حقائق مشوقة عن تاريخ حماس في لبنان.. كيف بدأت القصة؟

وقدّم الباحث والكاتب والمحلل السياسي هيثم سليم زعيتر قراءة تاريخية مفصلة عن نشأة “حماس” في لبنان، حيث يتطرق إلى تفاصيل التأسيس والمسيرة التي بدأت مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وأسهمت اللقاءات والحوارات والمناقشات التي تمت بين قيادات العمل الإسلامي الفلسطيني في لبنان، وبين المبعدين الأربعة في تشكيل صورة حقيقية عن واقع حركة “حماس” ودورها وأهدافها وحجمها ووزنها، وعن دور المجتمع الفلسطيني في الخارج في دعم الانتفاضة، والتكامل مع أهدافها، والعلاقة مع الأمة.
ودفع وجود المبعدين الأربعة في لبنان، بحسب مرة، بشكل تلقائي قيادات حركة “حماس” في الخارج وبالأخص خالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، ومحمد نزال للقدوم إلى لبنان للتواصل مع المبعدين، وساعد هذا أيضًا في تعزيز اللقاءات والحوارات مع قيادة العمل الإسلامي الفلسطيني في لبنان، وفي الاطلاع على الواقع الفلسطيني في لبنان ومستلزمات العمل.
هنا، يقول مرة في كتابه إنَّ عملية إبعاد 415 فلسطينيًا من قبل إسرائيل إلى منطقة جرداء باردة في ذروة فصل الشتاء، تعتبر عملية إرهابية بشعة، لكنها أثمرت تعاطفًا شعبيًا عالميًا مع حماس والمبعدين وبالأخص من جانب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وعلى الأثر، سارع الفلسطينيون في لبنان إلى التضامن مع المبعدين، وأعلنوا رفضهم واستنكارهم للقرار الإسرائيلي، ونظمت في المخيمات الفلسطينية في لبنان والمدن اللبنانية المسيرات والاعتصامات وحملات التبرع.
كذلك، قامت وفود سياسية وشعبية من الفلسطينيين بزيارة المبعدين والاجتماع بهم وإعلان التضامن معهم. وبعد أن استقر المبعدون في مخيمهم وسط الجبال، بدأت الحوارات والنقاشات حول حماس وواقعها، مستقبل المقاومة، المشاركة السياسية، تأخذ مداها بين المبعدين وقيادتهم وكوادر العمل الإسلامي في لبنان.
وتوطدت العلاقة بين أبناء الحركة الإسلامية في المخيمات وبين المبعدين، وبدأ هؤلاء بتنظيم دورات تثقيفية سياسية ودينية وفكرية وتربوية وتنظيمية لأبناء الحركة الإسلامية.
وأثناء وجود المبعدين في مرج الزهور، نُظمت بالتعاون مع المسؤولين في المخيمات جولات ميدانية لعدد كبير من المبعدين للاطلاع على المجتمع الفلسطيني في لبنان وواقعه السياسي والاجتماعي والدعوي، والتقارب مع هموم الفلسطينيين في لبنان.
ما هي دوافع “حماس” لتأسيس نشاط لها في لبنان؟
في كتابه “الحركات والقوى الإسلامية في المجتمع الفلسطيني في لبنان”، يتطرق رأفت مرة إلى الأسباب الكامنة وراء تأسيس “حماس” لوجود لها في لبنان.
يلفت مرة إلى أن “حماس” ترى أنه في لبنان تتوافر ميزات لم تتوفر في ساحات أخرى، لاسيما أن فيه حركة إسلامية فاعلة ونشطة وتضم قسمًا من الفلسطينيين لاسيما الشباب النشط والفاعل.
يقول مرة أيضًا إن “حماس ترى أن الوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود مؤقت، ومن حق كل فلسطيني العمل في إطار القضية الفلسطينية”، ويتابع: “حينما تشكلت حماس، كان قادة الحركة ومؤسسوها يفكرون في بلورة المشروع في كل ساحات اللجوء، وحينما بدأت حماس التفكير في استكمال العمل في الخارج، لم يكن لبنان غائبًا، فالفلسطينيون في لبنان كانوا حاضرين في مشروع الارتقاء والنمو والتقدم”.
وبقي القانوع في عمله هذا حتى سنة 1994، خلفه بعدها مصطفى اللداوي حتى سنة 1997، ومن ثم القيادي في الحركة أسامة حمدان ليتأسس مكتب “حماس” بعد مشاورات بين قيادة الحركة وقيادة العمل في لبنان.
وتركز عمل مكتب “حماس” على التعبير سياسيًا وإعلاميًا عن مواقف الحركة في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية اللبنانية والفلسطينية. في الوقت نفسه، لم يكن لدى المكتب أي دور تنظيمي أو أي صلاحية لتأطير الناس في بنية الحركة.
أيضًا، جرى تركيز نشاط “حماس” في مخيم برج البراجنة بمنطقة بيروت، وأيضًا في مخيمي البداوي ونهر البارد في منطقة الشمال.
كيف بدأ نشاط “حماس” العسكري في لبنان؟
بدأت حركة “حماس” نشاطها العسكري في لبنان، بعد “الانتفاضة الثانية” – “انتفاضة الحجارة”، التي اندلعت في أيلول 2000، حيث وسعت من دائرة عملياتها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق ما يقول الكاتب زعيتر لموقع “التلفزيون العربي”.
وتوطدت العلاقة بشكل رئيسي مع قيادة حركة “حماس”، التي انتقلت إلى سوريا، في العام 1999، مع وجود رئيس المكتب السياسي خالد مشعل فيها، وبعد مغادرته العاصمة الأردنية، عمان.
كل هذا الواقع، عزز من العلاقة التنسيقية بين قيادتي حركة “حماس” و”حزب الله”، علمًا أن الحركة الفلسطينية استفادت أيضًا من علاقتها مع “حزب الله” وسوريا وإيران، بتدريب عناصر منها على التقنيات العسكرية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات، وصولاً إلى تصنيعها، كما يقول زعيتر.
كذلك، وطدت حركة “حماس” التعاون والتنسيق مع “قوات الفجر” الجناح العسكري التابع لـ”الجماعة الإسلامية” في لبنان، تزامنًا مع عملية “طوفان الأقصى”، علمًا أن الجناح المذكور (قوات الفجر) شهد توقفًا لنشاطه أكثر من 25 عامًا.
وللإشارة، فإنّ إسرائيل اغتالت عددًا من قادة حركة “حماس” العسكريين في لبنان، بينهم من يتولى أيضًا مسؤوليات سياسية، وأبرزهم صالح العاروري، سمير فوزي فندي، عزام حسني الأقرع، أمين شريف، هادي مصطفى، خليل حامد الخراز، محمد شاهين، سعيد عطالله علي، خالد الأحمد، حسن فرحات وغيرهم.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook