قلقٌ بعد أنباء عن إبعاد مغتربين لبنانيين من الإمارات…ماذا بعد؟
يبدو أنّ تداعيات قرار السعودية بوقف الهبة العسكرية وإعادة النظر في علاقاتها مع لبنان بدأت تظهر أوّل خيوطها والمخاوف التي أثيرت في الأمس حيال وضع اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج تُرجمَت فعلياً، إذ قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في الساعات الماضية بإبعاد أكثر من عشرين لبنانياً.
لم يكاد يمضي 24 ساعة على إعلان القرار السعودي حتى ورد خبر في جريدة “السفير” صباح اليوم مفاده أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة، قررت في الساعات الأخيرة إبعاد أكثر من عشرين لبنانياً، معظمهم من بلدة الخيام في قضاء مرجعيون من آل عواضة، وبينهم عائلة وحيدة من مدينة بعلبك من العائلة نفسها، وأمهلت هؤلاء 48 ساعة للمغادرة.
وقالت أوساط وزير الخارجية جبران باسيل، إنّ السفارة اللبنانية في الإمارات تتابع هذا الملف مع الدوائر الإماراتية المعنية ومع الجالية اللبنانية، رافضة الخوض فيما إذا كان وزير الخارجية قد تحرك ديبلوماسياً من أجل إثارة القضية مع حكومة دولة الإمارات التي أعربت يوم أمس عن “تأييدها الكامل” لقرار المملكة، معتبرةً أنّ القرار اللبناني الرسمي بات “مختطفاً ضد مصلحة لبنان ومحيطه العربي كما يبدو واضحاً من هيمنة ما يسمّى بـ“حزب الله” ومصادرته للقرار الرسمي اللبناني.
إذاً، فالمخاوف التي أثيرت أمس حيال وضع اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج تحققت وأصبحت الخشية اليوم من تصاعد مسلسل الترحيل.
وممّا يبدو أنّ دولة الإمارات باشرت في خطوة الترحيل قبل القرار السعودي إذ قامت قبل يومين بإبعاد مواطن لبناني من الطائفة الشيعية (نتحفظ عن ذكر اسمه لوجود أقرباء له يقيمون في الإمارات)، وأكدّ هذا المواطن لـ “جنوبية” أن قرار الإبعاد جاء مفاجئاً له إذ طلبت منه حكومة إمارة عجمان المغادرة وفقاً لقرار صادر من أبو ظبي”، لافتاً إلى أنّه كان في قاعة المخالفين 13 لبناني استدعوا للسبب عينه”.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة المبعدين من الإمارات حسان عليان لـ “جنوبية” أنّ “نحو 700 إلى 800 عائلة لبنانية تمّ إبعادها من دولة الإمارات منذ عام 2009″، كما أكّد أنّ ليس لديه أيّة معلومات بشأن قرار الترحيل الأخير.
ولم يستبعد عليان أنّ تبدأ السعودية القيام بخطوة مماثلة معتبراً أنّ “المملكة تضغط على الإمارات للقيام بهذه الإجراءات”.
كما استنكر قرار الترحيل موصفاً إياه بالتعسفي والظالم إذ لا يستند بحسب قوله إلى أيّ مسوّغ قانوني، إنّما هو إعدام معنوي للمغتربين الذين يمضون حياتهم في المساهمة بتطوير حركة البلد وإنمائها”.
مؤكداً أن ّ”المغترب اللبناني في دول الخليج وخصوصاً من الطائفة الشيعية لا يتعاطى في الشأن السياسي”.
كما توعد عليان بتحرك تصعيدي إزاء هذه الإجراءات الظالمة داعياً الدولة اللبنانية إلى الوقوف بجانب المواطنين والدفاع عنهم”.
وعن مستقبل الرعايا اللبنانيين في السعودية قال أمين سر مجلس العمل والإستثمار اللبناني في السعودية ربيع الأمين لـ “جنوبية” أنّ البيان السعودي كان واضحاً بالحفاظ على العلاقات المميزة مع مجمل الشعب اللبناني”. وقد رفض التعليق على قرار الإمارات قائلاً “هذا موضوع يتعلق بالحكومات التي تقرر ما يناسب مصلحتها”.
وأضاف “لكن، من جهتنا حذّرنا مراراً وتكراراً أنّ الموضوع المحور ليس الترحيل أو عدمه، وإنّما بالسياسات الصبيانية التي تمارس والتي تعرّض المقيمين في دول الخليج للمخاطر والضغوط”.
من جهة أخرى، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر أنّ لا مخاوف حيال احتمال تطوّر هذه الإجراءات بما يتعلق بشق الدعم المالي للدولة المتمثل بودائع سعودية في مصرف لبنان وبالإستثمارات التجارية بين البلدين. وأنّ المخاوف الحقيقية تتعلق بموضوع اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج”.
لافتاُ إلى أنّه ” 53% من المغتربين اللبنانيين يرسلون إلى لبنان تحويلات مصرفية تشكل 15% من الناتج القومي. في حين، تأثير هذه النسبة على الاستثمارات ضئيل جداً لعدم وجودها”.
واعتبر نادر أنّ “خطوة السعودية هذه هي سابقة في سياستها تجاه لبنان في وقت كانت دائماً الداعم الأول له”. لافتًا إلى أنّها ” لا تلام على ذلك نظراً لسياسة لبنان الخارجية والمواقف العدائية التي توجه إليها”، مؤكداً على “ضرورة عدم الدخول بالصراع السعودي الإيراني وضرورة الالتزام بالحيادية”.