آخر الأخبارأخبار دولية

“حتى الحيوانات لا يجب أن تعيش في مثل هذه الظروف”… طالب في المملكة المتحدة يوثق السكن غير اللائق


نشرت في: 21/12/2022 – 12:30

أصبح كوادو توينيبوا معروفا على وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة من خلال مقاطع الفيديو التي ينشرها وينبه من خلالها لوجود ناس يسكنون في بيوت مهترئة عبر أنحاء البلاد. وطيلة عدة أعوام، عاش توينيبوا نفسه في سكن اجتماعي متهالك في لندن مع والده الراحل وأخته. ويتحدث توينيبوا عن تجربته.

في شهر كانون الثاني/يناير 2022، عاش كواجو توينيبوا محنة وفاة والده الذي كان مصابا بسرطان المريء في مراحله الأخيرة. وكان ذلك في جنوب العاصمة البريطانية لندن، في منزله العائلي الذي غزته الخنافس والفئران والجرابيع حيث قضى والده أيام الأخيرة مرفوقا بما أمكن من المساعدة الطبية.

ويتذكر الطالب الذي يبلغ الآن 24 عاما الغرفة الرئيسية لهذه الشقة التي تعفنت جدرانها وكانت دون إنارة. وطيلة 18 شهر، لم يكف كواجو توينيبوا عن مطالبة مالك الشقة، وهي مجموعة “كلاريون” Clarion التي تعد أكبر مؤسسة للسكن الاجتماعي في المملكة المتحدة وكامل أنحاء أوروبا، بالقيام بإصلاحات داخل الشقة.

وبهدف تسريع الإجراءات، قرر الطالب نشر صور على تويتر للشقة التي يقطنها ومساكن أخرى في حيه. وهو ما أجبر مؤسسة كلاريون في الأخير على القيام بأشغال صيانة 500 مسكن بينهما الشقة التي يعيش فيها كواجو توينيوا.

“حتى الحيوانات لا يجب أن تعيش في مثل هذه الظروف”

ومنذ ذلك الحين، يواصل الشاب البريطاني كشف الستار عن ظروف العيش في البيوت الاجتماعية أو الشقق الخاصة ذات الإيجار الرخيص وذلك عبر أنحاء المملكة المتحدة.

@kwajohousing The sad state of Housing in the U.K. 🇬🇧 can you relate? #fyp #poorhousing ♬ original sound – Kwajohousing

في هذا المقطع المصور الذي نشر على تطبيق تيك توك في 3 كانون الأول/ ديسمبر، قام كواجو توينيبوا بتركيب عدة مقاطع تظهر شققا متهالكة التي زارها خلال سنة 2022.

وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، أوضح الشاب قائلا:

زرت عدة بيوت تغرق في مياه الصرف الصحي، ورأيت عددا لا يحصى من الشقق التي تغزوها الخنافس ومئات البيوت التي تعاني من تعفن جدرانها بالفطريات. تواصل معي الآلاف من الناس عبر أنحاء البلاد وأرسلوا لي صورا لبيوتهم وتحدثوا معي عن تجاربهم المريرة أثناء مطالبتهم بصيانة البيوت.

حتى الحيوانات لا يجب أن تعيش في مثل هذه الظروف، هذا غير آدمي. أكافح دون هوادة حتى يتم معاملة مستأجري هذه البيوت كآدميين. ولكن كان المفترض ألا يكون على ناشط مثلي في الرابعة والعشرين من عمره التنديد بهذا العار: بل على أصحاب البيوت أن يعرفوا التفريق بين ما هو أمر عادي وما هو دون ذلك.


في هذا المقطع المصور في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، التقط كواجو توينيبوا صورا لشقة في إيزلنغتون في ضواحي العاصمة البريطانية لندن.


في هذا المقطع المصور الذي نشر على تويتر في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، نرى عددا كبيرا من العناكب على جدران بناية في جنوب لندن.

وبفضل منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، نجح كواجو توينيبوا في إجبار بعض الشركات المالكة للبيوت والملاك الخواص على رد الفعل، ففي شهر شباط/ فبراير 2022، تم نقل عائلة على جناح السرعة إلى نزل بعد نشر مقطع فيديو يظهر شقتها التي تملكها مجموعة L&Q وهي تنسيقية للشقق تنشط في لندن الكبرى- وكان البيت مليئا بالخنافس. وتم منح سكن جديد دائم لهذه العائلة بعد تلك الحادثة.

“الناس يموتون وأصحاب الشقق يغمضون أعينهم”

حسب الإدارة الوطنية للصحة في بريطانيا فإن الأشخاص الذين يعيشون في بيوت تعاني من الرطوبة والتعفن الفطري أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التنفسية والالتهابات والربو.

 

وتحصي منظمة الصحة العالمية 130 ألف وفاة كل عام في أوروبا تعود إلى ظروف السكن غير الملائمة.

وبالنسبة إلى كواجو نوينيبوا، فإن آلاف السكان في الشقق الاجتماعية يعيشون في ظروف خطيرة على صحتهم حيث يقول:

منذ عدة عقود، يطالب بعض مستأجري البيوت من ملاكها تنفيذ التزاماتهم التعاقدية في مجال الصحة والسلامة. هناك سكان يموتون لكن الملاك يواصلون إغماض أعينهم. يتم تجاهل شكاويهم فيما يجدون أنفسهم دائما مجبرين على دفع الإيجار.

وفي إحدى المرات، اضطررت إلى نقل أشخاص أصيبوا بجروح في بيوتهم الخاصة إلى المستشفى، حيث انهار السقف جزئيا فوق رؤوسهم عندما كانوا يطبخون إحدى الوجبات. وكانوا قبل ذلك قد اشتكوا من وجود تصدعات في السقف ولكن لا حياة لمن تنادي. أحد مستأجري البيت كان يعاني من إعاقة وقضى عاما كاملا دون مرحاض في بيته في ظل عدم مجيء أي أحد لإصلاحه. وهو ما جعلني أتحدث عن هذا الوضع على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي اليوم الموالي، جاء أحدهم لصيانة المرحاض.

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وحسب تحقيق صحافي، توفي الطفل أواب إسحاق الذي لم يتجاوز العامين وذلك بسبب عيشه لفترة طويلة وسط جدران متعفنة في البيت الذي كان يعيش فيه في شمال إنكلترا.

وكان والد الطفل -فيصل عبد الله- اشتكى قبل ذلك مرات عدة من الحالة السيئة للبيت الذي يسكنه لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء من مالك البيت.



ولم تكن وفاة أواب إسحاق أبدا المأساة الأولى المرتبطة بظروف العيش السيئة في الشقق الاجتماعية في المملكة المتحدة.

ففي سنة 2017، توفي 72 شخصا في حريق في برج غرينفل Grenfell، وهي عمارة سكنية في غرب لندن. وكان عدة شكاوى قد رفعت قبل أعوام من الحريق بخصوص المواد المستخدمة في طلاء الجدران الخارجية للبناية.

وبعد مرور خمس سنوات، فإن وضع مستأجري البيوت الأفقر في المملكة المتحدة لم تتغير البتة. ومع أزمة تكاليف العيش وانخفاض درجات الحرارة خلال فصل الشتاء، لم تزدد الوضعية إلا سوءا وهو ما يؤكده كواجوا توينيبوا الذي يضيف:

إنه عار حقيقي. رجال السياسة يتحدثون عن العبر التي استخلصوها من مأساة برج غرينفل ولكن من الواضح أنه لم يتم استخلاص أي دروس. أخشى من أن تحدث مآس مشابهة ويموت أناس آخرون في البيوت التي يستأجرونها.


في هذا المقطع المصور الذي نشر على تويتر في 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يوضع كواجو توينيبوا أن مستأجري بيوت يستخدمون الفرن الكهربائي للحصول على الدفء طيلة أشهر البرد خلال فصل الشتاء.

زيارات تفقد للسكن الاجتماعي في دول أخرى

وتعود جذور أزمة السكن في المملكة المتحدة إلى سنوات حكم رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر وقانون السكن لسنة 1980 الذي يمنح مستأجري البيوت الحق في شراء المساكن الاجتماعية بثمن منخفض.

ومع مرور الوقت، فإن المبالغ المالية التي تمكن المستثمرون العقاريين من تجميعها لإنشاء بيوت جديدة انخفضت وهو ما جعل عدد البيوت الاجتماعية البديلة ينخفض. وهو ما أدى إلى معاناة الأشخاص الذين مازالوا بحاجة إلى سكن اجتماعي في إيجاد بيت لهم.

وعندما وصلت مارغريت تاتشر إلى السلطة في سنة 1979، فإن معدل سعر تأجير السكن الاجتماعي كان يعادل نحو 7,5 يورو في الأسبوع. وعندما غادرت السلطة في سنة 1990، كان سكان البيوت الاجتماعية يدفعون إيجارا بـ30 يورو كل أسبوع، أي بزيادة تصل إلى نحو أربعة أضعاف.

وخلال العقود القليلة الماضية، زادت الوضعية سواء أيضا: أدت سياسات التقشف إلى عدة تخفيضات في الميزانية المخصصة لمصالح السكن. وهو ما تسبب في إطالة مدة الانتظار للأشخاص الذين يقدمون مطالب للحصول على سكن اجتماعي.

وأدى نقص المساكن الاجتماعية إلى لجوء الأشخاص من أصحاب الدخل الضعيف إلى البحث عن أرخص البيوت إيجارا في سوق السكن الخاص، لكنهم يملكون حقوقا أقل من أولئك اللذين يستأجرون بيوتا اجتماعية.

وحسب كواجو توينيبوا، فإن عددا كبيرا من المستأجرين يعيشون في ظروف سيئة في شقق خاصة ولكنهم لا يستطيعون تقديم شكاوى خوفا من أن يطردهم مالك البيت دون تقديم أي سبب.

@kwajohousing Wandsworth Council kicking a tenant out after her mum died 🤦🏽‍♂️😥🇬🇧 #fyp #housing #poorhousing ♬ original sound – Kwajohousing

في هذا المقطع المصور، يتحادث كواجو توينيبوا مع مستأجرة بيت من المجلس البلدي في مدينة واندسوورث التي تم طردها بعد وفاة والدتها.

وليس السكن الاجتماعي وحده ما يعاني من أزمة في المملكة المتحدة. إذ يتلقى كواجو توينيبوا أيضا صورا لبيوت متهالكة في دول أخرى. وفي شهر كانون الثاني/ يناير 2023، سيسافر الطالب نفسه إلى الولايات المتحدة للقاء المهتمين بملف السكن الاجتماعي في أمريكا. كما ينوي كواجو توينيبوا زيارة العاصمة الفرنسية باريس أيضا في وقت آخر العام المقبل.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى