصف بالبعد التجاري في البئر الذي جرت فيه عملية الحفر، تذهب الشركة لاستكمال عمليات الحفر والتطوير، وهي فترة تستغرق خمس سنوات أقلّه، تجيب هايتيان “بأي حال يجب انتظار رؤية شركة توتال، حول البنى التحتية الواجب توفيرها والمنصّة المطلوبة، وما إذا كانت موجودة أم بحاجة إلى إنشاء، على سبيل المثال استغرق بناء منصّة كاريش بين 3 و 4 سنوات. فهناك مراحل، ولا يمكن وضع تواريخ محددة للفترة الممتدة بين الإكتشاف والإنتاج”.

 

السوق المحلي لا يستوعب الكميات التجارية
وجود كميات واعدة من النفط والغاز سيدفع الشركات إلى التصدير، خصوصًا أنّ استهلاك الداخل اللبناني محدود، وفق هايتيان “بحيث توجد محطتان لتوليد الكهرباء فقط. والتصدير إلى الخارج سيكون من ضمن خطة تسويق تضعها الشركات الثلاث بقيادة توتال، مع الحكومة اللبنانية، والمعضلة هنا تكمن بغياب بنى تحتية داخلية ملائمة، ما قد يفتح الباب لاحتمال استخدام بنى تحتية مشتركة لتصدير الغاز”.

 

الشركات غير متحمّسة للاستثمار في البلوكات المتبقّية
بشأن البلوكات الثمانية المتبقّية، تنتهي دورة التراخيص الثانية بشأنها في حزيران المقبل، وكانت قد أُطلقت منذ نيسان عام 2019، وجرى تمديدُها أكثر من مرّة. في السياق تشير هايتيان إلى أنّ الدولة اللبنانية من خلال الهيئة ووزير الطاقة تقوم بجولات لتحفيز الشركات للإستثمار، وفي حال لم تتقدّم الشركات، قد يُصار إلى التمديد مرّة جديدة. “أمّا عدم رغبة الشركات بالإستثمار فيعود إلى وجود مخاطر تتعلق بوضع البلد والإنهيار الحاصل، وغياب خطّة للنهوض”.
إذن دخول لبنان نادي الدول النفطيّة رهن الكشف عن ما تخبّئه أعماق البحر، والإستفادة من الثروة في حال وجدت، يتطلب بنية تحتيّة وإصلاحيّة وتشريعيّة ملائمة.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى