آخر الأخبارأخبار محلية

118 امرأة منضوية في لوائح.. هل تشكّل انتخابات 2022 “ثورة نسائيّة”؟!

مع إقفال باب تسجيل اللوائح التي ستخوض “منازلة” الانتخابات النيابية المقرّرة في منتصف أيار المقبل، بدأت صورة “المعركة” الانتخابية تتّضح، وقد عكسها العدد القياسيّ للوائح الذي فاق ذلك الذي سُجّل في دورة 2018، فضلاً عن “التفاوت” الذي بدا واضحًا بين المناطق، نسبة إلى “حماوة” المعركة ربما، ولكن أيضًا “التركيبة الديمغرافية”.


إلا أنّ الأرقام “القياسية” التي أفرزتها اللوائح لم تقف عند هذه الحدود، إذ إنّ رقمًا “قياسيًا” سُجّل أيضًا على مستوى المشاركة السياسية، بعدما انضوت 118 امرأة من أصل 157 قدّمن ترشيحهنّ في الأصل، وهو رقم يُسجَّل للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، بعدما وصل عدد المرشحات الرسمي في انتخابات 2018 إلى 86 امرأة فقط من أصل 113كنّ قدّمن ترشيحهن في الأساس.

ومع أنّ هذا الرقم يشكّل “قفزة نوعية” على مستوى ترشيح النساء، إلا أنّه يبقى بنظر كثيرين دون المأمول، باعتبار أنّه لا يعكس حقيقة الواقع “الديمغرافي” الذي تمثّل النساء فيه نحو 51 في لمئة من عدد السكان، وبالتالي الهيئة الناخبة، ما يحيل “المتفائلين” إلى السؤال الكبير: هل ستستطيع النساء المرشحات إحداث “الخرق” فتكون انتخابات 2022 بمثابة “ثورة نسائية”؟

معوقات بالجملة

رغم أنّ الرقم، وإن بدا متواضعًا مقارنة بنسبة النساء الحقيقية في المجتمع، يبعث على التفاؤل، إلا أنّ الخبراء الانتخابي، كما المناضلين في سبيل المشاركة السياسية للمرأة، لا يبدون جاهزين لرفع “سقف التوقعات” من الاستحقاق المنتظَر، باعتبار أنّ المعوقات التي تحول دون هذه المشاركة لا تزال كما كانت في دورة 2018، ما يدفع إلى الاعتقاد أنّ معظم المرشحات سيخرجن من السباق دون تحقيق ما تصبو إليه جميع النساء.

بين هذه المعوّقات ثمّة ما هو قانوني، وثمّة ما هو سياسيّ اجتماعيّ، وفق هؤلاء الخبراء، وعلى رأسها قانون الانتخاب نفسه، الذي فُصّل على قياس طبقة سياسية لا تبدو “جاهزة” لمنح المرأة حقها في “المساواة” بالرجل على صعيد المشاركة السياسية، فضلاً عن كونه لا يزال يغيّب مبدأ “الكوتا النسائية”، التي وإن اعتبرها البعض “إشكاليّة”، ينظر إليها الخبراء على أنّها أكثر من “ضرورية” ولو لمرحلة مؤقتة، وقد اعتمدها كبرى دول العالم في مراحل “انتقالية”.

ومن المعوّقات السياسية الاجتماعية أيضًا التي تقف حائلاً دون السماح للمرأة بالتقدّم على الصعيد السياسيّ، ولو من باب الانتخابات، ما يرتبط بنظرة المجتمع التي لا تزال “دونية” إزاء المرأة إلى حدّ بعيد، وهو ما يعزّزه أساسًا الحضور النسائي في البرلمان، الذي بقي مقتصرًا تاريخيًا على ابنة أو شقيقة أو زوجة “القائد والزعيم”، بل إنّ بعض النساء دخلن الندوة البرلمانية مؤقتًا حتى يبلغ “وليّ العهد” سنّ الرشد، فيصبح قادرًا على استلام الدفّة من جديد.

المشكلة الأكبر

تبقى المشكلة الأكبر التي تواجه النساء المرشحات في هذه الانتخابات كغيرها، مرتبطة بـ”تكتيك” الأحزاب والقوى السياسية الأساسية، التي لا تتعامل معها بجدّية، رغم أنّ هذه القوى بمعظمها ترفع شعار “التمكين” في متن برامجها السياسية والانتخابية، إلا أنّها “تهرب” عند التطبيق، بذرائع وحجج مختلفة، حتى إنّها متى أقدمت على ترشيح نساء، فعلت ذلك على طريقة “رفع العتب”، وبنسبة متواضعة وخجولة لا تُذكَر.

أكثر من ذلك، ثمّة بين الأحزاب والقوى السياسية من يعمد إلى ترشيح نساء ليشكّلن “رافعة” للائحة، أو مجرّد “ديكور” لها، وقد ظهر ذلك جليًا في لوائح معظم الأحزاب التي، باستثناءات محدودة جدًا، خلت من أسماء نساء في المواقع “القيادية”، أو تلك التي تتركّز المنافسة عليها، علمًا أنّ أحزابًا أخرى لم تتوانَ عن عدم ترشيح نساء بالمطلق، وبعضها لا يتردّد في الإعلان صراحة عن أنّ العمل النيابي “لا يناسب” النساء في لبنان.

وإذا كان وجود نساء في لوائح “التغيير” بشكل مكثّف في المقابل، أمرًا يثير الاهتمام، فإنّ النتيجة البديهية تبقى أنّ رفع سقف التوقعات في هذا الاستحقاق لا يبدو في مكانه، لأنّ “مقوّمات” الحضور النسائي الحقيقيّ، لا الشكليّ، لا تبدو متوافرة، ولأنّ ثمّة تغييرًا في “العقلية” لا يزال مطلوبًا قبل “الرهان” على “ثورة” تفرزها صناديق الاقتراع، لا تبدو “الأرضية” جاهزة لاستيعابها بالحدّ الأدنى في الظرف الحاليّ.

لا شكّ أنّ خوض 118 امرأة للنزال الانتخابيّ هو بحدّ ذاته أمر إيجابيّ يُبنى عليه، ولا شكّ أنّ خوض النساء لهذا “التحدّي” على صعوبته وتعديلاته، لأمر يدعو إلى التفاؤل، لكن لا شكّ أيضًأ أنّ “طريق” المشاركة السياسية الحقيقية للمرأة لا تزال مليئة بالأشواك والألغام، “أشواك” بات مسلَّمًا به أنّ الكثير من القوى التي تصنّف نفسها “مناصرة” للمرأة “شريكة” في زرعها، أقلّه حتى إثبات العكس!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى