عودة إماراتية واعدة إلى لبنان..والاساس الاستثمارات الخليجية

Advertisement
فقد استقبلت بيروت بالورود، يوم الأربعاء، ثلاث طائرات هي الأولى التي تقلّ مواطنين إماراتيين إلى بيروت منذ سنوات، مكرّسة بذلك ما وُصِفت بـ”الصفحة الجديدة” في العلاقة اللبنانية الإماراتية، التي شهدت فتورًا في الأعوام الأخيرة، ترجم عبر انكفاء دول الخليج عن لبنان، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتّحدة، وسط توقعات بأن ترتفع وتيرة الرحلات الإماراتية إلى بيروت في الأيام المقبلة.
وتفتح العودة الإماراتية إلى بيروت “نافذة أمل” بعودة خليجيّة أوسع، وسط ترقّب لقرار مماثل من المملكة العربية السعودية، يتوقّع أن يسبق عيد الأضحى، أو يتزامن معه، علمًا أنّ رئيس الحكومة نواف سلام أكّد أمام سفراء دول مجلس التعاون الخليجي العمل لإزالة أي مخاوف أو محاذير لدى دولهم، من أجل أن يعود مواطنوهم إلى ربوع لبنان، بعدما عاد لبنان إلى “حضن” العرب، فهل تتسارع الخطى في هذا الاتجاه، وأيّ انعكاسات تحمل؟!
“صفحة جديدة”
لا شكّ أنّ العودة الإماراتية إلى لبنان، تأتي في سياق “صفحة جديدة” تُفتَح بين لبنان وإخوانه العرب، وخصوصًا في دول الخليج، بدأت مؤشّراتها بالظهور مع انطلاقة “العهد الجديد”، وخصوصًا بعد انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، وإن ربطها البعض بالمتغيّرات الهائلة التي أحدثتها الحرب الإسرائيلية على لبنان، خصوصًا على مستوى تراجع نفوذ “حزب الله” وقدرته على التأثير.
وقد تصاعدت هذه المؤشّرات بشكل خاص مع “الانفتاح” الذي أبدته المملكة العربية السعودية إزاء لبنان، بعدما عدّلت سياسة “الانكفاء” أو “غضّ النظر” التي كانت تعتمدها، وأعادت “وصل ما انقطع”، ولو بوتيرة تدريجية، وقد وصلت هذه المؤشّرات الإيجابية إلى “الذروة” مع زيارتي كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، حيث التقيا بوليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وسط أجواء ودّية ومشجّعة، إن جاز التعبير.
وعلى الرغم من أنّ الزيارتين لم تترجَما سريعًا على الأرض، بانتظار بعض الخطوات والإجراءات، وربما بانتظار زيارة وفد لبناني رسمي إلى الرياض يتولى التوقيع على عدد من الاتفاقيات الجاهزة، فإنّ العارفين يقولون إنّ المرحلة السابقة شكّلت “اختبارًا للعهد الجديد” في عيون دول الخليج، وقد تجاوزه بنجاح حتى الآن، على الأقلّ على مستوى الأداء، الذي بدا “متناغمًا” مع ما تريده دول الخليج من لبنان، بل ما تريده للبنان.
“نافذة أمل”
من هنا، يتفاءل كثيرون بالخطوة الإماراتية “المبشّرة”، والتي يُعتقَد أنّها لن تكون “معزولة”، أو “يتيمة”، بل أنّ سلطات أبو ظبي ما كانت لتتّخذها، من دون التنسيق مع سائر الدول، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، فكما كان “حظر السفر” مشتركًا بين هذه الدول، ولأسباب موحّدة، تتعلق ببعض المواقف والسياسات، فإنّ قرار “رفع الحظر” سيكون مشتركًا أيضًا، ولو أخِذ على مراحل، وبالتدريج، للعديد من الأسباب والاعتبارات.
ويقول العارفون إنّ الخطوة الإماراتية تحمل بهذا المعنى رسالة “تشجيع” من دول الخليج قاطبة، للحكومة اللبنانية على مواصلة النهج الذي اختارته لنفسها، سواء على المستوى السياسي، عبر تغليب منطق “بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها”، أو على المستوى الاقتصادي، في ظلّ فتح النقاش حول الإصلاحات المالية المطلوبة، ولكنها أيضًا رسالة “حثّ” على ترجمة الخطابات على أرض الواقع، عبر خطوات ملموسة وفعليّة.
من هنا، يُعتقَد أنّ الخطوة الإماراتية ستُستتبَع بخطوات أخرى من سائر دول مجلس التعاون الخليجي، وإن كان الثابت أنّ العودة الخليجية إلى لبنان لن تكون “كاملة” في المدى المنظور، بانتظار توافر شروطها ومتطلباتها الكاملة، بما يضمن نوعًا من الاستقرار والأمان في لبنان، علمًا أنّ ما ينتظره اللبنانيون إلى جانب عودة السيّاح، وتنشيط السياحة، هو أيضًا عودة الاستثمارات الخليجية إلى لبنان، وهي التي لطالما شكّلت “عصب” الاقتصاد، إن صحّ التعبير.
ينظر لبنان بارتياح إلى عودة الدول الخليجية إلى لبنان، ولو جاءت بوتيرة تدريجية، وهو الذي يسعى منذ انطلاقة ما سمّي بـ”العهد الجديد” إلى تصحيح علاقات لبنان بأصدقائه وأشقائه، والذي يدرك أنّ لبنان “بحاجة” إلى هؤلاء الأشقاء والأصدقاء في هذه المرحلة الدقيقة، ليس فقط من أجل تنشيط السياحة وتحصين الاقتصاد، وما إلى هنالك، ولكن أيضًا لضمان موقع لبنان، كجزء لا يتجزأ من منظومة عربية متكاملة!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook