آخر الأخبارأخبار محلية

هذا ما طلبه بري وما تعهّد به سلام وعون

 

بعد كل هذه التطورات كان على الحكم الجديد في لبنان أن يمشي في هذا المسار. هذا ما كان برّاك ينتظره. ولكنه تفاجأ بالتردّد وبسماع تبريرات في عين التينة حول الأسباب التي لا يمكن معها القبول بالبحث في موضوع نزع سلاح “الحزب”. لمس برّاك هذا التردّد في زيارته الأولى ومن خلال المعلومات التي زُوِّد بها لكي يكون على اطلاع على ما سيواجهه. ولكنه في الواقع كان ينتظر أن تتغيّر طريقة تعاطي الحكم في لبنان مع المطالب الأميركية وأن يكون هذا الحكم مستعدًّا لتحمل مسؤولية اتخاذ القرار باستعادة السيادة الكاملة ونزع كل سلاح غير شرعي، وتنفيذ متوجبات اتفاق وقف النار.

 

تعاطت رئاسة الجمهورية في لبنان مع ورقة توم برّاك على أساس أنّها من الصلاحيات التي يعطيها الدستور للرئيس في التفاوض لأنها مكملة لمراحل المفاوضات السابقة غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة أميركية وذلك كما تنص المادة 52 منه. لذلك تسلمت الرئاسة ورقة المطالب الأميركية الأولى التي حملها برّاك في زيارته الأولى في 19 حزيران وبدأ إعداد الردّ عليها بالتنسيق مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب. ولذلك اعتبرت الرئاسة أن عرض المسألة على مجلس الوزراء يأتي في نهاية المراحل لإبرام المعاهدة.

 

كان الرد اللبناني على الورقة الأميركية الأولى التي لم تتغيّر عمليًا، أنه ولتسهيل مهمة الحكومة في اتخاذ القرار المتعلق بنزع سلاح “حزب الله” يجب الحصول على تعهد أميركي بضمان حصول انسحابات إسرائيلية في المقابل. وباستيحاء من إحدى أوراق التفاوض بين إسرائيل و”حركة حماس” على قاعدة خطوة مقابل خطوة، تم عرض أن تكون عملية تسليم سلاح “حزب الله” على مراحل من الجنوب نحو الشمال، ويقابل كل مرحلة انسحاب إسرائيل من أحد المواقع التي لا تزال تحتلها. يقال إن الرئيس نبيه بري طلب هذه الضمانة على قاعدة أنّه في حال التعهد الأميركي يصير سهلًا عليه تعهّد تأمين الغطاء السياسي والشيعي لقرار نزع سلاح “الحزب”. فهو يدرك المخاطر التي تعرّض لها الشيعة ولبنان ولا يريد أن تكون هناك مغامرة جديدة تؤدي إلى هزيمة كاملة بعد التطورات التي جعلت سوريا ساحة مفتوحة للتوغل الإسرائيل من دون أي رادع. يقال أيضا إن الرئيس بري كان في الوقت نفسه يدرك الخطر ويرغب بوضع حد له ولكنه يتفادى الخطر الأكبر بالصدام الشيعي الشيعي، لأنه بالنسبة إليه خط أحمر.

 

كان المطلوب لبنانيًا أيضًا تعهدًا بإعادة الإعمار عبر إبداء استعداد السعودية ودول الخليج للتمويل. لأن هذا الأمر الذي يشكّل حاجة شيعية ملحّة يمكن أن يغطّي أيضًا قرار نزع سلاح “الحزب”. يقال أيضًا إن تفاهمًا من هذا النوع جمع بين الرؤساء عون وبري وسلام. حتى قيل أيضًا إنّ الرئيس عون كان لديه قرار بأنّه في حال أتت التعهّدات سيأخذ قرار نزع السلاح مهما كانت المحاذير بعد عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وهذا ما كان تعهّد به الرئيس سلام، بالإرتكاز على التعهد الذي بدأ من عند الرئيس بري.

 

المطالب كانت تتّصل أيضًا بالإصلاح السياسي والمالي. قرار مصرف لبنان بخصوص القرض الحسن لم يكن كافيًا. فقد أسقطه “حزب الله”. ما يجب أن تفعله الدولة في موضوع السلاح يجب أن تفعله في موضوع مؤسسة القرض الحسن وسطوة “الحزب” على القرارات الأمنية والقضائية وذلك من أجل إخضاع “الحزب” للدولة.من هنا تأتي أهمية تأكيد برّاك لاحقًا أن واشنطن تعتبر “الحزب” منظمة إرهابية وأنّ لا فرق بين جناح سياسي وجناح عسكري، وأن إسرائيل هي التي تحدد المهل التي يمكن أن تتحرك فيها ضد “حزب الله”. بدل أن يأتي بضمانات من إسرائيل أتى بتهديد. قال إن أي ضمانات لا يمكن أن تفرضها واشنطن عليها. عند هذا الحد انتهى الرد. ثمة كلام كثير كُتب على الأوراق، ولكن ثمة تطوّرات كثيرة على الأرض قد تكتب الرد الأخير بالدم.  

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى