آخر الأخبارأخبار محلية

ماذا يعني عندما يتحدّث نصرالله عن الجوع والأمن الإجتماعي؟

أسهب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في حديثه عن ترسيم الحدود البحرية والغاز والنفط ووقوفه وراء الدولة اللبنانية في ما تتخذه من موقف رسمي موحدّ ستبلغه إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين

وعن هذا الأمر تحدّث كثيرون، منهم من يعرف عمّا يتحدّث ولديه المعطيات كافة، التي تسمح له بإبداء رأيه ووجهة نظره بالنسبة إلى الخلاف القائم حول المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، ومنهم من يتحدّث عن الخطّين 23 و29 من دون أن يفقه شيئًا عن هذا الموضوع الحسّاس والدقيق، ويتنطّح لإبداء رأيه “الهمايوني”، من دون أن يكون ذا قيمة مجدية.

فالكلام “الفاضي” عن هذا الموضوع قد يتوقّف عندما يتحدّد موقف لبنان الرسمي، الموحدّ والنهائي، في اللقاء الذي سيجمع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري. وهذا الموقف هو الذي سيبّلغ إلى هوكشتاين الأسبوع المقبل.

فالكلام عن هذا الموضوع يُترك لأصحاب الإختصاص والشأن، مع حرص الجميع على الوصول إلى النتائج المرجوة بالنسبة إلى الكنز الدفين، الذي تحدّث عنه نصرالله، والذي سيمكّن اللبنانيين من مكافحة الجوع، وقال: “هل توجد حاجة لكي أقول كم أصبحت قيمة العملة ‏اللبنانية، ومعاش الضباط الجنود والعسكر والموظفين في الدولة ‏التي الان “قايمة القيامة” في القطاع العام؟ انه المليون ليرة والمليونين والثلاثة ‏ملايين ماذا يفعلون؟! كم أصبح سعر الخبز وكم قيمة اشتراك وكم أجرة البيت وكم.. وكم.. ‏وكم.. نعم هم يدفعون البلد الى الجوع، والى المجاعة، وليس الى الاقتتال السياسي، ‏ان شاء الله لا يوجد حرب أهلية في لبنان، ولن يسمح لأحد ان يعمل حربا أهلية في ‏لبنان، ولكن عندما ينتشر الجوع بهذه الطريقة يصبح هناك خطر كبير جدا على الامن ‏الاجتماعي، الذي يمكن ان يكون أسوأ من الحرب الاهلية، في الحرب الاهلية في ‏النهاية يحصل هناك خطوط تماس، لكن توجد هنا مناطق آمنة وهنا آمنة ويوجد خط تماس، لكن عندما نفقد الامن الاجتماعي يُصبح الرجل او الطالب او السيدة او المرأة  والام ‏والاب.. الخ لا يستطيع احد ان يمشي في الشارع، لا يعرف متى يأتون ليسرقوه ‏وينهبوه ويضعون الرصاصة في رأسه“.

هذا الكلام عن الجوع والغلاء عندما يقوله مواطن عادي يمكن وضعه في إطار “فشّة خلق”، أو صرخة موجوع يرى أولاده يجوعون، وهو غير قادر على أن يقدّم لهم ما يسدّ جوعهم أو يروي عطشهم.

أمّا عندما يقول مثل هذا الكلام السيد حسن نصرالله فهو لا يعود مجرد “فشّة خلق”، بل يتعدّى الأمر إلى ما هو أخطر. فالأمن الإجتماعي أساسه الإستقرار السياسي. ولا إستقرار أمنيًا وإقتصاديًا ما لم يكن الأمن السياسي متوافرة له ظروف مؤاتية تسمح للبنان بالخروج من “شرنقة” المزايدات السياسية، والإنقسام العمودي بين محاور إقليمية متباعدة في الأهداف والإيديولوجيات.

فمع فقدان الليرة اللبنانية لقيمتها الشرائية مقابل تفلت سعر الدولار أصبحت رواتب الموظفين، وهي لا تتخطّى بضعة ملايين في حدّها الأقصى، لا تكفي لشراء بضعة “تنكات” بنزين، للذهاب إلى أشغالهم اليومية.

ما تحدّث عنه السيد نصرالله هو حديث كل ربّ أسرة لا همّ له سوى تأمين “ربطة” خبز لعياله، وحديث كل موظف يرى راتب شهر بكامله يتبخّر أمام عينيه عند أبواب “السوبرماركت”، وحديث كل ربّ عمل “عينه بصيرة ويده قصيرة”، وحديث كل صاحب مستشفى لا يستطيع أن يفعل شيئًا أمام المرضى الذين يتعذّر عليهم تسديد فاتورة الإستشفاء، وحديث كل صاحب صيدلية يشفق قلبه على كل من يطلب دواء ولا يجده، وحديث كل صاحب مدرسة ليس في يده حيلة أمام أزمة التدريس، إذ يرى نفسه حجرًا بين شاقوفي أولياء تلامذة لا يستطيعون تحمّل أعباء كلفة تعليم أولادهم، وشاقوف الرواتب المتدنية للأساتذة.

فبضعة ملايين من الليرات لم تعد كافية. إنها الحلقة المفرغة ذاتها، مع ما يرافق ذلك من تضخّم غير مسبوق.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى