الجمهورية: مجلس وزراء اليوم للصورة و"البيان"… وأوروبا: لحشد الجهود دعماً للبنان
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: أخيرا تألفت الحكومة التي تحوّل تشكيلها إلى معجزة وحدث، فيما كان يفترض ان تتألّف خلال أيام او أسابيع قليلة أبعد تقدير، بسبب كارثية الوضع المالي. ومع تأليفها انتقل التركيز إلى جانب آخر، يبدأ من اجتماعها الأول والبيان الوزاري وجلسة الثقة، لينتقل إلى الأساس المتمثل بإنتاجيتها وقدرتها على فرملة الانهيار وإعادة ترميم الوضع رويداً رويداً.
لا شك في انّ مجرد تأليف الحكومة انعكس ارتياحاً في الأسواق ولدى الناس وانخفض الدولار، وبالتالي، كيف بالحري في حال نجحت في إدارة ملفاتها، وأحسنت في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وتمكنت من تحقيق رزمة إصلاحات، فيعني أنّ الدولار سيواصل انخفاضه، وانّ الناس ستبدّد مخاوفها مع شعورها انّ الانهيار توقف وانّ ظروفها ستبدأ بالتحسُّن.
فالبلاد فعلاً أمام فرصة إنقاذية جدّية، ولكن من يضمن أن لا تنسحب مشاكل التكليف على التأليف، وان يتحول مجلس الوزراء مساحة شغب وتعطيل بدلاً من أن تكون مساحة وئام وفعالية، خصوصاً انّ الخلافات والانقسامات هي نفسها، والأطماع السلطوية لم تتغيّر، والسؤال الأساسي الذي ستجيب عنه الأسابيع والتطورات المقبلة هو الآتي: لماذا تنجح حكومة ميقاتي حيث فشلت حكومة الرئيس حسان دياب؟
وفي مطلق الحالات، الآمال المعلّقة على الحكومة واسعة وكبيرة، من الناس التي تريد “حجّ خلاص” من أوضاعها المأسوية، إلى المجتمع الدولي الذي لاقى التأليف بترحيب واسع. فهل ستكون الحكومة على قدر تطلعات الناس وحسن ظن عواصم القرار؟ أم انّ الأمور ستراوح مكانها بسبب حجم التحدّيات السياسية الهائل، مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية، وانطلاق المعركة الرئاسية مع اقتراب دخول الرئيس ميشال عون السنة الأخيرة من ولايته؟
وإن دلّ حجم الترحيب الدولي بولادة الحكومة على شيء، فعلى انّ المجتمع الدولي يريد مساعدة لبنان واللبنانيين، ولكن يتوقّف على الحكومة وإنتاجيتها وتجاوبها مع الشروط الإصلاحية المطلوبة من أجل فتح باب المساعدات، وبالتالي، كل نظرية انّ لبنان يتعرّض لحصار غير دقيقة، وإذا كان من حصار فهو حصار القوى المعنية للشعب اللبناني، بسبب سلوكها وممارساتها التي لا تبدّي مصلحة لبنان العليا.
وفي مؤشر الى الجدّية التي يتعاطى بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لم ينتظر نيل حكومته الثقة، إنما شرع في اجتماعات ولقاءات واتصالات من أجل تمهيد الأرضية، خصوصاً انّ الوضع لا يحتمل ترف الوقت والانتظار، في ظل أوضاع حياتية كارثية، والاستحقاق الأبرز هذا الأسبوع سيكون مع رفع الدعم عن المحروقات او فتح اعتمادات جديدة ربما أخيرة لها، لأنّ مخزون البنزين لدى الشركات انتهى، ومعظم المحطات رفعت خراطيمها وطوابير الذلّ عليها تضاعفت.
ولا تنحصر الأمور بمادة البنزين، إنما المازوت واقتراب فصل الشتاء، ومصير العام الدراسي الذي لم يعد من أبرز تحدّياته وباء كورونا، إنما رواتب المعلمين ووصول التلامذة الى مدارسهم مع أزمة البنزين وارتفاع اسعاره، والوضع المعيشي الصعب عموماً، وكل القطاعات المأزومة، وفي طليعتها القطاع الاستشفائي. ولكن بلا شك انّ ولادة الحكومة تعطي أملاً في إمكانية البدء بمعالجة هذه الأزمات وغيرها، فيما لو لم تتشكّل لكان الارتطام الكبير قد وقع.
الصورة التذكارية
في هذه الاثناء، أُنجزت في القصر الجمهوري الترتيبات لعقد الجلسة الاولى للحكومة الجديدة اليوم، بعد انقطاع مثل هذه الجلسات لفترة استمرت 13 شهراً، وتحديداً منذ العاشر من آب العام الماضي، تاريخ استقالة حكومة مواجهة التحدّيات برئاسة الدكتور حسان دياب. بحيث لم تُعقد خلالها أي جلسة للحكومة لا في قصر بعبدا ولا في السرايا الحكومية.
وقبيل هذه الجلسة، سينضمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الحادية عشرة إلا خمس دقائق ليشارك في الصورة التذكارية التي ستُتخذ على درج الحديقة الخلفية للقصر الجمهوري، قبل انعقاد الجلسة عند الحادية عشرة برئاسة رئيس الجمهورية.
لجنة البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ لجنة وزارية تتراوح بين 6 الى 8 وزراء ستشكّل في الجلسة وتكلّف إعداد البيان الوزاري الذي ستطلب على اساسه هذه الحكومة ثقة المجلس النيابي في اسرع وقت ممكن.
وكشفت مصادر وزارية لـ “الجمهورية”، انّ فريق ميقاتي صاغ مسودة مشروع للبيان الوزاري، ليكون مادة اولية ينطلق منها النقاش لإعداده في اسرع وقت ممكن، وسط اعتقاد أنّ ذلك سيكون ممكناً خلال 10 ايام على الأكثر.
عناوين البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ البيان الوزاري سيكون مختصراً جداً، ويستعير في فصوله الأساسية “خريطة الطريق” التي قالت بها “المبادرة الفرنسية”، لجهة الحديث عن أولويات مواجهة حاجات الشعب اللبناني الى المحروقات والادوية والخبز، وسبل مواجهتها، بما فيها الخطوات اللازمة لمواجهة تداعيات رفع الدعم المنتظر في الايام القليلة المقبلة.
كذلك سيتناول البيان الوزاري الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والنقدية، انطلاقاً من بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات الدائنة والمانحة، وإقرار الاصلاحات المتصلة ببعض مشاريع القوانين، من بينها السعي الى اقرار بعض القوانين المالية، ومنها إحياء الحديث عن قانون “الكابيتال كونترول” وتلك المتصلة بقطاع الطاقة والكهرباء، وفق الخطط المستعجلة التي نوقشت في مؤتمرات باريس وفي زيارة الموفدين الفرنسيين الى بيروت، كما بالنسبة الى مشروع بطاقة “دعم”، وتلك الخاصة ببرنامج الفقر الذي تشرف على إدارته وزارة الشؤون الاجتماعية.
أما في الشق السياسي، فسيركّز البيان على ضرورة السعي الى استعادة الثقة الدولية بلبنان وعلاقاته السابقة وإحياء الديبلوماسية اللبنانية، لإعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية والغربية والخليجية ومنها المملكة العربية السعودية تحديداً. اما بالنسبة الى ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” فسيصار الى استنساخها من بياني حكومتي دياب والحريري الأخيرتين كما كانت بنصها الحرفي من دون اي عقدة. مع العلم انّ هذا البند لم يعد يتعرّض لأي انتقاد منذ خروج حزب “الكتائب اللبنانية” من الحكومات المتعاقبة بعد حكومة الرئيس تمام سلام التي شُكلّت قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان بأشهر قليلة، وأدارت فترة الشغور الرئاسي على مدى 29 شهراً، ومن ثم منذ بداية عهد الرئيس عون حتى تشكيل هذه الحكومة.
وفي شق منه، سيشدّد البيان على ضرورة توفير الظروف المالية والادارية والامنية المؤدية الى إجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية المقرّرة في ربيع 2022 . كما سيشدّد على رعاية التحقيقات العدلية الجارية في تفجير مرفأ بيروت واعادة إعماره، وصولاً الى إجراء التشكيلات والمناقلات القضائية في اسرع وقت ممكن، كما بالنسبة الى التشديد على التزام لبنان القرارات الدولية ذات الصلة بالقضايا التي تعني الجنوب ومختلف اختصاصاتها، بما فيها القرار 1701 وضبط الحدود البرية والبحرية والجوية.
الحلبي
وفي هذا السياق، أكّد وزير التربية عباس الحلبي لـ”الجمهورية”، انّه “يفترض ان لا يستغرق إعداد البيان الوزاري وقتاً طويلاً، لأنّ البلد في الويل وليس لدينا ترف الوقت”، لافتاً الى “انّ إقرار البيان ونيل الثقة ينبغي أن يحصلا سريعاً، حتى نباشر العمل”.
واعتبر انّ “ليس أمام الحكومة سوى خيار النجاح”، مشيراً الى “انّ الناس يعانون من هموم قاسية وهم محقّون في استعجال معالجتها، لكن عليهم في الوقت نفسه ان يعطونا فرصة والتمهّل في إصدار الأحكام علينا”.
الحاج حسن
وأبلغ وزير الزراعة عباس الحاج حسن الى “الجمهورية”، انّه بدءاً من اليوم ستعكف اللجنة التي سيشكّلها مجلس الوزراء على وضع البيان الوزاري، مشيراً الى “انّ المرحلة التي وصلنا اليها من الانهيار تحتّم الإسراع في إنجازه”.
وشدّد على “انّ إقرار البيان ونيل الثقة من مجلس النواب يجب أن لا يستغرقا اكثر من اسبوعين، لأنّ الوضع دقيق والوقت ثمين ولا يجوز بتاتاً التفريط به”. واستبعد ان تكون هناك نقاط خلافية مستعصية على المعالجة خلال النقاش حول البيان، لافتاً الى “انّ مجرد حلّ عقدة العِقد، اي تشكيل الحكومة، يُبين أنّ هناك قراراً متخذاً بالتسهيل سيسري حكماً على البيان الوزاري، وبالتالي اظن انّ كل الأمور المتعلقة به ستكون مسهلة”. واكّد “انّ الحكومة محكومة بالنجاح في مهمة لجم الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتقليص تداعياته، لأنّ البديل هو الانزلاق الى نحو قعر أعمق للهاوية”.
تأجيل اجتماع للجنة الدعم
على صعيد متلازم، قالت مصادر وزارية، انّ تشكيل الحكومة الجديدة أرجأ اجتماعاً كان مقرراً ان يُعقد اليوم بين وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية في الحكومة السابقة، وممثلي البنك الدولي والمؤسسات الاممية المهتمة ببرنامج مواجهة الفقر وبطاقة الدعم التمويلية، الى مرحلة لاحقة، في انتظار ان يتسلم الوزير الجديد هيكتور حجار مهماته الوزارية من سلفه.
مواقف محلية ودولية
وعلى صعيد المواقف الداخلية، يتحدث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف مساء اليوم، حول آخر التطورات والمستجدات.
ويُنتظر ان يتناول في جانب من حديثه الحكومة والمهمات التي تنتظرها وموضوع سفن المحروقات الايرانية الآتية الى لبنان ومجمل الاوضاع الداخلية وعلى مستوى المنطقة.
وفي المواقف الدولية، أكّد الاتحاد الأوروبي دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان. وقال في تصريحات لوكالة “رويترز”، أنّه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته في مواجهة الأزمات التي يعانيها.
وقالت المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية في بيان: “يرحّب الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن توقيع الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي على مرسوم تشكيل حكومة في لبنان يوم الجمعة الماضي”. وأضافت: “لقد تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية، وزادت من الصعوبات الحالية بسبب شلل القوة ونقص الوقود، لذلك على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنّى من دون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
ودعا الاتحاد الأوروبي الى ضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل “بطريقة حرة ونزيهة وشفافة”.
واضاف: “في هذا الصدد نرحّب بتصريح رئيس الوزراء ميقاتي، وعزمه على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدّد، فنحن نقف إلى جانب لبنان في جهوده للتغلّب على التحدّيات التي تواجهها البلاد”.
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامة، في تقريرها اليومي، حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 785 اصابة جديدة (759 إصابة بين المقيمين و26 حالة بين الوافدين) ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط 2020 إلى 613498 اصابة. كذلك تمّ تسجيل 11 وفاة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيّات إلى 8192 حالة.
=====================
مصدر الخبر