آخر الأخبارأخبار محلية

هل تسيطر أشمور وفيدالتي على اصول الدولة.. وماذا عن الاستعانة بنادي باريس

حلت الذكرى السنويّة الثالثة لتوقّف لبنان عن سداد سندات اليوروبوند (الدين بالدولار) يوم الخميس الماضي ، فتاريخ الـسابع من آذار 2020 كان تاريخا مفصليا في الانهيار المالي والاقتصادي الحالي، إذ أعلنت حكومة حسّان دياب التوقف عن سداد اليوروبوند وفوائدها، هذا القرار التاريخي يشبه حالة الإفلاس في القطاع الخاص.

ولا شك أن المفعول الأول لهذا القرار، تجلى بحسب الاستاذ الجامعي الأكاديمي والباحث في الشأن الاقتصادي ايمن عمر، بفقدان ثقة الأسواق المالية العالمية بالدولة اللبنانية وقدرتها المالية، وتجلّى ذلك بالتصنيف الائتماني للدولة اللبنانية من وكالات التصنيف العالمية، والتي صنّفت لبنان عند أدنى مرتبة في سلّم التصنيف وهي D أي Default. هذا القرار الكارثي تتحمّله كل القوى السياسية دون استثناء وإن كانت الحكومة هي المسؤولة عن هذا القرار.

إن أخطر ما في التوقّف عن دفع سندات اليوروبوند هو احتمالية الوقوع تحت رحمة ما يُعرف بصناديق النسور- الصناديق الانتهازية، وهي شركات خاصة تشتري بسعر منخفض جداً ديون الدول التي تعيش صعوبات في التسديد ثم تطالب بعد ذلك بأداء هذه الديون بقيمتها الأصلية، أي بنسبة 100٪، بالإضافة إلى الفوائد والغرامات،يقول عمر لـ “لبنان 24”. و هذه الصناديق التي تقوم برفع دعاوى قضائية ضد البلاد المدينة في محاكم دولية منها محاكم ولاية كاليفورنيا، ومثالها ما حدث مع بنما، الأرجنتين، ملاوي وزامبيا وغيره، حيث استطاعت هذه الصناديق السيطرة على بعض أصول هذه الدول وثرواتها الطبيعية. وهذا ما يُخشى حدوثه في لبنان عبر بعض الصناديق مثل أشمور وفيدالتي التي تمتلك جزءًا لا يُستهان به من هذه السندات. وفق وزارة المال امنذ 2020 تاريخ إعلان التوقف عن السداد حتى عام 2037، تبلغ قيمة السندات مع الفوائد 43.776 مليار دولار منها 28.314 مليار قيمة السندات المصدرة و15.462 مليار قيمة الفوائد عليها، حصة الأجانب منها 4 مليارات و775.7 مليون بنسبة 16.8%.

في واقع الامر، ليس هناك من رابط بين احتياطيات مصرف لبنان من الدولار والدين العام الخارجي، يؤكد عمر. فالاحتياطي الذي انخفض من حوالي 30 مليار دولار عند بداية الأزمة ووصل إلى حوالي 10 مليار دولار(بحسب حاكم مصرف لبنان)، مرتبط بتكوين الودائع في القطاع المصرفي والتي اتّخذت مسارًا انحداريًا منذ بداية الأزمة بفعل فقدان الثقة بهذا القطاع الذي يمتنع عن إعادة ردّ كامل الودائع للمودعين أو لا يستطيع أن يردّها كما يدّعي هو. ولذلك يجب علينا الفصل بين الدين العام المقوّم بالدولار وذلك بالليرة، فوفقًا لآخر إحصائية لمصرف لبنان بلغ الدين العام بالدولار 40.417 في نهاية آب 2022. وأضاف مصرف لبنان في ميزانيته النصف الشهرية الصادرة الخميس في 16 شباط المنصرم مبلغ 16.505 مليار دولار ديونًا جديدة على الدولة اللبنانية، معللًا ذلك أنها عبارة عن مدفوعات قام مصرف لبنان بتسديدها نيابة عن الحكومة اللبنانية منذ العام 2007 من أصول الاحتياطيات الأجنبية التي لديه مقابل ضمان نقدي بالليرة اللبنانية بسعر الصرف الرسمي 1507,5. ومع تغيّر سعر الصرف الرسمي وبما أن هذا المدفوعات كانت من ضمن الأصول فقد تم إعادة تقييمها وفق سعر الصرف الرسمي الجديد 15,000، وبالتالي وبنتيجة فرق سعر الصرف يصبح هناك ديونًا جديدة على مصرف لبنان أي على الدولة اللبنانية. وبناءًا عليه إذا أقرّت السطات اللبنانية هذه الديون، يصبح الدين بالدولار 56.922 مليار دولار. أما الدين بالليرة اللبنانية فقد بلغ 95,321 مليار ليرة، والإشكالية هنا على أي سعر صرف سيُحتسب عند البدء بعملية إعادة هيكلة الدين.

وعليه، تعتبر قضية الدين العام هي القضية الأساس في مسار الانهيار المالي والاقتصادي،يقول الباحث الاقتصادي ايمن عمر، بل إن الخطط الإنقاذية يجب أن تنطلق من هذه القضية قبل غيرها من القضايا، ويجب تقديمها على قضية الخسائر المالية التي أُصيب يها القطاع المالي أو على الأقل مساواتها بها. وإن إعادة هيكلة الدين يجب تقديمها على كل ما عداها من المشاكل لأنها لبّ الأزمة برمّتها. والمستغرب أن المسؤولين سواء عن حسن نيّة أو سوء نيّة لا يزالون يتغافلون عن إثارة هذه القضية أو طرح الحلول الممكنة لهذه القضيّة، أو أقلّه البدء بمفاوضات مع الدائنين، أو طلب المساعدة من نادي باريس المتخصّص في مساعدة الدول في حلّ معضلة ديونها الخارجية.

وتجدر الاشارة الى ان نادي باريس، هو مجموعة من الدول المتقدمة الدائنة، ليس له وضع قانوني أو تنظيمي ثابت، يجتمع في باريس شهريا تقريبا (باستثناء شهري شباط وآب) لمناقشة وضع الديون الخارجية، وإعادة جدولتها أو تخفيضها في بعض الحالات وتحسين الأحوال الاقتصادية والحيلولة للدول المدينة من دون إفلاسها. بينما تقوم هذه الأخيرة بإصلاحات لتحقيق الاستقرار واستعادة وضعها الاقتصادي والمالي. ويقدّم الدائنون في نادي باريس معاملة مناسبة للديون، تتمثل في شكل إعادة الجدولة، عن طريق تخفيف الديون عبر تأجيلها، أو تخفيض التزامات خدمة الديون خلال فترة محددة، أو اعتبارا من تاريخ محدد، وذلك في حالة إعادة الجدولة الميسرة.

الاكيد، بحسب رئيس مركز اشراق للدراسات ان مشكلة الدين العام ليست مشكلة مستعصية الحلّ، فالشقّ المرتبط بالدائنين الأجانب لا يشكّل عثرة أمام حلّها، وإنما المشكلة في بعض المصارف التي تسعى إلى التهرّب من خسائرها وتحميلها للدولة اللبنانية وللشعب اللبناني.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى