هكذا غيّر العصر تقاليد رمضان في لبنان (صور)

Advertisement

مبادرات فردية وجماعية
وعلى الرغم من الاوضاع الصعبة التي يمرّ بها اللبنانيون، إلا أنّ صورة القرى الرمضانية التي تملأ شوارع بيروت وطرابلس وعكار وعددا آخر من القرى عكست روح الصمود التي يتمتع بها هذا الشعب، خاصة وأنّ معظم هذه القرى بُنيت بجهود إمّا فردية من قبل أشخاص ميسورين، أو من خلال تعاون كبير بين الجمعيات الاقتصادية والاجتماعية والبلديات وسكان القرى، حيث ترجم هذا التعاون بإنشاء قرى رمضانية تستقبل مئات وآلاف الأشخاص، بالاضافة إلى تحويل هذه القرى إلى مصدر رزق على مدار هذا الشهر الفضيل، إذ يقوم اللبنانيون باستئجار كوخ صغير داخل هذه القرى حيث يتم عرض المنتجات المحلية، أو تقديم خدمات الطعام خلال فترة الافطار، وهذا ما تشهده بيروت على سبيل المثال، إذ يؤكّد أحد القائمين على إحدى القرى الرمضانية أن بيروت لوحدها تستقبل يوميا أكثر من 5000 زائر من اللبنانيين، هذا عدا عن الزوار الذين فقط يقصدون المطاعم للإفطار.

وأشار لـ”لبنان24″ إلى أنّ هذه القرى حرّكت العجلة الاقتصادية في العاصمة، حيث تقوم الجهات المعنية بجولات رقابية دائمة على الأسعار لضمان حماية المستهلك، لافتًا إلى أنّ المدينة تنبض فعليا بالحياة بعد أشهر من صور القصف والنار والدمار التي قتلت روح البهجة داخلها.

ومن بيروت إلى طرابلس، لم تتوان جمعية تجار لبنان الشمالي عن دعم أنشطة رمضان ، من خلال تزيين الشوارع بحلل مميزة، وهذا ما يميز لبنان عن باقي الدول العربية، إذ تولي الجهات المعنية اهتماما خاصا بالزينة الرمضانية حيث تضاء الشوارع والساحات العامة بالفوانيس والهلال والزينة الرمضانية الملونة المتنوعة الأحجام والاشكال.
وعلى الرغم من تغير العصر، فمع قدوم شهر رمضان المبارك، تتجدد في لبنان بعض العادات والتقاليد الرمضانية القديمة التي تأبى الاندثار رغم تغير الأحوال الاجتماعية وهجرة الشباب وضعف الروابط الأسرية. في مدن كصيدا وطرابلس، لا تزال الفرق الصوفية تحيي ليالي رمضان بمواكب جوالة تجوب الشوارع، تصدح فيها الأناشيد والقصائد الدينية والمدائح النبوية، وسط أجواء تعبق بالروحانية والفرح. هذه الفرق، التي لطالما كانت جزءًا من المشهد الرمضاني، تضفي لمسة من الأصالة والحنين إلى زمن كانت فيه الأحياء تكتسي بحلة رمضان التقليدية، حين كان الشهر الفضيل مناسبة لتعزيز أواصر المحبة والتواصل بين الأهالي.

ومن بين التقاليد التي لا تزال حاضرة، رغم التغيرات الحياتية، ما يُعرف بـ”سيبانة رمضان”، وهي عادة متوارثة في بيروت، حيث تخصص العائلات نزهة على شاطئ العاصمة في الأيام الأولى من الشهر، يجتمعون خلالها حول موائد غنية بالمأكولات التقليدية والحلويات، احتفالًا بقدوم رمضان. ورغم أن الزمن أحدث تحولًا كبيرًا في أنماط الحياة، فإن بعض الطقوس الرمضانية لا تزال عالقة في الوجدان، كظاهرة “المسحراتي”، ذلك الرجل الذي كان يجوب الشوارع بطبلته لإيقاظ الصائمين في وقت السحور، مرددًا عباراته الشهيرة: “اصحى يا نايم وحّد الدايم… رمضان كريم”.

ومع أن هذه العادة شهدت تراجعًا كبيرًا واقتصرت على بعض القرى والمدن الصغيرة، فإن مظاهر التكافل الاجتماعي في الشهر الفضيل لا تزال حاضرة بقوة. ففي مختلف المناطق اللبنانية، تقوم الجمعيات الخيرية بإعداد “موائد الرحمن” لإفطار الفقراء والمحتاجين، بينما يحرص البعض على توزيع وجبات “إفطار صائم” على المارة، لترسيخ قيم العطاء والتضامن في هذا الشهر الذي يحمل معاني الرحمة والمودة.






مصدر الخبر
للمزيد Facebook