الغنوشي يدعو إلى “النضال السلمي ضد الحكم الفردي” وأحزاب سياسية تشكل تحالفا لمواجهة قرارات سعيّد
نشرت في: 24/09/2021 – 12:03
وصف رئيس حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد بمواصلة تجميد أعمال البرلمان وتعليق بنود في الدستور لتعزيز صلاحياته بأنها “انقلاب كامل الأركان ضد الديمقراطية” داعيا إلى “النضال السلمي” ضد “الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده”. كما أعلنت أربعة أحزاب “تحالفا ديمقراطيا” من أجل “مواجهة انقلاب قيس سعيّد”، مبدية انفتاحها على “جميع القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي تعارض الانقلاب في إطار الدستور والقانون وبالوسائل السلمية وحدها لا غير”.
غداة إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد أمرا رئاسيا يعزز صلاحياته على حساب البرلمان والحكومة، دعا رئيس البرلمان التونسي ورئيس حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية راشد الغنوشي الخميس في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية إلى “النضال السلمي” ضد “الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده”، وذلك بعد قيام الرئيس قيس سعيّد بتعزيز صلاحياته في شكل كبير.
وقال الغنوشي “هذا رجوع إلى الوراء، رجوع إلى دستور 1959 وعودة للحكم الفردي المطلق”، مضيفا “لم يعد هناك من مجال اليوم إلا النضال، نحن حركة مدنية ونضالنا سلمي”.
وجاءت تصريحات الغنوشي غداة إصدار الرئيس التونسي سعيّد الذي أعلن قبل شهرين تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام مشيشي وتولي السلطات في البلاد، الأربعاء أمرا رئاسيا عزز عبره صلاحياته في الدستور على حساب الحكومة والبرلمان.
واعتبر الغنوشي (80 عاما) أن إعلان سعيّد “انقلاب كامل الأركان ضد الديمقراطية، ضد الثورة وضد إرادة الشعب، وألغى أهم المؤسسات الديمقراطية” في البلاد.
وأضاف “دعونا شعبنا إلى الانخراط في كل عمل سلمي يقاوم الديكتاتورية ويعود بتونس إلى مسار الديمقراطية… نحن نريد أن نعيد قطار تونس على سكة الديمقراطية”.
ويرى خبراء أن الرئيس سعيّد يسعى إلى إرساء نظام سياسي جديد، يشكل بديلا من النظام البرلماني الذي نص عليه دستور 2014. كما برزت مخاوف على المسار الديمقراطي في تونس، البلد الوحيد الناجي من تداعيات ما سمي “الربيع العربي”.
ما هو موقف الأحزاب التونسية من قرارات سعيّد؟
وكانت أربعة أحزاب أعلنت الخميس “تحالفا ديمقراطيا” من أجل “مواجهة انقلاب قيس سعيّد”، مبدية انفتاحها على “جميع القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي تعارض الانقلاب في إطار الدستور والقانون وبالوسائل السلمية وحدها لا غير”، حسب ما جاء في بيان مشترك لها.
وقالت أحزاب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري وآفاق تونس والتكتل في بيان مشترك الخميس إن هذه الخطوة تكرس الانفراد المطلق بالحكم.
ويصعد بيان المعارضة الصادر الخميس من الضغط عليه. وعلى الرغم من أن الأحزاب الأربعة ليست الأكثر قوة على الساحة، إلا أن لها تأثيرا في الشارع خاصة حزب التيار الذي كان مقربا من سعيّد قبل الإجراءات التي اتخذها.
وقال بيان الأحزاب الأربعة إنها تعتبر “رئيس الجمهورية فاقدا لشرعيته بخروجه عن الدستور وأن كل ما بني على هذا الأساس باطل ولا يمثل الدولة التونسية وشعبها ومؤسساتها وتحمله مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه الخطوة الخطيرة”.
ودعا نشطاء سياسيون يعارضون الخطوات التي اتخذها سعيّد لاحتجاجات يوم الأحد في شارع الحبيب بورقيبة الذي كان محور مظاهرات أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني عام 2011
من جانبه، قال الأمين العام المساعد في الاتحاد العام التونسي للشغل، أنور بن قدور إن تونس تتجه إلى حكم الفرد المطلق. ولدى هذا الاتحاد نحو مليون عضو وهو قوة كبرى على الساحة السياسية في البلاد.
وبدأ اتحاد الشغل اجتماعا لبلورة موقفه من خطوات سعيد. ورغم أن الكثير من التونسيين ساندوا سعيد واعتبروا خطواته ضرورية لتخليص البلاد من نخبة سياسية فاسدة وفاقدة للشعبية بعد سنوات من الركود الاقتصادي، يقول منتقدوه من مختلف الأطياف السياسية إنه يفتقر للخبرة والمرونة.
وأقر الغنوشي بمسؤوليات حزبه في الأزمة السياسية في البلاد قبل إعلان سعيّد وقال “نتحمل بالتأكيد (المسؤولية)، النهضة لم تكن في الحكم ولكن دعمنا الحكومة رغم مآخذنا عليها قبل 25 تموز/يوليو”.
دعوة إلى الحوار
اعتبر الغنوشي أن هناك وحدة بين الأحزاب التي تعارض الرئيس وأوضح مبتسما أن “الجانب الإيجابي في قرارات الرئيس أنه سيوحد بين النهضة وأحزاب أخرى والنهضة في داخلها…بارك الله في الرئيس الذي وحد الشعب التونسي ووحد النهضة”.
وشدد الغنوشي على أن الأزمة التي مرت بها تونس “لا تبرر الانقلاب على الديمقراطية”، بل “تبرر حوارا وطنيا، تبرر الإصلاح لأن الوضع حاليا هو أخطر مما كان عليه قبل 25 تموز/يوليو”.
وأضاف الغنوشي “أداء الرئيس اليوم ليس جيدا والدليل على ذلك أن كل الأحزاب التي كانت تعارض النهضة أصبت الآن معارضة للرئيس”.
وأكد رئيس حركة النهضة أن حزبه “قطعا سيشارك” في انتخابات إن اتخذ قرار بإجرائها.
“سعيّد له مخطط”
ولم تنجح حكومة مشيشي في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي في البلاد ولم تستطع التحكم في انتشار وباء كوفيد-19 وشهد البلاد أزمة صحية غير مسبوقة.
كما أكد رئيس البرلمان المجمد أن سعيّد لم يستجب لدعوات حزبه للحوار وأوضح “الرئيس لم يستجب لأنه تبين أن عنده مخططا أعده ويريد فرضه”.
إلى ذلك أبدى الغنوشي استعداد الحركة لإجراء إصلاحات على دستور 2014 وقال “نحتاج إلى البرلمان من أجل تطوير الدستور، نحتاج إلى حوار وطني للاتفاق على الجوانب التي تحتاج إلى تطوير”.
وتابع “دستور 2014 صاغته كل القوى الديمقراطية وصوت عليه بأكثر من تسعين في المئة من ممثلي الشعب التونسي إسلاميين وغير إسلاميين”.
وينص دستور البلاد على أن النظام السياسي برلماني ويعطي صلاحيات واسعة للسلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية ما تسبب بخلافات كبيرة بين السلطات خلال السنوات الأخيرة وصلت إلى تعطل الدولة.
فرانس24/ أ ف ب/ رويترز
مصدر الخبر
للمزيد Facebook