الوكالة الوطنية للإعلام – النهار: إخفاق المخرج النيابي وسط انقسامات “عصبية” إقرار رفع السرية المصرفية يحقق إنجازاً للحكومة

وطنية – كتبت صحيفة “النهار”: يمكن القول إن إخفاق مجلس النواب في جلسته التشريعية أمس في اجتراح تسوية قانونية لمأزق “الصراع” الحاد الناشئ حيال معادلة المناصفة في المجلس البلدي لبيروت وتعديل صلاحيات محافظ العاصمة، قد أطلق العنان على الغارب أمام المحاولات الأخيرة، بل الخيار الوحيد المتاح لإنقاذ المناصفة وتأمين إجراء الانتخابات في موعدها عبر تحالف أو تحالفات سياسية – عائلية عريضة وعابرة لكل الاتجاهات والطوائف. والواقع أن ما أنكره كثيرون في مناقشات جلسة البارحة وأفصح بل لمح إليه رئيس المجلس نبيه بري اضطراراً لتبرير فشل الجلسة التشريعية في التوصل إلى مخرج قيصري لأزمة انتخابات بيروت، تمثّلَ في خلفية احتدام طائفي حول اقتراحات تعديل قانون الانتخابات البلدية بما يضمن المناصفة في بيروت والتي طرحت للمناقشة، وقد افضى هذا الاحتدام إلى مناقشات “عصبية” وفوضى في النقاش ومن ثم الإطاحة بالمخرج التسووي – التشريعي الذي راهن البعض عليه من خلال إحالة كل الاقتراحات المقدمة على اللجان النيابية. ومع إحالة الاقتراحات على اللجان سيكون انتظار أي تطور قانوني جديد من خلال المجلس مستبعداً لأن عقد جلسة تشريعية جديدة عشية انصرام المهل للترشيحات الانتخابية قبيل بدء الجولات خلال شهر أيار سيكون مستبعدا. ودفع التحسّب لإخفاق المجلس وانقسام الكتل النيابية حول الاقتراحات المطروحة، عدداً من النواب إلى رفع الصوت صراحة بالمطالبة بتأجيل الانتخابات البلدية في بيروت حصراً، وكاد هذا الاتجاه يشكل تياراً متنامياً لولا قطع الطريق حكومياً ومن ثم على لسان بري وبالتنسيق معه على أي اتجاه للتاجيل. ولذا اعتبرت إحالة الاقتراحات على اللجان المختصة بمثابة تسليم بضرورة تجاوز الانقسامات التي حملت طابعاً طائفياً واضحاً والذهاب إلى المخرج الانتخابي من خلال التحالفات العريضة التي يفترض أن تضمن المناصفة من دون تعريض موعد الانتخابات لأي اختلال. وقد تصدّر جدول أعمال الجلسة مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 103 الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون سرية المصارف الصادر عام 1956، بالإضافة إلى المادة 150 من قانون النقد والتسليف. ولدى طلب النائب جبران باسيل مناقشة قانون البلديات في بداية الجلسة توجّه بري إليه قائلاً: “الموضوع الطائفي والمذهبي المسيطر على البلد مش نبيه بري ولا انتو بيمرقوا”. ثم اقر مجلس النواب قانون رفع السرّية المصرفية مع تعديلات على البند الثالث بأكثرية 87 صوتاً، وكانت المادة الثالثة ترمي إلى العودة بالسرية 10 سنوات إلى الوراء. كما أقرّ قانون النقد والتسليف، واقتراح القانون الرامي إلى تعديل أحكام المواد 1 و 2 و 12 من قانون العمل تاريخ 1946/9/23 (العمل المرن) بالمناداة بأكثرية النواب. وخلال مناقشة تعديلات السرية المصرفية، قدَّم عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل، مداخلة اعترض فيها على فكرة إقرار مشروع قانون “يحمل تناقضاً كبيراً، فهو إذ يطالب برفع السرية المصرفية، يعود في إحدى مواده إلى إعلان أن الحسابات محمية بالسرية المصرفية”، كما طالب بإحالة لجنة الرقابة على المصارف إلى التحقيق. ولفتت إشارته إلى أن وزراء اتصلوا من واشنطن، وقالوا إن صندوق النقد الدولي يُطالب بإقرار المشروع كما ورد من الحكومة، رغم أن هؤلاء لم يلتقوا بمسؤولي الصندوق حتى الآن. و ردَّ رئيس الحكومة نواف سلام مؤكداً تمسّكه بإقرار القانون كما ورد من الحكومة، وقد أقرته اللجان كما هو، مشدداً على أنه لم يخضع لإملاءات الصندوق، وقال: “لا أحد يملي عليَّ ماذا أقول أو أفعل”. واعترض رئيس “كتلة الجمهورية القوية” النائب جورج عدوان على منح لجنة الرقابة على المصارف صلاحيات المصرف المركزي نفسها في موضوع طلب كشف السريّة المصرفية، لا سيما أنها متفرعة عنه.
وبدأ المجلس بعد مناقشة عدد من البنود الأخرى بمناقشة اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل بعض أحكام البلديات والنصوص المتعلقة ببلدية بيروت، المقدم من النواب غسان حاصباني، نقولا صحناوي، نديم الجميل، فؤاد مخزومي، فيصل الصايغ، هاغوب ترزيان، قبل أن يقرر بري سحبها وإحالتها على اللجان بعد مناقشات اتّسمت بالفوضى والانفعالات. ورداً على مداخلات قال بري: “هذا شيء لا يجوز على الإطلاق، علينا كمجلس نواب أن نمتص كل شيء، فالنائب هو نائب عن كل الأمة وهذا منصوص بالدستور”. وكان بري قد أكد أن “لا تأجيل للانتخابات البلدية”.
واعتبر الرئيس نواف سلام في تغريدة له أن إقرار مجلس النواب مَشروع الحكومة المُتعلّق بالسريّة المَصرفية “يُشكّل خُطوة ضرورية نَحو الإصلاح المالي المَنشود الذي تَعهّدت حُكومتنا تَحقيقه، ورَكيزة أساسيّة لأيّ خطة تعافي ويتيح التمييز بين الأموال المشروعة وغير المشروعة، كما يَفتح صفحة جديدة على طريق وَقف التهرّب الضريبي ومُكافحة الفساد وتبييض الأموال”. وأضاف ،”إن كان لقانون السريّة المَصرفية معنى في خمسينات القَرن المُنصرم بجذب الأموال إلى لبنان، فإنه فَقَدَ اليوم أي معنى بعد أن تمّ استغلاله بما يشّوه صورة لبنان، وبات إعادة النظر به مدخلاً اساسيّاً لكشف الحقائق وتَحديد المَسؤوليات بكلّ شفافية ومُحاسبة المُرتكبين بما من شأنه المُساعدة في إستعادة حقوق المودعين، وثقة المواطنين والمجتمع الدولي”.
وبالتزامن مع جلسة مجلس النواب، حصلت مجموعة اعتصامات وتحركات، فنفّذ العسكريون المتقاعدون اعتصاماً تحذيرياً، في ساحة رياض الصلح، للمطالبة بإنصافهم، وحذّروا من أنّ “كل الاحتمالات مفتوحة” في حال عدم التجاوب مع مطالبهم. واعتصم أيضاً الأساتذة المتعاقدون، ونفذ عدد من السجناء في رومية احتجاجاً للتعبير عن غضبهم، عبر إحداث ضجيج وذلك لرفع الصوت مع انعقاد مجلس النواب، من أجل التصويت على اقتراح القانون الذي تقدمت به كتلة الاعتدال بهدف التخفيف من الاكتظاظ ورفع الظلم عن السجناء، كما سارت في وسط بيروت تظاهرة منادية باقرار العفو عن السجناء الإسلاميين.
وفد أميركي في الجنوب
ووسط هذه الأجواء ظلت تطورات الجنوب في واجهة الاهتمامات، إذ أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قائد القوات الدولية في الجنوب “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لازارو خلال استقباله أمس مع وفد من اليونيفيل، أن “الجيش اللبناني يواصل انتشاره في القرى والبلدات الجنوبية التي أخلتها إسرائيل، ويتولى تنظيفها من الألغام وإزالة كل المظاهر المسلحة فيها على رغم اتساع مساحة الأراضي الجنوبية وطبيعتها، الأمر الذي يأخذ وقتا”. وأشار إلى أن “استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس يجب أن ينتهي في أسرع وقت ممكن لتأمين الاستقرار والأمن على طول الحدود الجنوبية تمهيداً لاستكمال عودة الأهالي إلى قراهم”، وأكد أن “عملية تطويع العسكريين تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء مستمرة لتأمين 4500 عسكري سوف يتولون مع القوات الموجودة حالياً، بسط الأمن في الجنوب وتطبيق القرار 1701 بالتعاون مع “اليونيفيل” التي نقدر الجهود التي تبذلها بالتنسيق مع الجيش”. وأكد أن “الانتخابات البلدية والاختيارية ستحصل في كل الجنوب يوم السبت في 24 أيار المقبل وأن التحضيرات جارية لتأمين مشاركة أبناء القرى التي دمّرها الإسرائيليون والتي يتعذر عودة الأهالي اليها”.
وسجل تطور لافت أمس تمثّل في جولة لوفد أميركي برفقة قوّة من الجيش اللبناني في منطقة الدبش في الطرف الشرقي -الجنوبي لبلدة يحمر الشقيف، والتي تعرّضت في الأسبوعين الأخيرين لغارات جوية وقصف مدفعي. وتجوّل الوفد لأكثر من نصف ساعة في المنطقة وغادرها لاحقاً، في اطار جولاته في العديد من النقاط في الجنوب. وفي غضون ذلك، نفذ الجيش الإسرائيلي أعمال تجريف في جبل الحمارة في أطراف العديسة قضاء مرجعيون. وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً داخلياً بعد فقدان وسائل قتالية من نقطة عسكرية قرب الحدود مع لبنان. وفي وقتٍ سابق، نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن الجيش اللبناني فرض إجراءات مشددة في بعض المناطق ضد “حزب الله”، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات فاقت التوقعات الإسرائيلية من حيث شدتها ونطاقها.
استدعاء السفير
وفي سياق ديبلوماسي متصل بالواقع الميداني، حضر السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني إلى وزارة الخارجية بناء لاستدعائه على خلفية مواقفه العلنية الأخيرة. وفيما لم يلتق الوزير يوسف رجي استقبله الأمين العام السفير هاني الشميطلّي، الذي أبلغه “ضرورة التقيّد بالأصول الديبلوماسية المحددة في الاتفاقات الدولية بين الدول وعدم التدخل في شؤونها”.
وأعلن أماني لاحقاً أنه “قام بزيارة إلى مقر وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية اللبنانية، حيث قدم توضيحات للجانب اللبناني حول التغريدة التي نشرها مؤخرًا”، مبيناً أن “مضمونها جاء عامًّا وشاملًا ينطبق على جميع الدول من دون استثناء، بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية”. وأشار أماني إلى أن “هذه الزيارة أتت لتفادي أي التباس أو سوء فهم محتمل بين البلدين بشأن محتوى التغريدة”.
=====
مصدر الخبر
للمزيد Facebook