شتوة تحبس اللبنانيين لساعات بشكل مذل..وعود التحقيق اسطوانة مشروخة

Advertisement
الفضيحة ليست في الأمطار، بل في دولة لم تتعلم من أخطائها، في مسؤولين يختبئون خلف التصريحات والتبريرات، في صفقات مشبوهة لمتعهدين احترفوا الغش تحت مظلة المحسوبيات. فكيف لدولة تتمتع بـ”سيادة” أن تعجز عن تنظيف مجاري تصريف المياه؟ كيف لنظام يتفنن في فرض الضرائب والرسوم أن يفشل في تأمين بنية تحتية تصمد أمام أوّل اختبار طبيعي؟ كل عام، يدفع اللبنانيون ثمن الإهمال، لكن الفاتورة لا تُرسل إلى الفاعل الحقيقي، بل إلى الشعب المقهور، الذي لا يجد من يحاسب لصوص المشاريع الوهمية، ولا من يزجّهم في السجون التي تُفتح فقط لـ “غير المدعومين”. فإلى متى يبقى المواطن رهينة غرقٍ موسمي، ومتى يغرق هذا “الفساد” في مستنقع محاسبة لا نجاة منه؟
وكأن اللبنانيين لا ذاكرة لهم، أو كأنهم مجرد متلقّين لأخبار حفظوها عن ظهر قلب! رئيس الحكومة نواف سلام، على وقع السيول التي اجتاحت الطرقات وشلّت حركة المواطنين، بادر إلى الاتصال بوزير الأشغال مستوضحًا، ثم طلب فتح تحقيق “فوري” لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين! ولكن… هل سمعنا هذا الكلام من قبل؟ نعم، ومرات لا تُحصى في كل كارثة، تنطلق عبارات “التحقيق الفوري”، وكأنها مفتاح الحل، ثم تُدفن النتائج في أدراج النسيان، أو تخرج بصيغة “لا أحد مسؤول”، أو على الأكثر، ولو أنّها لا تحصل دائما، يُضحّى بموظف صغير ليُغلق الملف. فمن يصدّق بعد اليوم أنّ هناك تحقيقًا جديًا سيطال المتعهدين الفاسدين، أو المحسوبيات التي سهّلت لهم هدم البنية التحتية بدل بنائها؟ ومن يجرؤ على الاعتقاد بأن دولة تتقن التهرب من المحاسبة ستفاجئنا هذه المرة بعقوبات تطال الرؤوس الكبيرة بدل أن تنتهي بعبارة “عطلٌ تقني خارج عن السيطرة”؟
اللبنانيون لم يعودوا ينتظرون نتائج “تحقيقات الطوارئ”، لأنهم يعرفون مسبقًا أن القصة ستنتهي كما بدأت: فوضى، غضب، وعود، ثم نسيان… إلى “الشتوة” المقبلة!

وفي إيجاز لمشهد أمس، فمنذ الساعة الواحدة ظهرًا، تحوّلت العاصمة بيروت ومحيطها إلى سجن مفتوح للسيارات والمواطنين العالقين وسط فوضى مرورية خانقة. الطرقات الرئيسية شُلّت تمامًا، وامتدت الطوابير الطويلة من المركبات حتى وصلت إلى الأوتوستراد الساحلي باتجاه الشمال، فيما غاب أي أثر للقوى الأمنية، خاصة بين العدلية والحازمية”.

في الحازمية، المتحف، سن الفيل، طريق المرفأ، جسر الرينغ باتجاه الأشرفية، وحتى السيتي سنتر، لم تكن المشكلة مجرد زحمة سير. هنا، اختفت الطرقات تحت مياه السيول، وغرق الناس في مشهد يليق بأفلام الكوارث، لا بمدينة من المفترض أن تكون عاصمتها مجهّزة لمواجهة الأحوال الجوية العادية، إلا أنّ ما هو افظع حسب الصور التي انتشرت، هي كميات النفايات التي لفظتها المجاري المائية، وهذا ما يعبّر مجددًا عن مسؤولية المواطنين الذين يدفعون في مكان ما أيضا ثمن أفعالهم التي ترتد عليهم.
بالتوازي، وحسب خبير جوي تواصل معه موقع “لبنان 24″، فإن المناطق التي شهدت زحمة سير خانقة، تلقت أكثر من 20 ملم من الأمطار في وقت قياسي، وهو أمر نادر الحدوث، خاصة في الدكوانة ومحيطها، حيث تشكلت خلية رعدية أمطرت بغزارة شديدة. ومع ارتفاع درجات الحرارة، أصبحت قطرات المطر أكبر حجمًا، ما زاد من سرعة تراكم المياه، وهذا ما يفسّر العامل الطبيعي لمشهد أمس.




مصدر الخبر
للمزيد Facebook