آخر الأخبارأخبار محلية

لماذا أثارت انتخابات طرابلس كلّ هذا اللغط والجدل؟!

مع انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الشمال وعكار، لم يكن أحد يتوقّع أن يحصل في طرابلس ما حصل فيها، على الرغم من بعض الأجواء “الصاخبة” التي رافقت اليوم الانتخابي الطويل، وليله كذلك، مع الرصاص العشوائي الذي سُمِع صداه في أكثر من مكان، حتى إنّ كلّ المعنيّين سارعوا إلى الحديث عن “تجاوز القطوع الانتخابي الثاني”، بمعزل عن النتائج والأرقام التي ستفرزها الانتخابات.


Advertisement










 
شيئًا فشيئًا، بدأت الأمور تأخذ منحىً “دراماتيكيًا”، مع ظهور مؤشّرات عمّا وُصِفت بالأخطاء والتجاوزات، التي تمّ تسريبها سريعًا للإعلام، حتى إنّ عددًا من المرشّحين شارك في تعزيز هذا “اللغط”، بحديث عن “تصفير” أرقامهم، حتى في صناديق اقترعوا هم فيها، ما تطلّب إعادة الفرز في الكثير من الصناديق مرارًا وتكرارًا، ما أدّى إلى تأخير إعلان النتائج لأكثر من 48 ساعة بعد انتهاء عمليات الاقتراع، وهو ما زرع الشكّ لدى كثيرين.
 
ولعلّ حالة “الفوضى” التي شهدتها عمليات الفرز، وأدّت إلى “استنفار حكومي” تمثّل في انتقال رئيس الحكومة نواف سلام ووزير داخليته أحمد الحجار إلى طرابلس لمواكبة عمليات الفرز، هي التي دفعت البعض، ومنهم الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات مثلاً، إلى المطالبة بإعادة العملية الانتخابية بالمُطلَق في طرابلس، لكن هل هذا الخيار ممكن فعلاً، ولماذا أثارت هذه الانتخابات كلّ هذا اللغط، الذي لم يحصل في مناطق أخرى؟!
 
هل تُعاد انتخابات طرابلس؟!
 
في بيانها الداعي لإعادة الانتخابات في طرابلس، اعتبرت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي) أنّ العملية الانتخابية في طرابلس “لم تعد تستوفي شروط الانتخابات الحرّة والنزيهة”، وتحدّثت عن مجموعة من العوامل التي أسهمت في ذلك، وقد بدأت حتى قبل يوم الاقتراع، مشيرة إلى امتناع عدد من المسؤولين الإداريين المباشرين عن منح التصاريح اللازمة لمندوبي بعض اللوائح المتنافسة، ما حال دون تمكّنهم من مراقبة عمليات الفرز.
 
لكنّ موقف الجمعية أثار ردود فعل متباينة، إذ اعتبر المؤيدون أنّ الانتخابات أفرزت “خللاً فاضحًا”، إذ من غير المعقول الحديث عن عملية انتخابية “طبيعية”، في وقت تأخّر إعلان النتائج أكثر من 48 ساعة، وأعيد الفرز مرارًا وتكرارًا، بل ربما من النقطة الصفر، وهو ما يبدو لوحده كافيًا لزرع الشكوك، فكيف إذا أضيف لذلك عوامل أخرى، من بينها نسبة الاقتراع غير المرتفعة، ونظام الانتخاب الأكثري، غير المعقّد، ما لا يبرّر هذا النوع من التأخير المُبالَغ به.
 
في المقابل، يرى المعترضون أنّ “لا معنى” لإعادة الانتخابات، فالفرز يحصل بحضور المرشحين والمندوبين، وكذلك مراقبي “لادي” وغيرها من المنظمات والجمعيات، ويعتبر هؤلاء أن التأخير الحاصل في إعلان النتائج يعزّز “الثقة” بها، وليس العكس، إذ إنّه يأتي ليعكس الحرص العالي على أن تكون النتائج “موثوقة”، بحيث يتمّ التدقيق بها، والتعامل مع كلّ شكوى ترِد حول أي صندوق، ولو تطلّب ذلك إعادة عمليات فرز استمرّت لساعات طويلة.
 
خيار غير مطروح؟!
 
يقول المطّلعون إن إعادة الانتخاب ليست خيارًا مطروحًا في الوقت الحالي، بمعزل عن الدعوة التي أصدرتها جمعية “لادي”، فالمسار القانونيّ بالحدّ الأدنى لا يتيح لوزارة الداخلية اتخاذ قرار بإلغاء الانتخابات بكلّ بساطة، علمًا أنّ الكرة في ملعب المرشحين واللوائح، عملاً بالمادة 20 من قانون البلديات، التي تنصّ على إمكانية الطعن في صحة الانتخاب أمام مجلس شورى الدولة خلال 15 يومًا من تاريخ إعلان النتيجة، ليكون القرار بالإبطال من صلاحية الأخير.
 
وعلى ما يبدو، فإنّ هذا المسار قد يسلك طريقه في الساعات المقبلة، حيث تشير الكثير من التقديرات إلى بدء تجهيز “الطعون” حتى قبل إعلان النتائج، إلا أنّه بالتوازي مع ذلك، فإنّ “التحدي الكبير” أمام الحكومة ووزارة الداخلية تحديدًا، هو أخذ العِبَر من تجربة طرابلس، من أجل التعامل مع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في بيروت والبقاع والجنوب، وبالتالي معالجة “الثغرات” التي لم تعد لوجستية محض، من أجل تفادي تكرار المشاكل نفسها.
 
ويقول العارفون إنّ “التحدّي الأكبر” في هذا السياق، يبقى في تدريب هيئات قلم الاقتراع قبل الأحد المقبل، خصوصًا بعدما تبيّن أنّ المشكلة الجوهرية التي اعترت العملية الانتخابية في طرابلس، وفي غيرها من المناطق، أنّ رؤساء الأقلام لم يكونوا مدرَّبين كفاية، وهو ما أدّى إلى حصول أخطاء، قد لا تكون مقصودة، ولكنّها أدّت إلى التشويش على العملية الانتخابية، وأثارت كلّ اللغط الذي حصل، والذي لا يبدو أنّه سينتهي سريعًا، ولو أعلِنت النتائج.
 
خلال اليوم الانتخابي في الشمال وعكار، قيل الكثير عن النجاح التنظيمي الذي تحقّق رغم الإشكالات الأمنية، وعن إنجاز ضبط الرشى الانتخابية وغيره، لكنّها إنجازات سقطت بضربة طرابلس القاضية. قد لا يكون من المنطقي، أو حتى الواقعي، تحميل وزارة الداخلية المسؤولية المطلقة عن ذلك، وسط الجهود الواضحة التي تبذلها، لكن لا يمكن عدم طرح الأسئلة الكبيرة، فهل يكفي القفز إلى الأمام، وماذا لو تكرّر السيناريو في بيروت وغيرها؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى