خطّة “حزب الله” والحلفاء للانتخابات.. هكذا سيكون التحرّك
يبدو واضحاً أنّ “حزب الله” قرّر الانخراط في معركة “تثبيت الوجود” أكثر من أي وقتٍ مضى، لاسيما أن التصور الخاصّ الذي يراهُ يشيرُ إلى أنّ الأجواء الإقليمية تتخذُ منحى “الإتفاق” لا “الصّدام” عندما يتعلق الأمرُ بـ”المحور الإيراني” الذي ينتمي إليه، والذي يواجهُ رفضاً في المقابل داخل لبنان.
على أساسِ القاعدة الأساسية التي يقرّ بها والتي ترتبطُ بمجابهة عمليات “الإنهاء” الفعلي التي يتعرض لها منذ سنتين وإلى اليوم، شاء الحزبُ أن يبني التوجّهات “الحاسمة” وأن يضعَ حداً للتقلّبات التي قد تؤثر على مساره في الانتخابات النيابيّة. وحتماً، من يُراجع خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الأربعاء الماضي، إنّما سيستنتجُ أمراً واحداً من شعار الحملة الانتخابية الذي أطلقه “باقون نحمي ونبني”، وهو: “البقاء” مهما كانت الظروف الضاغطة.
إنطلاقاً من هذا الأمر، بدأ الحزبُ الإعداد لمعركتِه الانتخابية بحزم وقوّة، لكن القرار الأكبر والأوضح يتصل هذه المرة بإجراءات جديدة لم تكُن موجودة من قبل. وحتماً، فإن ما يتبين اليوم لدى المسؤولين المنتمين لدى الحزب يشيرُ إلى أن الأخير “لن يتهاون انتخابياً مع أي جهةٍ وقفت ضده خلال العامين الماضيين، مهما كان شأنها ومهما بلغ مقدارها”.
كيف سيتحرّك “حزب الله”؟
في مختلف الدوائر الانتخابية، يبدو أن “حزب الله” رتّب أموره مع الحلفاء بصورةٍ بسيطة وغير معقدة، لكن تأكيده الأكبر كان في عدم دفعه نحو أي قرارات “مُعلّبة” تساهم في حماية أقطابٍ كانوا ضدّه سياسياً في الداخل. وعلى هذا الأساس، يرى الحزب اليوم أن مبدأ الحفاظ على التوازنات لم يعد يجدي نفعاً لسبب واحد وهو أنّ الأقطاب السياسيين الذين تمت مساعدتهم على الفوز بالانتخابات الماضية، اتخذوا منحى صدامياً مع الحزب، الأمر الذي لم يعد مقبولاً اليوم.
ولهذا، يبدو أكيداً أن “حزب الله” بات يرسمُ الطريق لإضعاف أي جهةٍ دخلت في مرحلة التحريض عليه، وذلك عبر دعم أي جهات أخرى مناوئة لها “انتخابياً”، الأمر الذي يفرز واقعاً جديداً من جهة ويكسرُ “البقاء” لنفسه مع حلفائه من جهةٍ أخرى.
من هذه القاعدة الواضحة، ينطلق “حزب الله” في معركته الانتخابية، وقد أبلغ حلفاءه بشكل علني أنّه لا مساومة على قرار البقاء مهما كلّف الأمر من تبديلات في الصيغة اللبنانية، باعتبار أنها في إطار التغير القادم. أما الأمر الأهم، فهو أن الحزب بات متفقاً مع حلفائه وتحديداً حركة “أمل” على قواسم مشتركة لم تكن بارزة من قبل وهي: عدم تكريس أي دعم مباشر أو غير مباشر لحزب “القوات اللبنانية” – عدم الالتفاف حول رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط لحمايته في الجبل مثلما حصل في انتخابات العام 2018، وعدم السماح لأي مجموعات تحمل “لواء السيادة” بالتوسع في مناطقَ تعتبرُ حساسة بالنسبة للحزب وحلفائه.
بشكل عام، فإنّ هذا الاتجاه يجمعُ الحزب بحلفائه كثيراً، لأن الخصوم معروفون واتجاه المعركة معهم محسومٌ ضمنياً. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: هل سينقل الحزب معركته إلى داخل مناطق الطائفة السنيّة؟
حتى الآن، لم تنكشف بعدُ الصورة المرتبطة بتوغّل “حزب الله” في المناطق السنية الوازنة، إذ لا حديث عن أسماء مرشحين فيها، في حين أن المشهدَ يأخذُ منحى آخر، ويتسم بدعمِ أقطابٍ ولوائح أساسية يمكن أن تساهم بشكل أو بآخر بوصول مرشحين سُنة إلى الندوة البرلمانية. وعليه، فإن دعم الحزب لأسماء سُنيّة معينة قد لا يحصلُ بشكل فاقع ومباشر، خصوصاً أن المعركة اليوم لا تنحصر في إطار واحد وضدّ جهة واحدة. وإذا أمكن القول، فإنّ التوجه العام لمختلف الأطراف يندرج تحت إطار “حماية الطائفة السنية من التدهور والشرذمة”، وهو الأمر الذي تمّ التمسّك به بشكل أكبر خصوصاً بعد قرار الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني الماضي تعليقَ عمله السياسيّ.
وعليه، قد تكونُ القاعدة، في الوقت الحالي، هو عدم الانخراط في معركة ضمن المناطق السنية بالتحديد، لأن هذه المعركة لن تكون رابحةً الآن خصوصاً أن الشارع السنيّ، ليس جاهزاً لتقبّل أي بديلٍ من المقلب الآخر لأنه سيرى في الدخول إلى شارعه توسعاً “غير بريء”. ومن هنا، سيكون العملُ على محور أساسي: دعم أسماء كبيرة حليفة في دوائر ذات وجودٍ سني مثل الشوف والبقاع الغربي وبيروت بشكل خاص، والأمرُ سيبقى محصوراً في هذا الإطار من دون إحداث معركة في “عقر الدار السني”.
مع هذا، فإن ما يتضحُ أكثر أن المنحى “الإستفزازي” لن يكون طاغياً من قبل الجبهات المناوئة للطائفة السنية “سياسياً”، بمعنى أنه لن يتم طرح أي اسم ضمن مناطق سنية أساسية من شأنها أن تقسم تلك المناطق وتشرذم أصواتها وذلك تجنباً لأي مقاطعة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook