آخر الأخبارأخبار محلية

الأسباب التي تدفع باسيل نحو تموضع أكثر بُعداً عن الحزب

كتب ابراهيم بيرم في”النهار”: بدا رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في إطلالتين إعلاميتين أخيرتين كأنه غادر أيّ التقاء ثابت مع حليفه السابق”حزب الله” وأنه ماضٍ بخطى ثابتة الى تموضع جديد يتيح له “التحرر” نهائياً من مُرّ آثار وتداعيات مرحلة” تفاهم مار مخايل”.

السؤال المطروح هو: ما الذي حدا بباسيل لأن يختار هذا التوقيت لإبلاغ من يعنيهم الامر انه قد طلَّق تماما مناخات التفاهم السابقة مع الحزب، وانه لم يعد في صدد العودة الى تفاهمات تمتّ بصلة الى “تفاهم مار مخايل”، وانه استطرادا في وارد المضي الى تموضع سياسي جديد، وان الجسر المُفضي الى هذا التموضع هو تسليط الاضواء الساطعة على وجوه التمايز مع الحزب حول قضايا الداخل، وعلى تعارضه مع “مغامرات” الحزب الحالية على طول الحدود الجنوبية؟

يتحدث ناشطون سياسيون قُدّر لهم ان يلتقوا باسيل انه قد نضجت لديه رؤية سياسية متكاملة قرر اعتمادها خياراً لا رجعة عنه تنطوي على ما يحدد علاقته المستقبلية بالحزب من جهة وتضمن له العبور الى تموضع سياسي أكثر مرونة وبراغماتية في التعاطي مع المكونات السياسية في البلاد.

تنطلق رؤية باسيل تلك والتي وُلدت بعد طول نقاش للواقع الداخلي والاقليمي حاضراً ومستقبلاً من نقطة مبدئية هي انه لا يمكن لـ”التيار الوطني الحر” ان يسير في ركاب خيار يؤدي الى ترئيس زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية الذي ما زال الحزب يعلن تمسّكه بترشيحه حصراً، أو التفكير جدياً بخيار بديل هو ايصال قائد الجيش العماد جوزف عون الى سدة الرئاسة الاولى.

واكثر من ذلك، فان باسيل لم يجد من الحزب ما ينفي نهائياً ان يكون في يوم من الايام في وارد السير بصفقة سياسية يذكر أنها من إعداد الجانب الاميركي، يكون أحد شروطها تأمين انتقال عون من مقره الحالي في اليرزة الى قصر بعبدا، خصوصا انه سرى في الآونة الاخيرة ما يشير الى ان واشنطن تتحدث عن عروض سخيّة تقدَّم بالجملة الى الحزب لكي يرعوي عن المضي في المواجهات على الحدود الجنوبية ويفكّ ارتباطه مع الجانب الفلسطيني.

وفي السياق عينه، لا يكتم باسيل ان اعتراضه على ترئيس كلا الشخصين يتأتى من خلفية سياسية أساسها اعتقاده ان عهد أيّ منهما في الرئاسة سيكون امتداداً لعهد الإخفاق، وهو (باسيل) ليس مستعداً لأن يُحسب على خيار آخر من هذا النوع أو يمشي به لأنه سيكون معرّضاً ولاريب للخسارة.

الى ذلك، يستشعر باسيل ان ثمة تطوراً جديداً طرأ أخيراً أفقد “تفاهم مار مخايل” سبباً أساسياً من أسباب وجوده أصلاً، فضلاً عن ديمومته. ففي السابق، وتحديداً أيام ولادته، كانت ثمة حاجة ضمنية لدى طرفَي ذلك التفاهم الى ابرامه وهو مواجهة مشتركة لهيمنة “الحريرية السياسية” في تلك الحقبة كزعامة سنّية عارمة. ولكن بعد الضربة التي تلقّتها تلك الزعامة إثر انسحاب الرئيس سعد الحريري من العمل السياسي، فان التيار بات يستشعر ان حاجة الحزب الى التفاهم معه لم تعد بالحرارة عينها كما في السابق، خصوصا ان الحزب وضع في حساباته امكان اعادة وصل ما انقطع مع القيادات السنية التي بدت وقد تحررت من طغيان زعامة واحدة.

وواقع الحال هذا بحسب تلميح باسيل خفف كثيرا حاجة الحزب الى “الشراكة” مع المسيحيين واصراره على إطالة أمد تلك التجربة.

أمر آخر سبق لباسيل ان جاهر به وتناوله مراراً عندما اطلق سابقا في التداول استنتاجه الشهير وفحواه ان لا مشروع جدياً لدى الحزب لإعادة بناء الدولة ولا وقت عنده يخصصه حتى لإصلاح ما خرب وما يمكن إصلاحه في بناء الدولة الموشك على الانهيار والتداعي. وفي أحسن الاحوال كان رد الحزب على هذه المسألة بالقول: اعذرونا لا نريد ان نفتح خطوط تماس مع الحليف الأوثق اذا ما نحن سرنا معكم قدماً في عملية الاصلاح والبناء.

ولا يخفي باسيل في طوايا كلامه ان الحزب هو مَن أعلى مِن شأن مشروعه الاستراتيجي عندما سارع الى فتح ابواب المواجهة الحدودية. “واذا كان الامر بالنسبة اليه مشروعاً وواجباً يؤديه، فانه يحق لنا ان نبحث عن خياراتنا وما يناسب مصالحنا ورؤانا”.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى