الجماعة الإسلامية في الانتخابات.. هكذا تخوض معركتها
منذ إعلان الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني الماضي تعليق عمله السياسي والانتخابي، تحوّلت أنظارُ مباشرة باتجاه الجماعة الإسلامية لتكون “خليفة” تيار “المستقبل” على السّاحة السنية.
حتماً، فإن ما أقدم عليه الحريري كان مقدّمة لدخول “الجماعة” في معركة الانتخابات من دون أي ارتباطٍ مباشر بالتيار الأزرق. وبشكل عملي، يبدو ذلك جلياً وواضحاً، إذ يتبينُ بالملاحظة المباشرة أن خروج الحريري من السياسة جعل الجماعة تبرز بقوّة على الساحة السياسية، في حين أن تسمية رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط للجماعة في وقت سابق، من باب إمكانية التحالف معها، جعل الأخيرة تراهن على توسّع سياسي في أكثر من دائرة انتخابيّة.
إلا أنه بعد ذلك، تراجع جنبلاط عن إعطاء الضوء الأخضر لـ”تمدّد” الجماعة الإسلامية السياسي، الأمر الذي ساهم من تخفيض الأضواء نحوها كبديل عن الحريري، وجعلها تراقب الأجواء لتغتنم أول فرصة لها في ميدان الانتخابات.
فعلياً، تعملُ الجماعة على خطّ واحد حالياً وهو “التحرّر” من أي التزام والاستعداد لتلقي أي احتمال، وقد تبين أن التواصل بينها وبين مختلف الأطراف يفتح الباب أمام إمكانية الوصول لصيغةٍ تجعلها تطرح مرشحين جديين ويمكنهم الوصول إلى الندوة البرلمانية.
حتى الآن، فقد تأكد ترشح النائب السابق عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت في بيروت. أما على صعيد الدوائر الأخرى، فإنّ الجماعة تسعى للتلاقي مع الاحزاب الأخرى التقليدية مثل “حزب الكتائب”، في حين أنّ تواصلها مع “التيار الوطني الحر” لم ينقطع أيضاً رغم النفور القائم معه.
حالياً، فإنّ نمط تحرك الجماعة الإسلامية “انتخابياً” يظهر خطّة ذات معالم أساسية وهي: الاتصال بمختلف الأفرقاء السياسيين – السعي نحو طرح مرشحين في مختلف الدوائر واستخدامهم كورقة للضغط على الأطراف الأخرى تحت شعار أنه لدينا عدد من المرشحين ويمكنكم التحالف معنا شرط أن يكون لنا أولوية الفوز. أما الهدف الآخر الذي تركز على الجماعة فيتحدّد بالنظرية التالية: لن نسمحَ بعد الآن باستخدامنا لاغناء لائحة بالحاصل الانتخابي، ووجودنا يجب أن يكون أساسيا ضمن أي لائحة، وإلا سيكون لنا موقفٌ من مقاطعة أي جهة ترفضنا أو تهمّشنا.
من هذا المنطلق، تعملُ الجماعة الإسلامية على الصعيد السياسي، لكنّ الأمر غير المضمون حالياً هو أنّه ما من لوائح واضحة ضمّت مرشحين منها. وكقراءةٍ بسيطة، فإنّ هذا الأمر قد يكون نابعاً من أمرين أساسيين: الأول هو أنه ما من جهة سياسية تريدُ إعطاء الجماعة دوراً بارزاً لها. أما العامل الثاني فهو أنّ الأطراف السياسية قد لا تعتبر الجماعة بديلاً حالياً عن “المستقبل” في حين أنّ الأقطاب البارزين ما زالوا يراهنون على دور التيار في الاستحقاق المقبل.
وكمثال بسيط على ذلك، فإنّ زعيم “الإشتراكي” وليد جنبلاط أدركَ تماماً هذا الأمر بعدما وجد أن الجماعة الإسلامية تريدُ فرض الشروط عليه في دائرة الشوف – عاليه بعدما وجدته في أزمة انتخابية بسبب غياب “المستقبل”. وهنا، كانت الجماعة تسعى لفرض مرشحٍ على اللائحة التي يدعمها جنبلاط، إلا أن الأخير استبعد ذلك تماماً وجعل اختيار المرشح السني ضمن لائحته يخرجُ من عباءة تيار “المستقبل” دون سواه.
ورغم ما تعتبره أوساط “الجماعة” بأنه نوعٌ من الإقصاء، فإن جنبلاط قد يستطيع استمالة الأخيرة في الانتخابات عبر طلبٍ أساسيّ يتحدّد في دعم لائحته قبل أي شيء، وسيكون ذلك مقابل مقايضة معينة. وهنا، تتحدث مصادر سياسية عن ضمانات في الانتخابات البلديّة للجماعة، مع العلم أن جنبلاط اليوم بحاجة لها في معركته لأن أصواتها تساهم في تعزيز حاصله الانتخابي، وتدعم أحد مرشحيه الأساسين. وفي حال حصل ذلك، فإن الجماعة ستكون أمام خيار سحب مرشحها عمار الشمعة الذي طرحته قبل يومين، والعودة مجدداً إلى جنبلاط كما حصل في انتخابات العام 2018.
مع هذا، فإنّ “التيار الوطني الحر” كان مثل جنبلاط، إذ يرفض أيضاً التحالف مع الجماعة بعدما حاولت الأخيرة الامتداد إليه “انتخابياً”، لكن هذا الأمر بات مستبعداً لأن هناك قرارا بخوض معركة ضدّ هذه الجبهة في أكثر من دائرة وتحديداً في صيدا – جزين. والأكيد اليوم هو أنّ الجماعة الإسلامية باتت في خندقٍ واحد مع الرئيس فؤد السنيورة الذي بدأ العمل على “لمّ شمل” أطراف السنّة الأساسيين من دون إعطائهم أي وعودٍ بأخذ دور كبير وبارز. وهنا، وبشكل عام، فإن الجماعة تعوّل على رافعة لها تحت إطار “الحفاظ على الطائفة السنية”، في حين أن ما ينكشف هو أن الجماعة لا تستطيعُ الإنزواء بعيداً عن خط “المستقبل” رغم النفور القائم بينهما، ومن الممكن أن تحقق خروقاتٍ جديّة في الندوة البرلمانية في أكثر من منطقة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook