آخر الأخبارأخبار دولية

سرقات عنيفة تنتشر بسرعة في خضم الأزمة الاقتصادية

نشرت في: 08/07/2022 – 15:42

يزداد انتشار ظاهرة سرقة السيارات بكثرة في إيران في سياق أزمة اقتصادية، إذ تظهر عدة مقاطع فيديو صادمة التقطت على الطرقات رجالا مسلحين بسكاكين أو ببنادق إلكترونية وأسلحة نارية يهاجمون السواق. وكانت مراقبتنا ضحية لمحاولة سرقة سيارتها. 

“كيفت جيري” هي العبارة الفارسية التي يستخدمها الإيرانيون كناية عن عمليات السرقة العنيفة التي تشبه الاعتداءات. ولكنها تصلح أيضا لوصف ظاهرة أخرى وهي عملية سطو يستخدم فيها العنف الشديد لسرقة السيارات على الطرقات في إيران. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يكفي القيام ببحث عن هذه العبارة ليظهر مئات المقاطع المصورة التي تم التقاطها في مختلف مناطق البلاد. 

وتختلف طرق ارتكاب عمليات السطو هذه بحسب مرتكبيها. حيث يحاول بعضهم التهجم على ضحاياهم وافتكاك سيارتهم وأغراضهم الثمينة بالقوة. فيما يلجأ آخرون إلى التمويه بأنه مار من الطريق ويوهمون بالتعرض لحادث كاذب ما يجبر السائق على التوقف. وتحدث عمليات السرقة هذه في وضح النهار وفي طرق مزدحمة بالمارة. 


مقطع فيديو نشر في 2 تموز/ يوليو 2022 ويظهر رجلا يقفز على البلور الأمامي لسيارة ومن ثم يكسره ليدخل داخل السيارة ويقوم بسرقتها فيما صاح الضحية طلبا للنجدة.

تكشف عشرات مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه الاعتداءات تتسبب في حالة من الفزع في إيران. إلى درجة أن بعض مستخدمي الإنترنت بدأوا في نشر نصائح للسائقين لتفادي التعرض لسيرة سياراتهم. 

.. © .

نشر هذا المقطع في 8 تموز/يوليو 2021 ويظهر رجلين يهاجمان سيارة مسلحين بسكين. وحدث المشهد في حدود منتصف النهار على الطريق السريعة بين طهران وقزوين. 

 

“رفضت التوقف ولكنهم شهروا سكاكين في وجهي” 

سيما (اسم مستعار) كانت ضحية لقراصنة الطرق في بداية شهر حزيران/يونيو وتروي قائلة: 

كنت عائدة من العمل إلى بيتي. وسلكت نفس الطريق التي أذهب منها في المعتاد [ فريق التحرير: على الطريق السريع شمال طهران].  

خفضت من السرعة للاستدارة على اليمين وثم رأيت رجلا يرتدي الأسود بالكامل يمشي على طول حاجز السلامة. في البداية، اعتقدت أنه كان تائها. ولكنه بدأ بعد ذلك بالجري في اتجاهي وأغلق الطريق أمامي وكسر مرآة الرؤية الخلفية. كنت في حالة صدمة لبعض الوقت، ومن ثم تذكرت ما حدثني أحد أصدقائي عن تعرضه لنفس الشيء منذ بضعة أسابيع على طريق سريع. كانت عملية سرقة سيارة. 

لم أتوقف عن قيادة السيارة، وعندما وصلت إلى الطريق السريعة رأيت سيارة بيضاء تلاحقني وكان الرجل الذي يرتدي بالأسود يقود هذه السيارة. 

كان هناك ثلاثة رجال داخل هذه العربة وكانوا يصرخون: “توقفي! توقفي! لقد دهست هذه الرجل المسكين!” 

وإلى حد هذا اليوم، عندما أتذكر وجوههم أشعر بأنني مرعوبة. رفضت التوقف وهو ما جعلهم يشهرون سكاكين. شعرت بالخوف وصرخت طلبا للمساعدة ولكن ما من شخص تدخل لمساعدتي. وبمعجزة لا أعرف كيف حدثت، أتذكر أنه كان هناك مركز شرطة بالقرب من ذلك المكان ولذلك زدت في السرعة ولم أتوقف بالسيارة إلا أمام المركز وقد قفزت حرفيا في أحضان رجل شرطة. 


رجل مسلح يقوم بسرقة سيارة في وضح النهار يوم 30 حزيران/يونيو 2022 قرب مدينة الفلاحية في شمال غرب إيران.

“لم نتقدم بشكوى لأن ذلك لن يكون ذي جدوى” 

اعتقدت أن الأمر توقف عند ذلك الحد، ولكن بان بالكاشف أن هؤلاء الرجال أكثر عدوانية مما توقعت. فقد قاموا بإيقاف سيارتهم أمام رجل الشرطة وقال لي أحدهم: “سينتهي بنا الأمر بالإيقاع بك”. وقام بحركة بسكينه ليشير إلى أنه سيتم ذبحي. بعد ذلك، أطلق السائق عناق السيارة وفروا من المكان. 

كنت في حالة صدمة تامة. وأدخلني رجل الشرطة إلى داخل المركز ومدني ببعض المياه. قال لي رجل الشرطة أنه فعلت حسنا بعدم التوقف لهم. وقال لي أيضا أن عشرات الأشخاص يتعرضون لمثل هذه السرقة كل يوم. 

طرحت عليه سؤالا بشأن عدم قيام الشرطة بأي شيء للتصدي لهذا المشكل، وأجابني بأن لديهم الكثير من العمل لإنجازه ولا يوجد سوى عدد قليل من الشرطة للقيام بدوريات تفقد. كما أوضح أن يجب أن يكون هناك ما لا يقل عن 3 رجال شرطة في كل مخرج من الطريق السريعة وهو ما يعد أمرا مستحيلا. بقيت في مركز الشرطة إلى حين وصول زوجي ليعود معي إلى البيت. لم نتقدم بأي شكوى، لأن ذلك لن يكون ذي جدوى. 

“لديهم انطباع كأنهم يسترجعون حقهم بأيديهم” 

ومنذ ذلك اليوم، لم أعد أستخدم الطريق السريعة، وقد تسبب ذلك في ساعة إضافية للعودة إلى البيت ولكني لم أعد أتقبل فكرة المرور من ذلك الطريق مرة أخرى. في كل مرة أتذكر فيها هؤلاء الرجال أشعر بالغثيان. أنه من المروع التفكير كل يوم أن هناك صديقا جديدا أو زميلا أو فردا من العائلة يمكن أن يكون ضحية لهذا العنف. 

أعتقد أن هؤلاء المجرمين هم من العاطلين عن العمل. من المؤكد أنه ليس لديهم أي مصدر دخل وهو ما يجعلهم مستعدين للقيام بأي شيء للحصول على المال. أعتقد أنهم يكرهون كل ما يعتبرونه تعبيرا “عن الثراء” كما لو أن أي شخص يملك بعض المال قد سرقه منهم شخصيا. لديهم انطباع كأنهم يسترجعون حقهم بأيديهم. 

.

. © .

مقطع فيديو نشر في 8 تموز/يوليو يظهر محاولة سرقة سيارة. ويقول الرجل الذي كان وراء الكاميرا: “كانت السيارة البيضاء ضحية لحادث سير مزيف. لم يتوقف قائد السيارة ليتفادى التعرض للسرقة فيما كان السارق ملقى على غطاء المحرك، إنه متوجه إلى مركز الشرطة. فيما كان السارق يترجاه للتوقف ويتركه يذهب في حال سبيله”. 

 

ولا يوجد في إيران أي إحصاءات رسمية لقياس حجم هذه الاعتداءات على الطرقات وعمليات سرقة السيارات. ولكن خلال ندوة صحافية نادرة في شهر حزيران/يونيو 2022، كشف رضا مسعود ضفار، نائب رئيس الشؤون الاجتماعية والوقاية من الجريمة صلب الجهاز القضائي الإيراني، أن العدد الجملي لعمليات السرقة بمختلف أنواعها – ليس فقط من السرقات والاعتداءات على الطرقات- في إيران قد تضاعف سبع مرات منذ سنة 2009 ليصل إلى 1,4 عملية سرقة في العام. 

وفي سنة شهر كانون الثاني/يناير 2021، قال المتحدث الرسمي باسم الشرطة الإيرانية الجنرال مهدي حاجيان إن هناك إقرارا بارتفاع علميات السرقة العنيفة والتي تعود حسب وجهة نظهره للفقر والبطالة ولكن ليس بسبب نقص في عمل الشرطة. كما أنه تحدث عن نشر مقاطع فيديو لعمليات السرقة والاعتداءات على الطرقات في وسائل التواصل الاجتماعي مذكرا بـ”منع” نشر مثل هذه المقاطع المصورة “طبقا لما يفرضه القانون”. 

تقرؤون أيضا على موقع مراقبون: عنف وانتحار وإدمان.. أزمة اقتصادية غير مسبوقة تدفع المجتمع الإيراني نحو الهاوية

وفي إيران، يرتفع معدل الجرائم العنيفة في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية حادة. ويعيش نحو نصف سكان البلاد تحت خط الفقر فيما يعيش أكثر من خمس سكان البلاد في أحياء قصديرية. 

وحسب تحقيق مستقل تم إجراؤه في 2021، يقول أكثر من ثلث الإيرانيين إنهم كانوا ضحية للسرقة فيما يقول 27 بالمئة منهم أنها كانت سرقات عنيفة. ورغم تعرض 70 بالمئة من الضحايا لإصابات، لم يقدم سوى 5 بالمئة منهم شكاوى قضائية ضد مرتكبيها. 

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى