مع ارتفاع عدد الوفيات بالذبحة القلبية.. هل كورونا هي السبب؟

كتبت ندى عبد الرزاق في “الديار”: شهدت الساحة الطبية والبحثية في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً، لا سيما في ما يتعلق بظاهرة الموت المفاجئ بين الشباب، حيث ارتفع عدد الحالات الموثقة التي يُصاب بها هؤلاء بالجلطات القلبية أو السكتات الدماغية دون سابق إنذار. هذا الموضوع أصبح مثار جدل عالمي، وبخاصة في لبنان، حيث تكثفت النقاشات حول احتمال وجود علاقة بين هذه الظواهر ولقاحات كوفيد-19 ، التي تم توزيعها على نطاق واسع في فترة الجائحة.
ومن هذا المنطلق، سلط رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى رزق البروفيسور جورج غانم الضوء على النقاط الرئيسية التي يجب أن يفهمها الناس حول هذا الجدل، وبذلك عرض الحقائق الطبية والعلمية المتعلقة بهذا الموضوع، ليبين لهم الفرق بين القلق المبالغ فيه، والمعلومات الصحيحة والموثوقة.
يوضح البروفيسور غانم أنه لا بد من تسليط الضوء على نقطة هامة يجب أن ينتبه إليها الناس، لأنها قد تُنسى أحيانا، وبالتالي ينبغي أن نضع أنفسنا في الصورة التي كنا فيها أثناء عامي 2020 و2021، عندما كان وباء كوفيد-19 في أوجّه، ناهيكم عن الرعب الذي عاشته جميع المجتمعات حول العالم، حيث أغلقت دول ومدن بكاملها إثر هذه الجائحة، وكان الناس يلتزمون المنازل في حالة من الذعر، بل وصل الأمر إلى أن الفرد بات يتجنب الاحتكاك بالآخرين أو حتى المصافحة.
ويضيف “من هنا، لا ينبغي مقارنة الكوفيد بلقاح كورونا، لأن كوفيد-19 كان مرضا خطرا جدا ، وكان هو بحد ذاته يقتل، لأن هذا الفيروس كان يُؤذي ويُلحق الضرر برئة الإنسان حتى يتوقف الأوكسجين عن الوصول إليها، مما يُعيق عملية التنفس، بل كان يؤثر في الجهاز الدوري المسؤول عن نقل الدم والأوكسجين والمواد المغذية في الجسم عبر شبكة الأوعية الدموية، التي تشمل الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية. في المقابل، يجب أن نعلم أن جدار الشرايين ليس كما يتصوره البعض، حيث يظنونه مجرد أنبوب فارغ بلا وظيفة، بل هو بنية حيوية نشطة تنفذ العديد من الوظائف المهمة في الجسم، فهو يفرز هرمونات ومواد قد تكون نافعة أو ضارة، وأي خلل في عمله قد يؤدي الى إفراز مواد سامة تسبب التجلط أو نقص الأوكسجين أو تصلب الشرايين، مما ينتج منه “الإسكيميا”، أي نقص التروية الدموية في جزء من الجسم، وهو ما يعوق وصول الأوكسجين والمواد المغذية اللازمة لخلايا الأنسجة”.
ويتابع “بالعودة إلى مسألة اللقاح، فقد أنقذ الإنسانية وخلصها من هذا الوباء، وساهم في تمكين الأفراد والمجتمعات من الحصول على المناعة. ومع مرور الوقت، توسعت دائرة المناعة المجتمعية لأن اللقاح تم تلقيه على مراحل، مما ساعد في تقليل انتشار الفيروس، وخلق شبكة حماية حدّت من امتداده وخففت من قوته كما كان الحال في بداية ظهوره، فأصبح يشبه فيروس الرشح”.
وينوّه إلى أن “اللقاح مثل أي دواء، وبخاصة أنه لقاح معقد وجديد، تم ابتكاره بطريقة عبقرية ومبتكرة، لكن من المؤكد أن له آثارا جانبية، ورغم أن هذه التبعات قد تكون صحيحة، إلا أنه لا توجد حالات متنوعة في العالم تم توثيقها علميا بشكل قاطع. لكن من الواضح أن العالم الطبي لاحظ زيادة في أنواع الجلطات الدماغية أو الذبحات القلبية أو مشاكل الشرايين بعد حملات التطعيم. ورغم ذلك، أؤكد أنه لا يمكن مقارنة نسبة المشكلات والجلطات التي شهدناها بمرض كوفيد”.
ويختم البروفسورغانم حديثه قائلاً: “مع مرور الوقت، يمكن للطب من خلال الدراسات والحالات أن يؤكد أو ينفي هذه الأمور، التي لا تزال مبنية على الملاحظات وليست على الأبحاث العلمية. وفي النهاية، يبقى كوفيد أزمة حقيقية أسفرت عن العديد من الوفيات، وولّدت اعراضاً صحية في الشرايين والجلطات، لذا فإن اللقاحات تحمينا من هذه الأمراض، رغم أن هناك احتمالا ضئيلا لوجود علاقة بينها وبين حدوثها”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook