من المسؤول عن إخراج لبنان من دوامة أزماته؟
![](/wp-content/uploads/2025/02/من-المسؤول-عن-إخراج-لبنان-من-دوامة-أزماته؟.jpg)
Advertisement
فتل أبيب التي أعادت لبنان سنوات إلى الوراء عندما استهدفت الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من بيروت لم تنسَ، على ما يبدو، المواقف التي اتخذها ضدها الرئيس سلام يوم كان مندوبًا للبنان في الأمم المتحدة، ويوم كان رئيسًا لمحكمة العدل الدولية، وهو الذي اتخذ قرارًا بإدانة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على الجرائم الإنسانية التي ارتكبها في قطاع غزة. ومما لا شك فيه أن تأخير الانسحاب الإسرائيلي من كل شبر محتل من الأراضي اللبنانية المحتلة من شأنه أن ينعكس سلبًا على الداخل اللبناني لجهة ما يمكن أن يكون له تأثير مباشر على “التقليعة” الحكومية، وبالأخص أنها أول حكومة في عهد يُعقد عليه الكثير من الآمال. وهذا لا يعني بالضرورة أن الخطوات الأولى للحكومة ستكون متعثرة على عكس ما كان متوقعًا بدءًا من استحقاق البيان الوزاري ومرورًا بجلسة الثقة وانتهاء بما يمكن أن تحققه من إنجازات مطلوبة من العهد.
ولكن إذا لم تنسحب إسرائيل من كل شبر لا تزال تحتله جنوبًا في 18 شباط الجاري فإنها تكون بذلك قد أفشلت أولى خطوات الحكومة العتيدة، التي ستضمّن حتمًا بيانها الوزاري ما تعّوله على الضغط الدولي لتأمين انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل في التاريخ المحدّد. فهذا الاحتمال يبقى واردًا في حسابات الربح والخسارة لدى الرئيس سلام، الذي يعرف أكثر من غيره إلى أي مدى يمكن أن تبلغه إسرائيل في تحدّي الإرادة الدولية، وهي التي اعتبرت قرار المحكمة الدولية كأنه لم يكن، وبقيت تتصرّف كأن شيئًا لم يحصل، وهي تتصرّف في البلدات والقرى التي لا تزال تحتلها كأن لا حسيب ولا رقيب عليها. ويضاف على هذه التصرفات استهداف أكثر من منطقة لبنانية في الجنوب والبقاع باعتداءات صاروخية. وهذا من شأنه أن يزيد المحللين اقتناعًا بأن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب بالكامل من آخر شبر محتل في 18 الجاري.
فالحديث عن إمكانية بقاء الجيش الإسرائيلي في خمس تلال لبنانية تعتبرها تل أبيب حيوية بالنسبة إلى أمن مستوطناتها الشمالية ستكون له تداعيات خطيرة على الداخل اللبناني، خصوصًا إذا اقترن هذا الحديث بترجمة فعلية على أرض الجنوب، بحيث تُضاف هذه التلال التي ستبقى تحت نير الاحتلال إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، وستعطي “المقاومة الإسلامية” مشروعية تحريرها. وهذا يعني حتمًا العودة إلى لغة النار والبارود، وإلى معاودة “سمفونية” التراشق الصاروخي، مع ما يعنيه ذلك من تكرار تجربة ما قبل 27 تشرين الثاني. وهذه العودة ستنعكس حتمًا على واقع الحكومة العتيدة وعلى الخطوات الأولى للعهد، التي يبدو أنها ستكون محكومة بما يجري في المنطقة من تطورات، ومن بينها ما يصرح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مستقبل فلسطينيي قطاع غزة، ولاحقًا عن فلسطينيي الضفة الغربية، إضافة إلى الاندفاعة الصاروخية للرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في اتجاه الدول العربية من جهة، وفي اتجاه تركيا من جهة ثانية.
ولأن العهد الجديد قد حُمّل الكثير من الآمال فإن خيبات الأمل قد تكون أشد وقعًا مما كان عليه الوضع قبل 9 كانون الثاني، على أن يبقى التعويل على الدعم العربي والدولي في طليعة ما يمكن الرهان عليه لإخراج لبنان من دوامة أزماته.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook