آخر الأخبارأخبار محلية

شو وقفت عليّ؟

على رغم الحملات الإعلامية التي يقوم بها الجميع لحضّ الناخبين على التوجّه إلى صناديق الإقتراع بكثافة في 6 و8 و15 أيار فإن حالًا من “الدلع” هي التي لا تزال تسيطر لدى أغلبية المواطنين غير الحزبين، والذين يعتقدون عن سابق تصوّر وتصميم أن ما كُتب لهذه الإنتخابات قد كُتب، سواء أكان الإقبال على الإقتراع كثيفًا أو لم يكن. فالنتيجة واحدة. أحزاب السلطة ستعود هي ذاتها، وإن بوجوه جديدة. 

وعندما يحاول البعض إقناع من تمّ “غسل” عقولهم من قبل بعض مراكز الإحصاء بعكس نتائج هذه الإحصائيات المدفوعة الأجر سلفًا لغايات محدّدة ومعروفة، يكون جواب هؤلاء: “شو وقفت عليّ”. أو مثلًا “ما في غير طنسة بالجيش”. 
فمن خلال هذه العقلية التي تعتمد على فلسفة “المعليشية”، أو “حادت عن ظهري بسيطة”، يُسمح لمن أوصل البلد إلى ما وصل إليه من هريان وإنهيار الإستمرار في سياسة التعمية، لأنهم مطمئنون إلى أن لا أحد سيحاسب في النهاية.  

فالمواطن الذي يقول بأنه “شو وقفت عليّ” معذور ولا يُلام. لقد أوصلوه إلى قعر حفرة اليأس والإحباط بعدما جوّعوه وسرقوا منه جنى العمر وهجّروه إلى خارج وطنه، وحتى أنه بات يعيش داخل الوطن وكأنه في غربة، حيث لم يعد يشعر بأي حماية، لا أمنية ولا إجتماعية ولا غذائية ولا صحية. سرقوا من شباب لبنان أحلامهم بمستقبل مشرق.  
وبعد كل هذا يُطلب من هذا المواطن أن يشارك في هذه التمثيلية الهزلية، التي إسمها إنتخابات على أساس قانون إنتخابي صيغ على قياس أشخاص محدّدين ومعروفين. يُطلب من هذا المواطن الإقبال بكثافة على صناديق الإقتراع، وبالأخصّ البعيدة عن مكان إقامته، وهو بالكاد يستطيع أن ينتقل من منزله إلى مكان عمله بعدما أصبحت صفيحة البنزين تساوي نصف الحد الأدنى للإجور. 
يفهم البعض عدم لامبالاة المواطنين. ويفهمون أيضًا أن حال القرف التي أوصلهم إليها أهل السلطة بلغت بهم إلى نوع من الرفضية المطلقة لكل ما له علاقة بالسياسة وأهلها. 

وعندما يسأل هؤلاء الذين يحضّونهم على الإقبال بكثافة على الإنتخابات عن الجهة التي تستأهل أصواتهم تكون الإجابات مبهمة، لأن البدائل عن أحزاب السلطة لم تقنع أحدًا، لا بطروحاتها ولا بمشاريعها ولا بأشخاصها. ولو كان العكس صحيحًا لكنا رأينا حماسة لدى هؤلاء المحبطين لا تضاهيها حماسة المحازبين أنفسهم. 
لو إقتنع هؤلاء الذين يفضّلون البقاء في صفوف المشاهدين والمتفرجين بما طرحه عليهم مرشحو ما يُسمّى بـ”المجتمع المدني” أو “القوى التغييرية”، أقله بالنسبة إلى توحيد شعاراتهم ولوائحهم، لكانت المشهدية قد تغيّرت، ولكنا شهدنا إقبالًا منقطع النظير من قبل مواطنين على إستعداد للذهاب إلى ضيعهم النائية، حتى ولو مشيًا على الأقدام، من أجل إنتخاب من يرون فيهم مستقبلًا واعدًا. 
أمّا في هذه الحال غير المشجعّة فإن شعار “شو وقفت علي” يبقى الخيار الوحيد المتبقي لدى من وصلت بهم الحال إلى حدود الكفر بكل شيء.  
فلا تلومون من لا يُلام. ولا تعتبون على من تعبوا من كثرة العتب. 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى