ارتفاع التضخم لمستويات قياسية في تركيا وأردوغان يدافع عن سياساته الاقتصادية قبل زيارة السعودية
قال مكتب الإحصاءات التركي إن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 36,1 في المئة الشهر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من 2020، وهذا الرقم هو الأعلى منذ أكتوبر 2002 عندما بلغ التضخم 33,45 في المئة قبل وصول حزب الرئيس رجب طيب أردوغان للسلطة، وهو أيضا أعلى بسبع مرات من الهدف الأساسي للحكومة. وبهذا يبلغ التضخم بسبب انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي شهدتها تركيا عام 2001، في حين يواصل أردوغان الدفاع عن سياساته الاقتصادية المتمثلة في الخفض المستمر لأسعار الفائدة على الليرة، وذلك قبل زيارة متوقعة له للسعودية الشهر المقبل.
يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدفاع عن خياراته الاقتصادية قبل عام ونصف من تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما أظهرت بيانات رسمية الإثنين بلوغ التضخم في البلاد في كانون الأول/ديسمبر الماضي أعلى مستوياته منذ العام 2002 بسبب أزمة الليرة التركية.
وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 36,1 في المئة الشهر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بعدما كانت نسبة الارتفاع 21,3 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب مكتب الإحصاءات التركي.
وهذا الرقم هو الأعلى منذ تشرين الأول/أكتوبر 2002 عندما بلغ التضخم 33,45 في المئة قبل وصول حزب أردوغان إلى السلطة، وهو أيضا أعلى بسبع مرات من الهدف الأساسي للحكومة.
وغالبا ما يعزى نجاح أردوغان المستمر إلى التنمية والازدهار اللذين ساهمت حكومته في تحقيقهما بعد الأزمة الاقتصادية التي واجهتها تركيا في العام 2001.
ووصل حزبه “حزب العدالة والتنمية” ذو الجذور الاسلامية إلى السلطة في العام التالي للأزمة، ما أدى إلى سيطرة أردوغان على السياسة التركية خلال العقدين الماضيين، رئيسا للوزراء ومن ثم رئيسا للبلاد.
لكنه يواجه عقبات في مسار إعادة انتخابه في الانتخابات المقررة في منتصف العام 2023، كما أظهرت استطلاعات الرأي.
وتظهر استطلاعات الرأي أنه سيخسر في الدورة الثانية ضد معظم المنافسين الرئيسيين، وسوف يخسر تحالفه الحاكم السيطرة على البرلمان لمصلحة مجموعة من أحزاب المعارضة التي تزداد شعبيتها.
زيارة السعودية
وفي محاولة لفك الخناق عن الاقتصاد التركي، قال الرئيس رجب طيب أردوغان الإثنين إنه سيزور السعودية الشهر المقبل، وهي الزيارة الأولى له منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة المملكة في إسطنبول عام 2018.
وقال أردوغان لامرأة لم يذكر اسمها سألته عن المشكلات التي يواجهها المصدّرون الأتراك مع الجمارك السعودية على هامش حدث تجاري في إسطنبول “يتوقعون وصولي في شباط/فبراير. لقد قطعوا وعدا وسأقوم بزيارة للسعودية في شباط/فبراير”.
وساءت العلاقات الصعبة بين تركيا والسعودية بشكل كبير بعد جريمة قتل جمال خاشقجي الوحشية التي نفذت في القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
قُتل جمال خاشقجي الذي كان مقرًّبًا من القيادة السعودية ثم صار منتقدا لها، في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول، على يد فريق أتى من المملكة. وعمد الفريق إلى خنقه وتقطيع جثته التي لم يُعثر عليها، في قضية شوهت سمعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم نفيه الشديد لأي تورط فيها.
وألقى أردوغان في ذلك الوقت باللوم على مسؤولين سعوديين بارزين إلا أنه لم يسمّ مطلقا ولي العهد.
في السنوات التي تلت الحادث، سعت المملكة للضغط بشكل غير رسمي على الاقتصاد التركي الذي عانى بالفعل أزمة في العام 2018.
وأطلقت دعوات إلى السعوديين لتجنب زيارة تركيا وشراء عقارات فيها، فيما اشتكى المصدرون الأتراك من تأخيرات في الجمارك السعودية عام 2020.
لكن تركيا تسعى منذ عامين لإصلاح العلاقات مع خصومها الإقليميين، من بينهم مصر والسعودية.
تعهد بخفض التضخم
وإدراكا منه للضرر الذي سببه التضخم للاقتصاد ولمستويات شعبيّته، تعهد أردوغان اثر اجتماع الحكومة بعد ظهر الإثنين “بخفض التضخم تحت العشرة بالمئة في أسرع وقت ممكن”.
ويرفض الرئيس التركي أسعار الفائدة المرتفعة التي يعتبرها عبئا على النشاط الاقتصادي كما أنها تبطئ النمو.
لكن البنوك المركزية ترفع معدلات الفائدة الرئيسية بدافع الضرورة عندما يخرج التضخم عن السيطرة.
واتهم أردوغان الإثنين “النخب” بتحقيق أرباح من “ريع عائدات الفوائد” مكررا تمسكه بتعهده عدم زيادة تكاليف الاقتراض.
ولدعم الليرة، دعت السلطات الإثنين المصدرين إلى تحويل 25 بالمئة من حجم صادراتهم باليورو أو الدولار أو الجنيه الإسترليني، إلى البنك المركزي التركي.
فقدت الليرة التركية 44 في المئة من قيمتها في مقابل الدولار في العام 2021، مع ازدياد الخسائر نهاية العام الماضي عندما أطلق أردوغان سلسلة من التخفيضات الحادة في أسعار الفائدة.
ارتفع الدولار إلى مستوى قياسي تاريخي وبلغ قرابة 18,4 ليرة تركية تزامنا مع اعلان أردوغان تدابير جديدة لدعم العملة الشهر الماضي.
ومنذ ذلك الحين، تحسّن سعر الصرف إلى نحو 13 ليرة في مقابل الدولار، رغم أن العملة التركية خسرت 2 % إضافية من قيمتها بعد الكشف عن أرقام التضخم الأخيرة، قبل تعويض معظم خسائر اليوم قبل الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش.
وكان الدولار يعادل 7,4 ليرات بداية العام 2021.
ووصف الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة تيموثي آش من “بلوباي أسيت مانجمنت” السياسات الاقتصادية التي تبناها أردوغان بأنها “ببساطة كارثية”.
تساؤلات حول البيانات
أصبحت نسبة التضخم موضوعا سياسيا متفجرا في البلاد، مع اتهام المعارضة في الأشهر الأخيرة مكتب الإحصاءات الوطني بالتقليل عمدا وبشكل واسع، من حجم ارتفاع الأسعار.
وهي تشير إلى قراءات منفصلة أعدتها معاهد اقتصادية مستقلة مثل “مجموعة أبحاث التضخم” التي احتسبت معدل التضخم السنوي للشهر الماضي عند 82,8 في المئة.
وتظهر القراءات الرسمية أن أسعار معظم المواد الغذائية الأساسية ترتفع بشكل كبير فوق معدل التضخم السنوي.
فقد ارتفع سعر الحليب واللبن (الزبادي) والزيت النباتي بنسبة 75 في المئة تقريبا على مدى العام، فيما ارتفع سعر الدجاج بنسبة 86 في المئة.
ورفع أردوغان الحد الأدنى للأجور الشهري بنسبة 50 في المئة، إلى 4250 ليرة (نحو 310 دولارات)، وهو أمر يخشى اقتصاديون من أن يفاقم التضخم بشكل أكبر.
كذلك رفعت حكومته بشكل حاد تكاليف الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك تكاليف التدفئة والغاز والكهرباء.
وقال أردوغان في وقت لاحق الإثنين لامرأة لم تحدد هويتها خلال فعالية في اسطنبول، إنه سيزور المملكة العربية السعودية الشهر المقبل بعد زيارة قام بها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في تشرين الثاني/نوفمبر أُعلنت خلالها استثمارات بمليارات الدولارات.
وستكون هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها أردوغان للسعودية منذ توتر العلاقات بين أنقرة والرياض بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في العام 2018 داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.
ومع دفعه إلى زيادة الصادرات، من المرجح أن يثير أردوغان شكاوى المصدرين الأتراك إزاء عمليات التأخير التي يواجهونها لدى الجمارك السعودية، في محاولة لحل المشكلة.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook