اللقاء الطرابلسي الوطني وضع النقاط على الحروف النافرة

Advertisement
اعتقد هؤلاء أنهم قادرون على منع الذين كانوا على مدى سنوات يلعبون دور “الاطفائجي”، وبالأخص في عاصمة الشمال، من القيام بهذا الدور الإنقاذي لما تمثّله هذه المدينة من عراقة تاريخية ومن مثال يُحتذى في التعايش الأخوي بين جميع مكونات عائلاتها الروحية.
فالبيان الذي صدر عن اللقاء، الذي دعا إليه الرئيس نجيب ميقاتي، ابن طرابلس، الذي لم يترك مدينته وناسها الطيبين في أحلك الظروف للعابثين بأمنها وهنأ عيش أبنائها، جاء كردّ طبيعي على “الحرتقجيي”، الذين لا “شغلة ولا مشغلة” لديهم سوى فبركة الأخبار في الغرف السوداء، التي تشبه ما في ضمائرهم ووجدانهم، وقال لجميع الذين حاولوا أن يلعبوا على وتر بعض الغرائز “أن خيّطوا بغير هذه المسّلة”. فالرئيس ميقاتي موجود بين ناسه وأهل مدينته منذ أن آل على نفسه التعاطي في الشأن العام من زوايا غير تقليدية ومختلفة عمّا كان سائدًا في الماضي، وهو ليس في حاجة إلى أي لقاء لكي يعود إلى الحياة السياسية من بوابتها الطرابلسية عبر لقاء حاول هذا البعض تشويه مقاصده الحقيقية، والتي أوضحت معالمها المواقف الذي تضمّنها البيان الختامي، وما سبقه من كلمات رفضت تشويه الحقائق، ووضعت الأمور في نصابها الطبيعي.
فانعقاد هذا اللقاء الوطني الجامع وبهذا الحجم، وإن عُقد في دارة الرئيس ميقاتي في مدينة الميناء، مدينة العيش الواحد، وبدعوة منه، جاء كردّ طبيعي على قطع الطريق على محاولات تشويه حقائق مراميه وأهدافه، والتي جاءت معالمها واضحة في بيان دعا إلى إبعاد مدينة التعايش عن الفتن الطائفية والمذهبية، وإلى العمل على تجنيبها ما يسعى إليه بعض المارقين والقابعين في ظلمات التقوقع والعنصرية.
فأبناء طرابلس ليسوا في حاجة إلى أحد ليعطيهم دروسًا في الوطنية، وهم أشدّ حرصًا على وحدتهم من أي طارئ على مدينتهم، التي عانت من الحرمان طوال سنوات، وهي التي عانت ما عانته خلال فترات متقطعة من الأحداث المفتعلة بين أحيائها لغايات في نفوس أكثر من “يعقوب”، وهي غايات باتت مكشوفة، ولم تعد تحتاج إلى براهين عن هوية العابثين بأمنها بالأمس البعيد كما بالأمس القريب.
فأهل طرابلس أدرى بشعابها، وهم يعرفون تمام المعرفة من يريد مصلحة مدينتهم ومن يعمل على تمزيقها وإبقائها معزولة عن الحركة الإنمائية، التي لحظها اتفاق الطائف بالتساوي بين كل المناطق اللبنانية من ضمن تفعيل العمل لإقرار قانون اللامركزية الإدارية، الذي من شأنه أن يعيد التوازن الإنمائي إلى الشمال والجنوب والبقاع وجبل لبنان بكل أقضيته. وهذا ما طالب به البيان – الإعلان.
فما بعد اللقاء الوطني في دارة الرئيس ميقاتي وما صدر عنه من مواقف ليس كما قبله من حيث تصويب بوصلة الأحداث، التي لها صلة مباشرة بالتطورات المسارعة في العمق السوري، خصوصًا لجهة تحييد الشمال وعاصمته بالتحديد عن تأثير هذه الأحداث على الواقع الشمالي والطرابلسي، وتحصينه بكل الوسائل الممكنة، التي من شأنها أن تبعد عنه شبح الفتن والأزمات، التي يحاول بعض النافخين في أبواقها نقلها من الخارج إلى الداخل.
باختصار جاء هذا اللقاء وما صدر عنه من مواقف ليؤكد أن الرئيس ميقاتي كما الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام ليسوا في حاجة إلى أي لقاء أو مبادرة لكي يعودوا إلى الحياة السياسية، وهم الذين يعتبرون أن التعاطي بالشأن العام هو أن يكون المسؤول في أي موقع كان بين أهله وناسه.
فالمجتمعون في مدينة طرابلس، “مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوطنية الحقة والعروبة الأصيلة والعيش المشترك والواحد، والتي سبق أن عانت من أحداث مؤسفة وظلم وتهميش في مراحل متعددة من تاريخها الحديث، وانطلاقاً من التجربة اللبنانية المريرة في الاقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق وعانى منه لبنان، توجّهوا في “إعلان طرابلس” إلى الأشقاء السوريين، وكذلك الى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورط من جديد في مواجهات أهلية عنفية، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤدي إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان. ولا بد ايضا من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الانتقام. فالانتقام لا يولّد الا الانتقام والفوضى والاحقاد”.
فبهذه الروحية الوطنية والطرابلسية عُقد لقاء طرابلس، وبهذه الروحية يمكن مواجهة أعداء لبنان وجميع الذين لا يريدون له الخير، سواء أكانوا من الخارج أو من الداخل.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook