آخر الأخبارأخبار دولية

هل يخلف أولاف شولتز “أكثر سياسي ممل في العالم” المستشارة ميركل؟


نشرت في: 24/09/2021 – 18:42

يتصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة أولاف شولتز استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات العامة في ألمانيا، ما يجعل وزير المالية الحالي ونائب المستشارة أنغيلا ميركل هو المرشح الأوفر حظا لخلافة ميركل في منصبها. وحظي شولتز بهذا الفرصة على الرغم من التشكيك المستمر في التزامه تجاه اليسار وسعيه المتواصل خلال مسيرته للعودة إلى السباق السياسي.

يعتبر سطوع نجم شولتز خلال الانتخابات العامة في ألمانيا غير منتظر بالمرة على الرغم من أنه كان بالإمكان التنبؤ به. فأولاف شولتز مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يمثل الوجه الأوفر حظا اليوم لخلافة أنغيلا ميركل كان قبل بضعة أشهر من الانتخابات العامة المقررة الأحد 26 سبتمبر/أيلول بعيدا جدا عن هذه الفرضية.

خلال شهر يونيو/حزيران، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ذيل المحافظين، ليس خلف الاتحاد الديمقراطي المسيحي فحسب، بل والخضر أيضا. لكن الوضع لم يتطلب أكثر من ثلاثة أشهر فقط لتنقلب الموازين وتفارق اللعنة التي لازمت هذا الحزب منذ العام 2000 وجعلته طيلة عقود في أواخر نتائج استطلاعات الرأي.

ما الذي جعل شولتز مفضلا؟

ومن المفارقات في هذا السياق أن يجسد أولاف شولتز، وزير المالية الحالي ونائب المستشارة أنغيلا ميركل وأحد الكوادر الأقل تقديرا تاريخيا من قبل قاعدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، هذا الانتعاش الانتخابي الجديد لحزبه اليساري. لهذا سارع مراقبون لاعتبار ذلك مجرد حسن حظ بحت إضافة إلى الأخطاء الفادحة التي ارتكبها خصومه السياسيون.

للمزيد – عهد ميركل: عودة على 16 عاما من حكم المستشارة الألمانية

فقد ارتكب منافسه ومرشح الحزب الديمقراطي المسيحي آرمين لاشيت خطأ إعلاميا فادحا خلال الفيضانات الكارثية التي شهدتها ألمانيا في منتصف شهر يوليو/تموز عندما نشر صورة له في عين المكان بدا فيها بمظهر المرح ما أثار موجة انتقادات ضده. أما بالنسبة لبطلة الخضر، أنالينا بربوك، فقد تعثرت في مسألة سيرة ذاتية مفبركة وسرقة أدبية في تأليف كتابها الأخير.

إذن هل أصبح أولاف شولتز الأوفر حظا في سياق حتمي؟ كيف يمكن أن يكون الأمر كذلك بشأن مرشح تتفق كل وسائل الإعلام الأنغلو ساكسونية تقريبا على وصفه بـ”أكثر سياسي ممل في العالم”. ويواجه حضور وكاريزما شولتز أيضا نوعا آخر من الانتقادات، إذ يطلق عليه منذ فترة طويلة لقب “شولزومات”، وهي اختصار بين اسمه وكلمة “آلي”، بسبب هوسه في الرد مثل الروبوت على الأسئلة. “إنه السياسي النموذجي الذي يفكر جيدا، لكنه يتواصل بشكل ضعيف”، هكذا تلخص مجلة دير شبيغل الأسبوعية.

من جانبه يبدو أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد اختار أولاف شولتز على مضض، فقد طمح وزير المالية الحالي في رئاسة الحزب أواخر 2019 لكن قواعده فضلت ممثلين آخرين من الجناح اليساري معتبرة إياه، وكما انتقده دائما نشطاء اليسار: كونه يمينيا جدا.

ويُطلق على أولاف شولتز أيضا لقب “ميركل” على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تسمي بعض وسائل الإعلام الآن هذا الستيني “فاتي” (“أبي”) ، في إشارة إلى “موتي” (“أمي”) ، اللقب الشهير لأنغيلا ميركل.

رجل الصعود السياسي

واستغل شولتز منصبه كوزير للمالية في حكومة أنغيلا ميركل ليظهر كزعيم سياسي قادر على مواجهة الأزمات. بهذه الطريقة أصبح نائب المستشار رجل “مهما كان الثمن” بالنسبة للألمان في تعامله مع جائحة فيروس كورنا. كما تعهد بالإنفاق ببذخ لتعويض ضحايا فيضانات يوليو/تموز.

شولتز المصنف اليوم على أنه يميني اشتراكي ديمقراطي حثه حزبه على الاستقالة في نهاية عام 2004. وكتبت صحيفة شبيغل في عام 2007: “لقد كان أول ضحية سياسية لإصلاحات غيرهارد شرودر”. سجل ذاك العام عودة شولتز عندما أصبح آنذاك وزيرا للعمل في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة أنغيلا ميركل. إذ سعى، دون جدوى، لاستعادة صورته الاجتماعية الديمقراطية من خلال انتقاد السياسات المنتهجة من المستشارة ميركل في هذا المجال، والنضال من أجل مراجعة الحد الأدنى للأجور.

في عام 2011، فاز أخيرا بمنصب عمدة هامبورغ واعتنى بالسياسة المحلية حتى استدعته أنغيلا ميركل ليصبح وزيرا للمالية ونائبا للمستشار في عام 2018. في هذا المنصب، لم ينجُ من مقارنته بسابقه وولفغانغ شوبل، الذي اشتهر بأنه حارس معبد أرثوذكسية الميزانية الأوروبية. لكن أولاف شولتز قرر أن ينفرد بهذه العقيدة، ما أثار استياء شركاء ألمانيا الأوروبيين الذين سرعان ما أطلقوا عليه اسم “وولفجانج شولز”.

هذا ما أقنع الجناح اليساري للحزب الاشتراكي الديمقراطي أنه من غير الوارد تسليم مفاتيح الحزب لهذا “الخائن الاجتماعي” في عام 2019 أي قبل عام ونصف من ترشيحه لمنصب المستشار. يبدو الأمر متناقضا، ولكن في غضون ذلك، لم يتمكن أولاف شولتز من مواجهة التحديات الاقتصادية المرتبطة بالأزمة الصحية فحسب، بل “اهتم أيضا بتواصله وبدا أكثر صداقة وانفتاحا”، كما أكدت دويتشه فيله.

كما أنه سمح لأن تطفو على السطح الإعلامي “زلات” شبابه عندما كان جزءا من الشباب الاشتراكي. فكان آنذاك أحد أشد المنتقدين للأمين العام لهذه الحركة، ويلي بيكيك، عندما اعتبر “أنه لم يكن مناهضا للرأسمالية بما فيه الكفاية”، حسب صحيفة الأعمال اليومية هاندلسبلات.

تبدو وكأنها محاولة لتصحيح صورته كاشتراكي ديمقراطي “زائف”؟ لا يبدو أن ذلك كافٍ، خاصة إذا برز الحزب الاشتراكي الديمقراطي، مساء 26 سبتمبر/أيلول، بالفعل في الصدارة واضطر إلى التحالف مع حزب اليسار الراديكالي دي لينك لتشكيل ائتلاف حكومي. هذا السيناريو، الذي تمت مناقشته بجدية في وسائل الإعلام الألمانية  لن يسعد أولاف شولتز الذي أعلن رسميا أنه يفضل الحكم مع الخضر، بدون دي لينك.

 

سيباستيان سايبت/ صبرا المنصر


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى