لبنان وسيادته المنقوصة

Advertisement
في مقاربته الاقتصادية، ربط سلام بين الإصلاح والسيادة، مؤكداً أن أي خطة إنقاذ لن تنجح من دون استقرار سياسي وأمني. ومع ذلك، بدا واقع الوضع معقداً، حيث ظهرت الفجوة بين خطاب الحكومة وممارسات حزب الله في الاتجاه المعاكس. الحزب جدّد تمسكه بسلاحه وحق المقاومة، ورفض أي نقاش حول نزعه أو ربطه بوقف إطلاق النار، معتبرًا ذلك محاولة لانتزاع ورقة القوة الوحيدة التي تردع إسرائيل.
هذا التباين المتمادي يظهر جوهر الإشكالية: سيادة منقوصة بأبعادها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تجعل الدولة عاجزة عن ترجمة خطابها إلى قدرة فعلية. في هذا المشهد، تبدو معركة استعادة السيادة في لبنان أعمق من مجرد استعادة قرار الحرب والسلم. الأزمة لم تعد محصورة بالسلاح الخارج عن الدولة، بل باتت متجذرة في منظومة تمسك بمفاصل الاقتصاد والإدارة والثقافة والولاء الاجتماعي. حاول سلام إعادة تعريف موقع رئاسة الحكومة بصفتها سلطة تفاوض لا تُدار، وطرح خطاباً سيادياً متماسكاً يرفض الاستتباع، لكنه لم يغامر بالمواجهة. التحدي الحقيقي اليوم لا يكمن في استعادة قرار الحرب والسلم فقط، بل في كيفية إعادة بناء الدولة بوصفها المرجعية الوحيدة للشرعية والثقة والانتماء. لبنان لن ينهض من أزمته إلا حين تتحول السيادة من شعار سياسي إلى ممارسة مؤسساتية، ومن توازن قوى هش يحتمي بالتوافق إلى مشروع وطني يعيد للدولة وحدها حق القرار الوطني وتنفيذه. وإلا ستبقى السيادة شعاراً فوق مؤسسات مفرغة من معناها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





