آخر الأخبارأخبار محلية

الأوكرانيات في لبنان… خيار بين جحيمين

كتبت زيزي اسطفان في “نداء الوطن” هي الحرب طرقت أبواب أوكرانيا وأغرقتها بالبارود والنار، وامتدت كيدٍ خفية لتعيث في قلوب سيدات من أوكرانيا اتخذن من جحيم لبنان موطناً لهن ذعراً وقلقاً، وتحوّل حياتهن بين ليلة وضحاها الى آتون من النقمة والغضب. بصعوبة يكملن حياتهن اليومية بعد ان انقلب عالمهن رأساً على عقب، وجرح الحرب الساخن معرض في كل ثانية لمزيد من النزف وما ينتظر بلادهن مخيف. أخبار الحرب وصور الألم والدمار تتوارد إليهن لتجبل أيامهن المسالمة بالقلق على بلد يتهدده خطر الزوال والخوف على أهل وأحبة باتوا في مهب الأخطار.

 

في المركز الثقافي الأوكراني تلتقي نساء الجالية الأوكرانية وأولادهن للقيام بنشاطات فنية، رياضية ثقافية وترفيهية، هنا يقمن بتدريس اللغة الروسية لصغارهن او للبنانيين ويعلمونهم تاريخ أوكرانيا وروسيا ويدرّسنَ ما يبرعنَ فيه كالباليه واليوغا والرسم. فأعداد الأوكرانيات المتزوجات من لبنانيين كبيرة جداً ويشكلن الغالبية العظمى من الجالية الأوكرانية التي يقدر عددها بحوالى 5000 شخص، بعضهن موجودات في لبنان منذ أكثر من خمس وعشرين عاماً وينتمين الى طوائفه المختلفة. ناستيا ترتدي الحجاب وتتحدث اللبنانية بطلاقة تخبرنا بأنهن لا يعرفن التفرقة الطائفية وبينهن من هن متزوجات من شيعة أو سنة أو دروز أو مسيحيين، وقد تأقلمن مع الحياة في لبنان رغم صعوبات البداية. «نحن معتادون على النظام واحترام الناس لبعضها البعض وهذا ما لم نجده هنا. لكن حين نعتاد على لبنان وأهله يصبح من الصعب مغادرته».

نحاول ان نغوص أكثر في الحرب وأسبابها وأن نستطلع ما يكنّه الأوكرانيون من مشاعر لروسيا. الكل وبصوت واحد يرفض الحرب ويدين الاعتداء الروسي ولا يجد له أي مبرر، لكن المشاعر رغم سخونتها وما تختزنه من وجع، تختلف في حدّتها وتعكس الإنقسام في الرأي الذي يعيشه الأوكرانيون عامة حيث يعتبر البعض أنفسهم قريبين من الروس فيما يصرّ آخرون على قوميتهم الأوكرانية البحتة.

قد لا يكون ما نورده هنا حقيقة تاريخية لكنها تعبر عن وجهة نظر من التقيناهن. إذ تقول إحدى السيدات وهي أربعينية تعيش في لبنان منذ عشرين عاماً: «سابقاً كنا دولة واحدة نتحدث لغة واحدة هي الروسية ونشعر أننا شعب واحد ولا «نعرة» بيننا، فأوكرانيا لم تستقل عن روسيا إلا منذ حوالى ثلاثين عاماً وجيلنا عاش هذه الوحدة وتربى عليها لكن أحداث العام 2014 غيرت كل شيء والجيل الذي شارك في هذه الانتفاضة تشرّب مشاعر الرفض والحقد تجاه الروس وهو اليوم قد كبر وباتت مشاعره أكثر حدة، حتى أنه بات يرفض التكلم باللغة الروسية وكثر طالبوا بجعل اللغة الأوكرانية اللغة الرسمية في البلد وهو ما حصل فعلاً».

بين الجالية الأوكرانية ولبنان علاقة محبة لم تشبها المشاكل يوماً وقد استقرت العائلات المختلطة في لبنان لكن العلاقات بين الأوكرانيات والوطن الأم علاقة رحم وانتماء لم تنقطع يوماً ؛ هيلينا مثلاً تزور عائلتها كل صيف لكن صعوبة الأوضاع المادية حالياً صعبت عليها الأمر لا بل دفعت بعائلات صديقة لترك لبنان والعودة الى أوكرانيا. «هؤلاء تقول تهجروا مرتين: مرة بفعل فساد الطبقة الحاكمة في لبنان ومرة بفعل تعنت الحاكم في روسيا… «ثمة عائلات استطاعت العودة مع بدء الأزمة، تروي يوليا وأخرى لا تزال عالقة هناك مع إمكانية الوصول الى بولندا والسفر من هناك. ولكن الكل هنا مستعدون لاستقبال الأهل».

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى